ترجمة الإمام قال الشاطبي : وحمزةُ ما أزكاهُ من تُورِّعٍ إماماً صبوراً للقُرآنِ مرتِّلا روى خَلَفٌ عنه وخلادٌ الذي رواه سُليمٌ متقناً ومُحصَّلا الإمام الثاني من أئمة الكوفة حمزة بن حبيب الزيات . اسمه : حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الكوفي التميمي . كنيته : أبو عمارة . مولده : ولد سنة ثمانين وأدرك الصحابة بالسن ، فيحتمل أن يكون رأى بعضهم فيكون تابعي من التابعين . وفاته : توفي سنة ست وخمسين ومائة بحلوان « مدينة في آخر سواد العراق » عن ست وسبعين سنة . أحد الأئمة السبعة ، ويعرف بالزيات لأنه كان يجلب الزيت من العراق إلى حلوان ويجلب الجبن والجوز منها إلى الكوفة . كان حمزة إمام الناس في القراءة بالكوفة بعد عاصم والأعمش ، وكان ثقة حجة ، قيماً بكتاب الله تعالى ، بصيراً بالفرائض ، عارفاً بالعربية ، حافظاً للحديث. قال له أبو حنيفة يوماً : شيئان غلبتنا فيهما لا ننازعك في واحدٍ منها ، القرآن ، والفرائض . وكان شيخه الأعمش إذا رآه مقبلاً يقول : هذا حبر القرآن ، ورآه يوماً مقبلاً فقال : وبشر المحسنين . وقال سفيان الثوري : ما قرأ حمزة حرفاً من كتاب الله إلا بأثر . وكان خاشعاً متضرعاً ، مثلاً يحتذى في الصدق والورع ، والعبادة والتنسك والزهد في الدنيا ، لا يأخذ على تعليم القرآن أجراً . جاءه رجل قرأ عليه من مشاهير الكوفة فأعطاه جملة دراهم ، فردها إليه وقال له : أنا لا آخذ أجراً على القرآن أرجو بذلك الفردوس الأعلى . قال يحيى بن معين : سمعت محمد بن فضيل يقول : ما أحسب أن الله تعالى يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة . وقال جرير بن عبد الحميد : مرَّ بي حمزة الزيات في يوم شديد الحر ، فعرضت عليه الماء ليشرب فأبى لأني كنت أقرأ عليه القرآن . وروى عن حمزة أنه كان يقول لمن يبالغ في المد وتحقيق الهمز لا تفعل . أما علمت أن ما فوق البياض فهو برص ، وما كان فوق الجعود فهو قطط ، وما كان فوق القراءة فليس بقراءة . قرأ على أبي محمد سليمان بن مهران الأعمش – وعلى أبي حمزة حمران بن أعين – وعلى أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ، وعلى محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعلى طلحة بن مصرف ، وعلى أبي عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب . وقرأ الأعمش ، وطلحة على يحيى بن وثاب الأسدي ، وقرأ يحيى على أبي شبل وعلقمة بن قيس وعلى ابن أخيه الأسود بن يزيد وعلى زر بن حبيش ، وعلى زيد بن وهب وعلى عبيدة بن عمرو السلماني وعلى مسروق بن الأجدع . وقرأ حمران على أبي الأسود الدؤلي وعلى محمد الباقر وعلى عبيد بن فضيلة . وقرأ أبو إسحاق على أبي عبد الرحمن السلمي وعلى زر بن حبيش وعلى عاصم بن حمزة ، وقرأ عاصم والحارث على علي . وقرأ جعفر الصادق على أبيه محمد الباقر ، وقرأ الباقر على أبيه زين العابدين ، وقرأ زين العابدين على الحسين وقرأ الحسين على أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين .
العودة للفهرس أشهر من روى قراءته وروى عنه القراءة أُناس لا يحصيهم العد منهم سليم بن عيسى وهو أضبط أصحابه وسفيان الثوري والكسائي علي بن حمزة ، ويحيى بن المبارك اليزيدي ويحيى بن زياد . وأشهر من روى قراءته خلف وخلاد . العودة للفهرس خلف اسمه : خلف بن هشام بن ثعلب بن خلف الأسدي البغدادي البزاز . كنيته : أبو محمد . مولده : ولد سنة خمسين ومائة . وفاته : توفي سنة تسع وعشرين ومائتين . اختار لنفسه قراءة فكان أحد القراء العشرة . حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين ، وابتدأ في طلب العلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة . كان ثقة كبيراً عالماً زاهداً عابداً ، روي عنه أنه قال : أُشكل عليَّ باب في النحو فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حفظته ووعيته . قال ابن أشته : كان خلف يأخذ بمذهب حمزة إلا أنه خالفه في مائة وعشرين حرفاً في اختياره ، وقد تتبع ابن الجزري اختياره فلم يره يخرج عن قراءة الكوفيين ، بل ولا عن قراءة حمزة والكسائي وشعبة إلا في قوله تعالى : ( وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ ) بالأنبياء فقرأ كحفص . روى الحروف عن إسحاق بن المسيبي وإسماعيل بن جعفر ويحيى بن آدم ، وسمع من الكسائي الحروف ولم يقرأ عليه القرآن بل سمعه يقرأ القرآن إلى خاتمته فضبط ذلك عنه . أخذ القراءة عرضاً عن سليم بن عيسى وعبد الرحمن بن حماد عن حمزة ، وعن أبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري عن المفضل الضبي . وروى القراءة عنه عرضاً وسماعاً أحمد بن إبراهيم وراقد وأخوه إسحاق بن إبراهيم ، وإبراهيم بن علي القصار ، وأحمد بن زيد الحلواني ، وإدريس بن عبد الكريم الحداد ، ومحمد بن إسحاق شيخ ابن شنبوذ وغيرهم . العودة للفهرس خلاد اسمه : خلاد بن خالد الشيباني الصيرفي الكوفي . كنيته : أبو عيسى . مولده : ولد سنة تسع وعشرين وقيل سنة ثلاثين ومائة . وفاته : توفي خلاد سنة عشرين ومائتين رحمه الله . وخلاد إمام القراءة ، ثقة عارف محقق ، أستاذ مجوّد ، ضابط متقن . روى القراءة عن حسين بن علي الجعفي عن أبي بكر ، وعن أبي بكر نفسه عن عاصم ، وعن أبي جعفر بن الحسن الرواسي وأخذ القراءة عرضاً عن سليم بن عيسى . روى عنه القراءة عرضاً ، أحمد بن يزيد الحلواني ، وإبراهيم بن علي القصار ، وعلي بن حسين الطبري ، وإبراهيم بن نصر الرازي ، والقاسم بن يزيد الوزان وهو أنبل أصحابه ، ومحمد بن فضل ، ومحمد بن سعيد البزاز ، ومحمد بن شاذان الجوهري وهو من أضبط أصحابه ، ومحمد بن عيسى الأصبهاني ، ومحمد بن الهيثم قاضي مكة وهو من أجلِّ أصحابه . خلف وخلاد من القسم الثاني من بينه وبين الإمام واحد . قرأ « خلف وخلاد » على سليم بن عيسى عن حمزة . العودة للفهرس منهج حمزة في القراءة 1- يصل آخر كل سورة بأول تاليها من غير بسملة بينهما . 2- يضم الهاء وصلاً ووقفاً في الألفاظ الثلاثة ( عَلَيْهِمْ – إِلَيْهِمْ – لَدَيْهِمْ ) . 3- يقرأ بالإشباع في المدين المتصل والمنفصل بمقدار ست حركات . 4- يقرأ بالسكت على ( أَثْلٍ وَشَيْءٍ ) ويقرأ من رواية خلف بالسكت على المفصول نحو ( عَذَابٍ أَلِيمٍ ) . 5- يسكن الهاء في ( يُودِّهِ إِلَيْكَ ) و ( وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ) و ( نُوْتِهِ مِنْهَا ) و ( فَالْقِهِ إِلَيْهِمْ ) . 6- يسكن ياءات الإضافة في ( قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا ) سورة إبراهيم ، و ( يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا ) الزمر ، ونحو ذلك . 7- يغير الهمز عن الوقف سواء كان في وسط الكلمة أم في آخرها نحو ( يُؤْمِنُونَ - يُنشِئُ ) على تفصيل . 8- يميل الألفات من ذوات الياء والألفات المرسومة ياء في المصاحف نحو ( الْهُدَى – اشْتَرَى - النَّصَارَى ) . ويميل الألفات في ( خَابَ – خَافُوا – طَابَ – ضَاقَتْ – زَاغَ – شَاءَ – حَاقَ - زَادَ ) ويقلل الألفات الواقعة بين راءين ثانيتهما متطرفة مكسورة نحو ( الأَبْرَار - الأَشْرَار ) . 9- يثبت الياء الزائدة في ( أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ ) في النمل ، ( رَبَنا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ) إبراهيم . 10- يدغم في رواية خلف . ذال « إذ » في « الدال » و « التاء » ومن رواية خلاد في جميع حروفها ما عدا « الجيم » . ويدغم من الروايتين دال « قد » في جميع حروفها ، وتاء التأنيث في جميع حروفها . ويدغم لام « هل » في الثاء في ( هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ) في المطففين . ولام « بل » في السين في ( بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ ) بيوسف ، وفي التاء نحو ( بَلْ تَأْتِيهِمْ ) . ويدغم الباء المجزومة في الفاء نحو ( وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ ) من رواية خلاد . ويدغم الذال في التاء في ( عُذْتُ – اتَّخَذْتُمْ - فَنَبَذْتُهَا ) والثاء في التاء في ( أُورِثْتُمُوهَا ) وفي ( لَبِثْتَ ) كيف وقعت . العودة للفهرس |