هل سينجح متعصبو مرسي وأبو الفتوح في إقصائهما معاً؟

أمير سعيد

لكل منهما، جمهور عريض من المؤيدين، والأكثرون عاقلون، ولكن بعضاً من هؤلاء هم من زمرة المتعصبين إلى درجة التشنج.. ربما قلة، لكنها مؤثرة.. هذه القلة تعمل الآن بغباء منقطع النظير على إطاحتهما معاً، وكل ساعة نجد انتقاداً جديداً، وتراشقاً أهوج بلغ حد الحماقة المفضية إلى إفساح الطريق أمام "الفلول"..


لكل منهما، جمهور عريض من المؤيدين، والأكثرون عاقلون، ولكن بعضاً من هؤلاء هم من زمرة المتعصبين إلى درجة التشنج.. ربما قلة، لكنها مؤثرة.. هذه القلة تعمل الآن بغباء منقطع النظير على إطاحتهما معاً، وكل ساعة نجد انتقاداً جديداً، وتراشقاً أهوج بلغ حد الحماقة المفضية إلى إفساح الطريق أمام "الفلول"..


يستفيد الإعلام "الفلولي" جيداً من هذه الحماقة، ويستثمرها.. يجد فيها مادة سهلة ناجزة وفيرة، وصيداً ثميناً يندر مثله في مثل هذه الظروف.. أخفق كثيراً في مهمة تشويههما.. لكن هؤلاء "الأعوان" ربما ينجحون في مهمتهم الخرقاء ومساندته..
وقد لا يحتاج أحد إلى تزوير ما دام هؤلاء يفضحون كل مستور، ويضخمون كل عيب، ويزرعون الشوك في طريق المشروع الإصلاحي برمته..
وصدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: "إن منكم منفرين"..


إن هذا التنفير، يتلقفه أهل النفير.. الإعلام المغرض، لا يلتقط من المساجلة غيره، تابعوا جيداً الإعلام الغربي، وتابعه العربي، ثم الأذيال في مصر، وهم لا "يتورطون" أبداً في توضيح مفردات برنامج هذا ولا ذاك، ولا يسترسلون في بيان مزايا برامجكما، بل هم معنيون فقط بالتراشق الإعلامي والسياسي الهابط بين متعصبي الفريقين.. إنها المادة التي يتلمسونها ويوفرها البعض بسذاجة منقطعة النظير، أو لأغراض دونية، أو لتعصب أعمى لا يرى في الكون خطراً سوى "خطر" رفقاء الدرب، ويضع غمامة سوداء على عينيه تحجب عنه رؤية كل محذور، وتطمئنه على مستقبل تتضافر قوى العالم حتى لا نراه مشرقاً ولا نجد بلدنا حراً مستقلاً.


بدهية يجب أن يستوعبها الجميع، بمن فيهم أولئك المتعصبون من هذا الطرف أو ذاك، ونصيحة مخلصة للجانبين، ينبغي أن تخرجوا فوراً من الزاوية التي تحشرون أنفسكم فيها.. أيها الشباب السلفي.. لم تختر قيادتكم د.أبو الفتوح لتنخرطوا في نقد الإخوان وخياراتهم واجتهاداتهم.. أيها الشباب الإخواني.. ليست معركتكم الحقيقية هي إسقاط د.أبو الفتوح.


أيها القادة والمفكرون من الطرفين ومن غيرهما.. تحسسوا مواضع أقدامكم، وانظروا ماذا ستصنعون غداً لو ضرب بخيار وحرية الشعب عرض الحائط، وعرقل مشروعكم بطريقة غير مشروعة.. كونوا جادين في الاستعداد السلمي السياسي لأسوأ الفروض ـ وأرجحها ربما ـ، وليكن معلوماً أن صمتكم على ما قد يحاك لمنافس سيطال غيره بالتأكيد.. فكونوا على قلب رجل واحد، وليكن الصراع داخل الصندوق وحده..


أقول هذا، وأنا لا أختصر الإصلاحيين في هذين الطرفين وإنما أوجه إليهما نصحاً خاصاً، كما أقولها ولست إلا واحداً من آحاد الناس.
إن ما يُلمس الآن من مزاج شعبي لا يبشر بخير في اتجاه وضوح الرؤية، ولدينا قطاع لا يستهان به من شعبنا الذي قام جزء منه بالثورة، مأسوراً لماضيه، ما زال يعاني من متلازمة (أو عقدة) ستوكهولم، التي تجعله يتعاطف مع خاطفيه من النظام الإجرامي السابق، ولم يزل لديه استعداد واسع لأن يضع القيد من جديد في يديه راضياً دون إكراه أو توجيه!


انسابوا في قرانا ونجوعنا، وبعض مدننا، وسترون أن ما تتناظرون أو تتناقشون من أجله لا يعدو كونه ترفاً فكرياً لا تنتظره اللحظة الآنية منكم أبداً، وأن أمامكم دوراً كبيراً في الأيام القليلة القادمة لكي تضعوا الشعب المصري كله على السكة الصحيحة، وأن تنتشلوه من ماضي الذل والقهر والاستبداد، وأن تعبروا معه ـ بأي ربان تختارونه ـ إلى شاطئ الأمان، مصر الجديدة، مصر الحرية والاستقلال.


لعلكم ستدركون متأخراً، أن الإعلام الرسمي وشبه الرسمي سيتخلى في أيامه الأخيرة عن قشرة الحيادية المدعاة، وسيعمل في النهاية على التحريش بين هذين المرشحين، وربما تعمد مناظرتهما معاً في الوقت الحرج، وسيفتح جميع الملفات الممكنة التي يحاول من خلالها، ولعلكم تشعرون الآن، التحول "الثوري" الواضح من تأييد د.أبو الفتوح إلى غيره، والصفحات الرئيسة لـ"شباب الثورة" تكشف عن ذلك بجلاء، وستجدون أن الفريق الآخر كله لديه استعداد هائل لتسوية خلافاته، ولو وصل أحد المرشحين "الإسلاميين" إلى الإعادة فستجدون التكتل واضحاً من جميع التيارات والقوى ضده، وربما تبين ذلك قبل الانتخابات بأيام.


وهذا كله، إن لم يحصل تلاعب؛ فإن حدث، فأنتم تعلمون جيداً لمن سيكون التلاعب، وضد من سيحدث، وحينئذ، سيكون على الجميع الاحتجاج، وربما سيكون من الملائم حينها أن يحصل التوافق بين الجميع؛ فهلا بدأتموه من الآن؟!
ليدع الجميع لمن يراه متسقاً مع قناعاته وتصوراته وقراءته للحاضر والمستقبل، ولكن عليه ألا يتعدى إلى التجريح في الآخرين، والنيل من تاريخهم وقاماتهم..


23/6/1433 هـ