زوجة الرئيس القادم !

لو أرادت زوجة رئيس مصر القادم أن تمارس السياسة أو البيزنس، فعليها أن تختار بين طموحها الشخصي وزواجها، فمصر بعد 25 يناير لن تقبل بوجود رئيس مواز على قمة السلطة حتى لو كان هذا الشخص هو زوجة الرئيس !


بصراحة لا يكفي النص في التعديلات الدستورية التي أعدتها لجنة صياغة الدستور على أن يكون رئيس الجمهورية مصريا هو ووالديه وغير مزدوج الجنسية بل يجب النص على أن تكون زوجته كذلك، حتى لا تتكرر المصائب التي ارتكبتها زوجة الرئيس في العهدين السابقين!

فلا أحد يريد أن تكون زوجة الرئيس القادم من أصول أجنبية أو مزدوجة الجنسية، حتى لا تمنح زوجها وأبنائها في السر جنسية أخرى، وحتى لا يشعر الرئيس وعائلته بالاستعلاء على الشعب والإحساس بعقدة الخواجة وأنهم جميعا من طينة أخرى غير طينة المصريين.


نريد أن تحظر التعديلات الدستورية على زوجة الرئيس القادم التدخل في شئون الحكم والسياسة، وألا يكون لها نشاط ثقافي أو اجتماعي أو خدمي من أي نوع، حتى لا يختلط الخاص بالعام، وحتى لا نعود مرة أخرى إلى دوامة الفساد والصفقات والحسابات السرية والعلاقة غير المشروعة بين السلطة والثروة.

لا نريد لزوجة الرئيس القادم أن ترأس أية جمعيات خيرية أو مؤسسات ثقافية أو مجالس قومية، ولا أن تمارس مهاما هي من صميم عمل أجهزة الدول، فهناك وزارات وأجهزة مسئولة عن الثقافة والصحة والشئون الاجتماعية ورعاية المرأة والطفل ومكافحة الفقر، ومن غير الطبيعي أن تكون زوجة الرئيس بجمعياتها وأنشطتها بديلا عن هذه المؤسسات.

لا نريد لزوجة الرئيس القادم أن ترتبط بعلاقة من أي نوع مع رجال الأعمال، ولا أن يكون لها نشاط في مجال البيزنس، ولا أن تتلقي تبرعات من الداخل والخارج بدعوى رعايتها للأعمال الخيرية، ولا أن تفتح حسابات في البنوك باسمها أو بأسماء وهمية لتلقي الهبات من العرب والأجانب، فقد تبين أن كل هذه وسائل خفية للإثراء غير المشروع.


لا نريد لزوجة الرئيس القادم أن تحصل على مزايا بحجة أنها سيدة مصر الأولى، ولا أن تعامل من أجهزة الدولة باعتبارها فوق القانون، ولا أن تقوم وسائل الإعلام بمتابعة نشاطها وتحركاتها واجتماعاتها وكأنها رئيس مواز، ولا أن تقوم بزيارات رسمية بمفردها الى الخارج فالدستور في الحقيقة لا يعطيها هذه الصلاحيات.

لا نريد لزوجة الرئيس القادم أن تعمل بالتجارة ولا أن تبرم الصفقات للحصول على حصص مالية وعمولات، ولا أن تشيد المستشفيات كواجهة للحصول على الهبات، ولا أن تعقد الاجتماعات وتصدر التوجيهات لكبار المسئولين بدون سند من دستور، ولا أن يتم ترشيحها لجائزة نوبل استنادا إلى إنجازات وهمية، ولا أن تحصل على شهادات الدكتوراه من الجامعات المصرية دون مؤهلات علمية.


لقد دفعت مصر ثمنا غاليا خلال الأربعين عاما الماضية بسبب تدخل زوجة الرئيس في شئون الحكم، كما عانت من هذا الوضع الغريب كل أجهزة الدولة السيادية، ويكفي في عهد الرئيس الأسبق أن قرينته كانت تتصرف باعتبارها الرئيس الموازي، وفي عهد الرئيس السابق كان هناك أربعة رؤساء للدولة هم الرئيس السابق وقرينته ونجلاه.

ورغم أن الدستور المصري لا يعطي زوجة الرئيس أي صلاحيات سياسية، ولا يتضمن موادً تسمح لها بالمشاركة مع زوجها في إدارة شئون البلاد، لكن زوجة الرئيس في العهدين السابقين شاركت في اختيار الوزراء والمحافظين وكبار المسئولين ورؤساء الهيئات والمؤسسات، ووضعت الأقارب والأصهار والمحاسيب في المواقع المهمة، وتدخلت في أعمال السلطتين التنفيذية والتشريعية بل وفي إصدار قرارات جمهورية لصالح هذا أو ذاك!


لا أحد يريد الحجر على حرية زوجة الرئيس القادم، ولا وضعها قيد الإقامة الجبرية، ولا حرمانها من حقوقها كإنسانة ومواطنة مصرية، ولكن من الضروري أن تكون هناك حدود واضحة لنشاطها العام، فقرينة الرئيس ليست مواطنة عادية، ومن الواجب أن يكون نشاطها العام في حدود الدستور حتى لا يؤثر على شئون الحكم وعملية صنع القرار.

لو أرادت زوجة رئيس مصر القادم أن تمارس السياسة أو البيزنس، فعليها أن تختار بين طموحها الشخصي وزواجها، فمصر بعد 25 يناير لن تقبل بوجود رئيس مواز على قمة السلطة حتى لو كان هذا الشخص هو زوجة الرئيس!


عبد العزيز محمود
 
<