مرسي.. الورقة الأخيرة

أبو الهيثم محمد درويش

لا شك أن معركة تكسير العظام وتشويه الإصلاح وممثليه في مصر بكافة طوائفهم ومحاولات النيل من قوى الإصلاح لصالح قوى الظلام التي تدافع عن فسادها السابق ووجودها بلا هوادة، معركة شرسة...


لا شك أن معركة تكسير العظام وتشويه الإصلاح وممثليه في مصر بكافة طوائفهم ومحاولات النيل من قوى الإصلاح لصالح قوى الظلام التي تدافع عن فسادها السابق ووجودها بلا هوادة، معركة شرسة... لا يتوانى أهلها عن نشب أنيابهم في قلب مصر النابض المتمثل في شبابها الغض وجميع أطياف شعبها الأصيل وفي مقدمتها الحركات الإسلامية والثورية.

حاولت قوى الظلام التمسك بالبقاء بشتى السبل، فلما وجدت القوى الإسلامية تقود الموقف، استخدمت شتى الوسائل لحربها بداية من التشويه ووصولاً إلى الإسقاط والعرقلة.

أضحت الشريعة كالشبح الذي يخرجه أبناء الظلام من قمقمه كي يرعبون به الناس. رغم أن الشعب المصري شعب متدين بفطرته محب لشريعته. فترى التشويه للإسلام والشريعة والتخويف منها... وترى سحر الأعين وكأن القوم يتحدثون عن شريعة غير شريعة الإسلام التي يدين بها الشعب المصري الذي يملأ المساجد.
وتارة يطال التشويه أبناء الحركات الإسلامية وكأنهم أتوا من الفضاء... بالرغم من أنه لا يخلو بيت في مصر إلا وفيه أهل الصلاح من بني الحركات الإسلامية من الملتزمين بالشريعة أو من بني الأزهر المتسمّون بالوعي الديني والثقافة الإسلامية.


نجح الإعلام الفاسد في سحر أعين البعض وأقنعهم بشبهات وتشويهات في دينهم الذي يحبوه وفي أبناءهم الذين تربوا معهم... كأن الشريعة لا يعرفها الناس وكأن أبناء الحركات الإسلامية نزلوا من الفضاء ولم يملئوا بيوت مصر عن بكرة أبيها بنقاب بناتها ولحى أبناءها وصلاح دعاتها وثقافة أزهرها وبذل الإخوان وعلم السلفيين.

بذلت قوى الظلام ما تستطيع للحيلولة دون وصول أهل الصلاح ونِظاف اليد إلى سدة الحكم. وذلك حتى يمتد الفساد ويستقر الخائنون، ولا يحاكم أو يحاسب المفسدون.


لمّا فاز الإسلاميون بغالبية مقاعد مجلسَيْ الشعب والشورى... لم تتجاوب معهم الحكومة لتظهر فشلهم. ولما تسابق الصالحون في سباق الرئاسة... كاد لهم الكائدون... تارة بالتكذيب وتارة بالعراقيل وتارة بالتشويه والإحباط والإسقاط... حتى وصل بالكاد الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان الثاني ورئيس حزبهم للإعادة مع مرشح النظام البائد وممثل قوى الظلام السابق.

وفي ظل هذه اللحظات الفارقة من تاريخ مصر والأمة العربية والإسلامية جمعاء، فإن مستقبل المنطقة اليوم أضحى في متناول الشعب المصري اختباراً من الله وابتلاءً ولا يكون في النهاية إلا ما يشاء ويقدر. اختبار صعب يمر به المصريون... إما اختيار نظام الظلام السابق أو اختيار دماء أبناءهم الزكية التي أريقت في ثورتهم التي زلزلت العالم. إمّا الركوع للطواغيت والاعتذار لهم وإما رفع الرأس عاليا بأنا حافظنا على ثورتنا.


الدكتور محمد مرسي لم يعد في هذه اللحظات مرشح الإخوان وإنما مرشح مصر وثورتها ودماء شهدائها ومرشح الشرفاء في العالم العربي والإسلامي. الكل ينظر ويترقب وتتصاعد الأنفاس... فهل سينتصر الشعب المصري لثورته أم سيخلد إلى الأرض ويركع للظلام. علماء مصر ودعاتها أعلنوها صريحة بأنهم وراء الدكتور محمد مرسي نصرة لشريعة الله ونصرة لدماء الشهداء ونصرة لوطن مكلوم نهش فيه الفساد وساده الظلام سنوات طوال. مفتى مصر الأسبق العلامة الدكتور نصر فريد واصل وخلفه علماء مصر وأولهم الدكتور يوسف القرضاوي أفتوا بحرمة إعطاء الصوت للفلول من أتباع النظام السابق. فهل سيرفع الشعب كلمة علماءه... ويثأر لدماء شهداءه؟

أما يكفي أن زوجة الرئيس المخلوع خرجت بعد نتيجة الانتخابات الأولى لتقول بأنه الآن فقط ظهر أن زوجها مظلوم وأن الشعب اختاره مرة أخرى باختياره لرجل يتخذ من المخلوع مثله الأعلى ولا يستحيي من ذلك.


يا شعب مصر: هي كلمة ستقولها وسيشهد عليها الله ثم العالم أجمع... فإما أن ترفع بها رأسك ورأس الأمة وإما أن تنكس بها رأسك ورؤوس من ناصروك. هل سنرضى بحياة العبيد أم سنمضي قدما إلى طريق الحرية؟ لم يعد أمامنا خيار... فاختيار مرسي هو ورقة الكرامة الأخيرة. فهل سنشتري كرامتنا؟

يا كل من باع صوته بثمن بخس... ستدفع أضعافه ذلاً ومهانة وفساداً ورشوة ستدفعها مُرغماً للمفسدين في شتّى مرافق الدولة... فلا بارك الله في مال كان ثمنه بيع وطن وقبله دين وبعده دماء شهداء. ياله من ثمن بخس ويالها من سلع غالية يا من بعت دينك ووطنك ودماء شهداءه...


الفرصة لا زالت سانحة للتوبة وإصلاح ما فسد... فهل سنعي الدرس؟؟ وهل سنقف مع الورقة الأخيرة التي لم يبق لنا إلا الوقوف وراءها حتى لا نرضخ للثورة المضادة وينتصر أهلها وتفوز قوى الظلام ويسود الفساد من جديد، ويعود القهر سيداً للموقف؟ لا بد من تكاتف وتآلف جميع القوى الإسلامية والثورية من سائر أطياف مصر. ولله الحمد البشائر واضحة لا تخطئها عين من تكاتف الجميع في وجه الفلول .

اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. اللهم انصر عبدك محمد مرسي واجعله رحمة على البلاد والعباد وأصلح به الأرض ويسر له تحكيم شرعك وإكرام دعاتك وبناء بلدك المقهور والنهوض بأهله الشرفاء. اللهم ولّ علينا خيارنا ولا تولّ علينا شرارنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


أبو الهيثم
 


المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام