(الحولة)... المسمار الأخير في (نعش) نظام الأسد

اهتزَّ العالم بشدة جرَّاء المجزرة الدَّامية التي ارتكبها نظام الأسد في بلدة الحولة، وقُتلَ فيها العَشَرات من الأطفال برصاص الغَدر في رؤوسهم البريئة من مسافات قريبة، كما أكَّد المراقبون الدوليُّون، وانتفض العالَم مندِّدا بالمجزرة التي كشف فيها نظام الأسد عن وحشيته...


اهتزَّ العالم بشدة جرَّاء المجزرة الدَّامية التي ارتكبها نظام الأسد في بلدة الحولة، وقُتلَ فيها العَشَرات من الأطفال برصاص الغَدر في رؤوسهم البريئة من مسافات قريبة، كما أكَّد المراقبون الدوليُّون، وانتفض العالَم مندِّدا بالمجزرة التي كشف فيها نظام الأسد عن وحشيته، بعد أن ظلَّ لفترة طويلة يدّعي البراءة ويتَّهِمُ المُعارضة (باستخدام العنف المسلح)، وحَاوَلَ أن يظهَرُ في دَورِ الضحيَّة أمام المُراقبين الذين وافَقَ على قُدومهم لينظِّفَ سمعته، ويحصل على وقت إضافي للقضاء على المقاومة، ولكن أراد الله أن يفضحه على رؤوس الأشهاد بعد أن ارتكب شبيحته هذه الجريمة النَّكرَاء التي رآها العالم كله بالصوت والصورة ...


كان نظام الأسد قبل هذه المجزرة يحاول التماسك، وصَدَرت بعض التصريحات الغربية التي أشارت إلى منحى للتهدئة، ويبدو أن النظام فهمَ هذه الإشارات على نحوٍ خاطئ فوقَع في شر أعماله رغم أنها ليست المجزرة الأولى التي يرتكبها، وهو ما يذكرني بالتطمين الغربي لصدام قبل غزو الكويت، والذي كان العلامة الفارقة في تاريخه، والنهاية الحقيقية لنظامه مع فارق الفعل وأسبابه...


اللهجة الغربية بعد المجزرة اختلفت تماما، ليس لأن الغرب يطبِّقُ مفاهيم العدالة والانسانية، ولكن لأن المجزرة تمَّت تحت سمعه وبصره، وتمَّ نشرها على نحو واسع أوقع الحكومات الغربية في حرج بالغ أمام شعوبها وأمام العالم كله، وألمحت هذه الحكومات لأول مرة إلى إمكانية التدخل العسكري...

قبل المجزرة كان التردُّدُ يسيطر على الدول العربية بشأن دعم المقاومة السورية بحجج شتَّى، أما الآن فلم يعد لهذا التحفُّظ ما يبرره خصوصا وأن إيران وحزب الله كشفا عن وجههما القبيح بشكل لا يقبل الجدل خصوصا بعد اختطاف عدد من أنصار حزب الله من قبل جماعة سورية معارضة ورفض حزب الله الاعتذار عن موقفه الداعم لنظام الأسد، فهل يقبل العرب أن يتركوا إخوانهم في سوريا يُصارعون وحدهم ضدَّ جيشين كبيرين ومليشيات مسلحة مدربة على المعارك دون أن يتخذوا موقفا ايجابيا يتخطى الشجب والاستنكار؟!...


الجيش الحر أعلن من جهته إمهال نظام الأسد فترة وجيزة لإيقاف مذابحه قبل أن ينفض يده من اتفاقية الهدنة، ويبدأ في شن هجمات واسعة على قوات الأسد مع تداول معلومات عن وصول أتباعه من الجنود إلى 100 ألف، وتمكُّنه من الحصول على كميات كبيرة من السلاح استولى عليه في معاركه مع مليشيا النظام، ولكن هناك مخاوف من بعض الإشارات التي تتحدث عن انقسامات في الجيش الحر بعد الانقسامات التي حَصَلت في المجلس الوطني المعارض، وهو ما سيأتي حتما لمصلحة النظام... مجزرة الحولة أفرزت لأول مرة انشقاقا على الصعيد الدِّبلوماسي حيث أعلن القنصل السوري في ولاية كاليفرونيا الأمريكية انشقاقه احتجاجا على المذبحة، وكشف عن معلومات أزاحت السِّتار عن سبب عدم انشقاق عدد كبير من الدبلوماسيين عن نظام الأسد كما حدث في ليبيا واليمن، وهو ما عجَّل بزوال أنظمتها، مشيرا إلى أن النظام يحتفظ بعائلات هؤلاء الدبلوماسيين كرهائن في مجمع عسكري بحجة "الحفاظ على حياتهم"...


إن أول الغيث يبدأ بقطرة وهذا الانشقاق الذي تم على الصعيد الدبلوماسي من شخص قريب من الأسد سيدفع الكثيرين للإقدام على هذ الخطوة والتي في حال اتساعها ستشكل عامل ضغط على النظام، وستقوِّي شوكة الجيش الحر وتزيد من حجم التأييد له على الصعيد الشعبي، وبين صفوف جنود الجيش... ارتكب والد الأسد من قبل مجزرة بشعة في حماة تستَّرَ عليها العالم قبل ثورة الاتصالات والأنترنت، أما الآن فسيكون أطفال الحولة الأبرياء هم المسمار الأخير في نعش نجله الذي لم يتمكن حتى الآن من قراءة المتغيرات المحلية والعالمية...

أما الأنظمة العربية المترددة فلها في النظام الإيراني عبرة حيث يقف بقوة للدفاع عن مصالحه التوسعية الباطلة مدركا أن في سقوط الأسد سقوط لكثير من أطماعه؛ فهل يضعف العرب عن اتخاذ موقف مشابه يحمون به أنفسهم قبل أن يحموا إخوانهم، ويسجله لهم التاريخ في أنصع صفحاته؟


خالد مصطفى - 12/7/1433 هـ
 

<