لم يبتعد صوت النَّاخب؟

أحمد بن عبد المحسن العساف

عقب أحداث الربيع العربي التي لا يعرف مآلها إلا الله سبحانه، خاضت عدد من الدول العربية تجارب انتخابات غير مسبوقة من حيث النزاهة والتعددية وحجم المشاركة ومستوى الاهتمام، ويعود ذلك لحداثة التجربة في بلدان ظلت عقوداً متتالية تحت القهر والإذلال.


الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه، وبعد:

عقب أحداث الربيع العربي التي لا يعرف مآلها إلا الله سبحانه، خاضت عدد من الدول العربية تجارب انتخابات غير مسبوقة من حيث النزاهة والتعددية وحجم المشاركة ومستوى الاهتمام، ويعود ذلك لحداثة التجربة في بلدان ظلت عقوداً متتالية تحت القهر والإذلال.

ومع هذه الانتخابات ظهر بجلاء حجم الوجود الإسلامي في تلك البلدان، ويكفي حصول الأحزاب الإسلامية على أعلى نسبة من التصويت في تونس ومصر والمغرب، وهو ما سيكون –غالباً- مع أي تجربة انتخابات نزيهة.

وقد نتفهم انصراف غير المسلمين إلى ترشيح أحزاب تعادي الفكرة الإسلامية، ومثله انصراف أبناء المسلمين إلى ترشيح أحزاب لا دينية ينتسبون إليها أو يحملون فكرها، وينسحب الأمر على الفرق الباطنية وغلاة الصوفية الذين يجهدون في عداء السنة وأهلها، ولهذه الأصناف سجل فاضح من الخيانات والتآمر، فلا نستغرب منهم هذا التكاتف ضد الأحزاب الإسلامية ومرشحيها، وحسابهم على الله.

لكن الشيء الذي يستغرب حقاً أن يتوجه المسلم المصلي إلى صندوق الانتخابات ويرشح من يعادي الإسلام صراحة مع وجود مرشحين آخرين يلتزمون بالمرجعية الشرعية! وهؤلاء الناخبين يمثلون كتلة تصويت مؤثرة وربما حاسمة، ولابد من الوقوف على أسباب هذا الخلل الكبير ومعالجته لتصحيح دين الناس قبل الاستفادة من أصواتهم.

ويعود هذا الخلل لأسباب منها:

1- الضخ الإعلامي المتتابع ضد الأحزاب الإسلامية ومرشحيها، وهذا الأمر يؤكد على ضرورة امتلاك المسلمين الصادقين وسائل تأثير متنوعة وموثوقة وواسعة الانتشار، فضلاً عن زيادة مستويات الوعي لدى عموم المتلقين.

2- ضعف حضور الإسلاميين في الجانب الاجتماعي الصرف، ومع كون الإسلاميين الفاعل الرئيس في العمل الخيري والاجتماعي؛ إلا أن عملهم الميمون لا يزال قاصراً دون التغلغل في طبقات المجتمع بما يحقق تأدية رسالتهم على الوجه الأكمل.

3- قصور تأثير الخطاب السياسي الإسلامي في جموع الناخبين بما يضمن طمأنتهم وردم الهوة المفتعلة بين الناخب والأحزاب الإسلامية.

4- نسيان خطورة منح الصوت لمن يعادي الإسلام، وهي خطورة على عقيدة الناخب أولاً، وعلى مستقبل البلاد ثانياً خاصة إن كان ذلك المرشح يرتبط بسبب أو نسب مع الأنظمة البائدة.

ونسأل الله أن يلهم المسلمين في كل مكان اختيار الأصلح والمصلح لدينهم ودنياهم، وأن يوفق المرشحين للحفاظ على هوية البلاد الإسلامية، وحماية الضرورات الستة التي يسعد الناس بحمايتها ويأمنوا ولا يهنوا أو يهانوا، وأن يحققوا ما ترجوه الجموع من عدالة وتنمية ونزاهة وأداء للحقوق الشرعية الواجبة على الراعي تجاه مواطنيه ورعيته.


12/07/33 هـ
 

المصدر: مجلة البيان