مصر السائرة على حبل مشدود

في معظم الأحوال لا يمكن الاستيثاق من أي معلومة، ومع كثرة "المصادر" الصحفية المجهولة والمجهلة سواء ما يتعلق بالمستقبل السياسي أو الأمني أو الاقتصادي؛ فإن كل شيء في مصر قابل للتصديق والتكذيب، والبناء عليه أو هدمه بالأصل!


أخبار مصر لا تنقطع هذه الأيام، متعارضة، ومتشعبة، وتجذب أي مراقب للشيء ونقيضه؛ فهي أشبه بالأحاجي أو بإشاعات الحروب.

في معظم الأحوال لا يمكن الاستيثاق من أي معلومة، ومع كثرة "المصادر" الصحفية المجهولة والمجهلة سواء ما يتعلق بالمستقبل السياسي أو الأمني أو الاقتصادي؛ فإن كل شيء في مصر قابل للتصديق والتكذيب، والبناء عليه أو هدمه بالأصل!

غير أن الثابت في كل هذا، أن مصر تعيش أزمة غير عادية، حيث يبدو تيار الاستقلال محشوراً في زاوية صعبة، يكسب أحياناً بعض المكتسبات، لكن معظم المعارك تدار ضده خارجياً وداخلياً.


ويكفي أن نضرب مثلاً بمعركة صياغة دستور مصر للدلالة عن سلسلة من المؤامرات المتشعبة التي تحاك ضد هوية مصر الإسلامية والعربية؛ فخلاصة الأمر فيها أن كل القوى في مصر باستثناء التيار "الإسلامي" تريد دستوراً علمانياً لمصر يمنح العسكر في الوقت نفسه نفوذاً هائلاً، ومنذ اليوم الأول لسقوط مبارك والرغبة جامحة في أن تتشكل لجنة غير منتخبة لصياغة الدستور، تتكون من دهاقنة العلمانية المصرية سواء من بعض من يطلق عليهم "فقهاء الدستور"، أو من القوى العلمانية اليسارية، أو "المبدعين" من شخصيات معروف ارتباطها القوي بالنظام السابق أو بالخارج بشكل واضح، أو تلك "النخبة" المتغربة، وكل هؤلاء لا رصيد يعزز مكانتهم شعبياً اللهم إلا عن طريق تعينهم جبراً وقسراً لصياغة دستور يرضي واشنطن أكثر مما يرضي المصريين.


وفي تلك الخلاصة، تمر رحلة تكوين هذه اللجنة بالكثير من التعرجات المفضية إلى هذه النهاية، برغم نص الإعلان الدستوري على تكوينها ممن يختارهم مجلس الشعب ذو الغالبية "الإسلامية"؛ فيضرب بذلك، وسيضرب به كذلك عرض الحائط، ويتم الوصول بالنهاية إلى لجنة تصوغ الدستور تخلف الحالية برغم كل التنازلات من تيار الأغلبية الإسلامي للتوافق حول تشكيل، إذ يشير الإعلان الدستوري المكمل صراحة إلى احتمالية نسف هذه الحالية وتشكيل المجلس العسكري لبديل عنها بطريقته الخاصة، وينتهي في خارطة الطريق إلى إهانة الإرادة الشعبية التي اختارت البرلمان قبل الدستور بحل المجلس والدفع باتجاه دستور يأتي بطريقة يرضى عنها العلمانيون وحدهم!


الأمر ذاته يتكرر في تقليص كل صلاحيات المؤسسات المنتخبة كمجلسي الشعب والشورى، والرئاسة، لحساب نظام عسكري غير منتخب، وضع كل السلطات الحقيقية في قبضته، وما تركه لـ"الإسلاميين"، تركه فقط لكي يفشل مشروعهم بتعويقه بكل سبيل مثلما حصل من حكومة الجنزوري التي أفرغت الخزينة المصرية وأهدرت الأمن والاستقرار.


واليوم تدور حرب الشائعات، إن حول مبارك وصحته، أو حول مصير جماعة الإخوان المسلمين وحزبها، أو حول صلاحيات الرئيس، أو حول نتيجة الانتخابات الرئاسية، أم حول الأمن في مصر... الخ
والجميع اليوم قد بات يحبس أنفاسه ترقباً لحالة صدام متوقعة، مبعثها حرص الولايات المتحدة خصوصاً، والغرب عموماً على ألا تنعتق مصر من ربقة التبعية، وتصل إلى شاطئ الاستقلال، وتتصالح مع حضارتها وقيمتها وقيمها وهويتها وإرادتها الشعبية.


29/7/1433 هـ
 

<