مرسي رئيسا لمصر.. والانتصار على الثورة المضادة

هل سيكون بالفعل الرئيس الجديد ضيف شرف في القصر الجمهوري وبلا صلاحيات لحين كتابه الدستور الجديد، الذي قد يطول فترته، وهل سيرضى بذلك مرشح الإخوان أم سيرفضه فيحدث انقلابا من قبل الجيش على السلطة مرة أخرى وتجرى انتخابات رئاسية جديدة؟ .. سؤال ستضح إجابته الأيام المقبلة.


بعد أكثر من عام ونصف مضت على الإطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك في ثورة 25 يناير وما تبعه من حالة من عدم الاستقرار والتخبط والتناحر السياسي لطول الفترة الانتقالية، أصبح لمصر الآن أول رئيس جمهورية منتخب بعد إعلان النتائج النهائية غير الرسمية لانتخابات الرئاسة بفوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي على منافسه أحمد شفيق المحسوب على النظام السابق.

وعقب الإعلان عن فوزه الذي جاء بعد حملات تشويه متعمدة من فلول النظام السابق خلال الفترة الماضية، وجه مرسي الذي فاز بفارق ضئيل لا يتعدى ال4% عن منافسه خطابًا إلى المصريين حرص من خلاله على توجيه الشكر لهم سواءً من صوت له أو لمنافسه، مُتعهدًا لأهالي الشهداء بأن يعود إليهم حقهم بالقانون وأن يكون خادمًا للشعب.


وتوافد أنصار مرسي إلى ميدان التحرير للاحتفال بفوزه، ولم يقتصر فقط على شباب جماعة الإخوان المسلمين، بل توافد شباب الثورة من حركات أخرى للاحتفال بانتصار ثورتهم، أمام محاولات الفلول والمجلس العسكري الحاكم لإعادة النظام القديم من خلال أحمد شفيق العسكري السابق وآخر رئيس وزراء في عهد مبارك والمسئول عن موقعة الجمل التي سقط فيها مئات الإصابات.

فوز مرسي لم تعترف به حملة أحمد شفيق، متهمة حملة مرشح الإخوان بالكذب والتضليل، ونشر نتائج غير صحيحة بهدف تهيئة الرأي العام المصري، لقبول مرشحها كرئيس، لكن حملة مرسي ردت بأنه متقدم بفارق يصل إلى 900 ألف صوت وأنه مهما كانت حجم الطعون المقدمة من شفيق، لن ولم تؤثر على نتيجة مرسي.


وتحدثت حملة شفيق، عن ثغرات وتجاوزات ومخالفات جسيمة خلال يومي الاقتراع من جانب جماعة الإخوان وهي التي ذاقت خلال العهد البائد كل أنواع التزوير الممنهج، كما ظهرت عمليات تلاعب كبيرة في أصوات المصريين خلال الجولة الأولى من الانتخابات لصالح شفيق من تصويت الأموات والعسكريين وغيرها.

وعلى الرغم من أن مرسي لم يكن من الوجوه السياسية المعروفة للعامة في مصر قبل الثورة، إلا أنه نجح في الوصول إلى منصب رئاسة الجمهورية، نتيجة لعدة عوامل أبرزها انحسار المنافسة على منصب الرئيس بينه وبين شفيق مما جعل العديد من القوى الثورية تتفق على دعمه من أجل انتصار الثورة، فضلا عن قوة الحشد التي تتمتع بها جماعة الإخوان ورفض الكثير من المصريين لإعادة إنتاج النظام السابق مرة أخرى، لا سيما أنهم عانوا من فساده واستبداده لعشرات السنين.


وبحسب خبراء فإن الضربات الإستباقية التي وجهها المجلس العسكري للإخوان قبل الانتخابات بأيام قليلة، مثل حل البرلمان والجمعية التأسيسية ومنح الضبطية القضائية للشرطة العسكرية والمخابرات الحربية، كان لها رد فعل عكسي لدى المصريين.

فقد أسقط حل البرلمان عن الإخوان الاتهامات بالسعي (للتكويش) على السلطات جميعها في مصر (التشريعية والحكومية والرئاسية والجمعية التأسيسية) بالإضافة إلى أن منح العسكر الضبطية القضائية، أشعر المصريين أن المجلس العسكري يدبر لتزوير الانتخابات لصالح شفيق، وإعادة إنتاج نظام مبارك، فخرجوا من أجل إحباط المخطط وصوتوا انتقامياً لمرسي.

لكن ما عكر هذا الفوز ما قام به المجلس العسكري من إصدار إعلانًا دستوريًا مكملًا احتفظ لنفسه بنصيب الأسد من السلطة، وسيضمن سيطرتهم على الدولة، وسيخضع الرئيس الجديد لهم، وهو ما قد يؤشر إلى صراع محتمل بين الطرفين.


وفي النهاية هل سيكون بالفعل الرئيس الجديد ضيف شرف في القصر الجمهوري، وبلا صلاحيات لحين كتابه الدستور الجديد، الذي قد يطول فترته؟ وهل سيرضى بذلك مرشح الإخوان أم سيرفضه فيحدث انقلابًا من قبل الجيش على السلطة مرة أخرى وتُجرى انتخابات رئاسية جديدة؟ سؤال ستضح إجابته الأيام المقبلة.
 

<