لا يفتأ المرء أن يجد نفسه محاصراً بين هموم الدنيا ، تضيّق عليه كما
تضيّق الأنقاض على الجاثم تحتها ، تكاد أن تمضي به إلى الشذوذ في
الفكر و العمل ، فكيف الخلاص ؟ و إلى أين المفر ؟
سؤال يطرح نفسه في كل وقت ، و خاصة الآن ، بعد فوات الأوان ، و ضيق
الحال ، و خشونة العيش ، و مرارة الحزن و الشعور ، و الدنو من الحياة
التي تظهر الرغد و الحب ، و تبطن الخشونة و السقم و البغض .
الآن ! و قد لاح في الأفق ريح سموم لا تلبث أن تلفح وجهي ، و تحم قلبي
، و تلهب عيني ، و تسقم نفسي و جسدي ، و تُبكي مَن حولي رأفة بي و
شفقة على حالي ، فما الذي غير الأمور و الأحوال على هذا النحو .؟ بعد
اللهو و السهو ، لأصبح كما قال رب العزة { صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون } فما الذي
حدث ؟؟
الآن ، و بعد أن غمرت عباب البحر ، و شققتُ دروب البر ، لأوقظ نفسي من
سبات أمسي ، فلا ألبث أن أجد نفسي عاجزة عن الهمس ، قاصرة الطرف ، هلك
عنها المال و السلطان ، و ذهب عنها رنين الدرهم و الدينار ، و بريق
السلطان و المنصب و الأركان ، فإلى أين المفر الآن !!؟
إلى أين المفر ؟ سؤال اشتد إلحاحه ، بعد أن طال الأمد ، و ضاق البلد ،
و التهب الكبر، فأين المنفذ و المخرج من الأمر الذي طال شرحه و عمق
تأثيره و ازداد استفحاله ، و يَئِس حاله و اشتد ..؟
و بعد طول بحث و تمحيص ، و تفكير حصيف حريص ، وجدتُ الإجابة عن هذا
السؤال ، عندما لجأتُ إلى عقلي لأستدعي ما فيه من معلومات و مبادئ و
نذر ، فعثرتُ على جزء من الذكر الحكيم ، نُقِش على جنبات نفسي و عقلي
، قوله تعالى { الذين آمنوا و تطمئن
قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب }
أخي المؤمن : كن ممن أدرك نفسه ، و تنبه إلى سقمه و جزه ، و سمع القول
فأتبع أحسنه ، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب و ألقى السمع و هو شهيد
..
توجه بقلبك إلى الله ، و لا تهجر كتاب ذكره الحكيم { فيها كتب قيمة } فتصبح ممن شُغل عقله و
حوصرتْ نفسه بسؤال العصر ...