الصيام أحكام وآداب

ملفات متنوعة


كتبه: ياسر بن عبد العزيز الربيع


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رغم أنف رجل ذكرتُ عنده فلم يصلِّ عليَّ، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان فانسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة».
هكذا رواه إمام أهل السنة في مسنده، وأخرجه الترمذي بما رويناه في سننه بهذا اللفظ وقال: حديث حسن غريب.

نعم أيها الأحبة إنه شهر الخير والبر والجود، شهر النفحات والخيرات والبركات، شهر الصوم، والصوم ضياء، والصوم جنة، شهر المغفرة والعتق من النار.

إن فضائل هذا الشهر الكريم أشهر من أن تذكر فمنها:
ما ثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة» .

وفي الصحيحين أيضاً واللفظ للبخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين» .
وثبت في الصحيحين أيضاً واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».

ولهما واللفظ للبخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فلم يدخله أحد» .

فالحمد لله على النعمة الحمد لله على النعمة، سبحانك ما أعظمك، ما أحلمك، أنت البر الرحيم، تَمُنُّ علينا بنعمك وتيسر لنا طريق مرضاتك، وأنت الغني عنا ونحن الفقراء إليك، فلك الحمد كثيراً كثيراً؛ كما تنعم كثيراً كثيراً.

ذلكم شهر الخير، فيه ليلة خير من ألف شهر، فأي فضل احتواه هذا الشهر الكريم؟ وأي رفعة سينالها من ألزم نفسه طاعة ربه؟ إنها أيام قلائل في عمرنا قد جمع الله لنا فيها الخير العميم فما نحن فاعلون؟
ليلة خير من ألف شهر خير من ألف شهر! خير من ثلاث وثمانين سنة، فيا لله! أَطْلِقْ يا عبدَ الله لعقلك أن يتصور أجر ثلاث وثمانين سنة تدركها بليلة، بل تصور إنك إنْ حبست نفسك على طاعة الله تعالى في ليلة القدر فكأنك قد عبدت ربك ثلاثاً وثمانين سنة دون عصيان، أي كرامة فوق هذه الكرامة؟، وأي فضل فوق هذا الفضل؟، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
فيا باغي الخير أقبل يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.

نعم، هذه بعض من فضائل هذا الشهر العظيم، فما عساه يكون حال من فرط فيه وأضاعه وضيعه؟

روي في الحديث وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم صحابته بقدوم الشهر الكريم فجاء فيه: «إن أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار» .
والحديث أخرجه ابن خزيمة وأشار إلى توهينه من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه وفي سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.

نعم إن فضائل هذا الشهر عظيمة وكثيرة، وإنها لنعمة يمتن الله بها علينا أن بلغنا هذا الشهر الكريم، فلنتفكر أيها الأحبة كم من حبيب ودعناه الثرى وهو يرجو أن يبلغه الله هذا الشهر الكريم؟ كم من معافى أصابه المرض فتحسر على أن أدركه هذا الشهر ولم يستطع صومه؟ وكم؟ وكم؟

ونحن بحمد الله بنعمة وعافية، وفي دار الإمهال أفلا تستحق نعمة إدراكنا لهذا الشهر الكريم الحمد والشكر؟، فكيف وإدراك رمضان مكفر للذنوب.
جاء عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» .

أما وإن النعم لتدوم بالشكر، وقليل من عباد الله الشكور، والشكر يكون باللسان حمداً وبالطاعات فعلاً، نسأل الله تعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
كما أسأله تعالى لي ولكم حسن العاقبة والختام، وأن يبلغنا مواسم الخيرات والطاعات والغفران ونحن بصحة وعافية وأمن وإيمان اللهم آمين.

أيها الأحبة في الله
لقد تقرر عندنا بأن لشهر رمضان مزيةً على غيره من الشهور. و حيال ذلك فلا بد لنا من أن نعطي هذا الشهر الكريم قدره، وأن ننظر إلى سبل الاستفادة منه، وأن نحذر من التفريط فيه، فقد قدمت في الحديث الذي سقته من مسند الإمام أحمد أن من أدركه هذا الشهر وخلفه ولم يغفر له فهو راغم الأنف مغبون خاسر هالك، نسأل الله السلامة والعافية.

نعم.. أي خسارة تعتري الإنسان أشد من خسارة الآخرة؟
بل لو قيل لنا بأن هناك تجارة ما تحتاج من العمل إلا القليل القليل من الجهد، وإلا القليل القليل من المصابرة والحرص لأيام قلائل معدودات والأرباح فيها بالملايين، فلو فرط الإنسان في هذه الملايين وتقاعس وأخلد إلى هواه، ولم يبذل، فما عسانا أن نحكم عليه؟

فانظروا يا رعاكم الله إلى من فرط في المغفرة ورفعة الدرجات وليلة هي خير من ألف شهر أي خسارة قد أصابها؟، وأي غبن أصيب به؟

اللهم لا تحرمنا فضلك وأسبغ علينا رحمتك يا أرحم الراحمين.

إن هذا الشهر الكريم ليس كغيره من الشهور ؛ لما فيه من ميزات اختص بها ، كصيام نهاره وجوباً وقيام ليله جماعة في المساجد ، واستحباب العمرة فيه ..
فيه ليلة خير من ألف شهر ، وفيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران وفيه تصفد مردة الشياطين .
<