أبو زرعة والعلج

ملفات متنوعة

هذا موقف ينبغي أن نستفيد منه ولا يمر علينا مرور عابرا وذلك أن بعض طلبة العلم تجرأ على العلماء بالتسفيه والتطاول عليهم والتعالم بما ليس عندهم! بمجرد أن أعفى البعض منهم لحيته وقرأ نزرا قليلا من كتب الفقه تصدر للمجالس وهو ليس أهلا لها....


قال الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن وهب: "حضرت أبا زرعة يوما وعلج من أهل خراسان يلقي عليه الموضوعات التي وضعت بخراسان من حديث محمد بن القاسم الطايكاني (1) وأحمد بن عبد الله الجوبياري، وهو يجيب: باطل
والعلج يضحك ويقول: كل ما لا تحفظه تقول باطل.
فانتضيت أنا لجواب العلج فقلت: يا هذا أي مذهب تنتحله؟
فقال: مذهب أبي حنيفة
فقلت: ماذا أسند أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان؟ فتحير العلج عاجزا عن الجواب.
فقلت: يا أبا زرعة تحفظ عن أبي حنيفة عن حماد كذا، وعن أبي حنيفة عن حماد وأبو زرعة يسرد حديث أبي حنيفة ويمر فيها.
ثم قلت للعلج: ألا تستحي تقصد إمام المسلمين بالموضوعات عن الكذابين وأنت لم تحفظ لإمامك حديثا؟
فلما قمنا تقدم إلي أبو زرعة فقبل وجهي وقال لي: يا أبا محمد خلصتني خلصك الله من مكروه.
ثم قلت للشاب: ماذا أسند أبو بكر الصديق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقال: أحاديث كثيرة.
قلت: تحفظ منها شيئا؟
قال: نعم.
قلت: ماذا أسند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر؟
فسكت ولم يذكر منها حرفا واحدا.
فقلت: اسمع، وأقبلت على أبي زرعة فابتدأ وقال: قد روى عمر عن أبي بكر كذا وكذا حديثا.
حدثناه فلان وفلان
وقد روى عثمان عن أبي بكر حدثناه فلان وفلان
وقد روى علي عن أبي بكر حدثناه فلان وفلان
فقعد الشاب ولم يعد إلى سوء أدبه معه" ا.هـ.
خرجها ابن عساكر وغيره

هذا موقف ينبغي أن نستفيد منه ولا يمر علينا مرور عابرا وذلك أن بعض طلبة العلم تجرأ على العلماء بالتسفيه والتطاول عليهم والتعالم بما ليس عندهم! بمجرد أن أعفى البعض منهم لحيته وقرأ نزرا قليلا من كتب الفقه تصدر للمجالس وهو ليس أهلا لها، بل لا تجد بعضهم يحسن الوضوء أو قراءة الفاتحة وانتدب في الطعن والشتم {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ} [المجادلة: 18]. ينبغي أن يوقر العالم كما يوقر أحدنا والده وأحبابه ومن لهم فضل عليه - وعلى كثير من المسلمين - فقد أمضى علماؤنا أعمارهم في العلم وبلغوا منزلة عالية فيه، فلا يليق بالشباب سوء الأدب معهم أو الإصغاء لمن ينفر منهم أو من طلبة العلم الكبار المشهود لهم بالفضل ومن وقع في زلة فليس له الرد إلا من كان في منزلته في العلم ورسوخ القدم فليس عبارة المتقدم كالمتأخر والكبير كالصغير رزقنا الله حسن الأدب مع علمائنا وجنبنا سوء الأخلاق في الأقوال والأعمال. 

علق عليه: محمد الحجي



***********
(1) نسبة إلى طايكان قرية من قرى بلْخ









المصدر: منقول

 
 
<