هل ورد أثر ابن عباس بهذا اللفظ ؟

الشيخ عبد الله بن محمد زُقَيْل

الحمد لله وبعد ؛
نسمع ونقرأ أثرا لابن عباس رضي الله عنهما بلفظ : " يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتقولون : قال أبو بكر وعمر ؟ "
وحقيقة بعد البحث عن لفظ هذا الأثر بهذا السياق في كتب السنة لا وجود له .

وقد أورده شيخ الإسلام في الفتاوى (20/215 ، 26/50 ، 281) ، والإمام ابن القيم في " إعلام الموقعين " (2/238) ، و" الزاد " (2/195) ، و" الصواعق المرسلة " (3/1063) ، والشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب " التوحيد " " باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله ، وتحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابا " بهذا اللفظ من غير ذكر المصدر له ، أو حتى إسناده .

فما هو اللفظ الصحيح لهذا الأثر ؟

  • عن ‏‏ابن عباس ‏‏قال :‏ تمتع النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏فقال ‏عروة بن الزبير :‏ ‏نهى ‏ ‏أبو بكر ‏‏وعمر ‏عن المتعة ، فقال ‏‏ابن عباس ‏ : ‏ما يقول ‏عرية ؟‏ ‏قال : يقول : نهى ‏‏أبو بكر ‏‏وعمر ‏عن المتعة ، فقال ‏‏ابن عباس :‏‏ أراهم سيهلكون ، أقول : قال النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ،‏ ‏ويقول نهى ‏‏أبو بكر ‏‏وعمر .

    رواه أحمد (1/337) ، وابن عبد البر في " جامع بيان العلم وفضله " (2378) ، والخطيب في " الفقيه والمتفقه " (379) من طريق ‏شريك ، عن ‏‏الأعمش ‏، ‏عن ‏‏الفضيل بن عمرو ‏قال :‏ ‏أراه عن ‏‏سعيد بن جبير ‏ ‏، عن ‏‏ابن عباس به .

    وإسناده ضعيف ، فيه شريك بن عبد الله قال الحافظ في " التقريب " : صدوق يخطىء كثيرا .

  • قال عروة لابن عباس : ألا تتقي الله ترخص في المتعة ؟! فقال ابن عباس : سل أمك يا عرية ، فقال عروة : أما أبو بكر وعمر فلم يفعلا ، فقال ابن عباس : والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله ، أحدثكم عن رسول الله ، وتحدثونا عن ابي بكر وعمر ، فقال عروة : لهما أعلم بسنة رسول الله ، وأتبع لها منك .

    أورده ابن عبد البر في " جامع بيان العلم وفضله " (2377) ، وابن القيم في " الزاد " (2/206) من طريق عبد الرزاق حدثنا معمر عن أيوب قال : قال عروة به .

    وصحح إسناده محققا " زاد المعاد " .
    ورواه الخطيب بسنده في " الفقيه والمتفقه " (380) بنحو الرواية السابقة ، وأورده ابن القيم في " الزاد " (2/206 - 207) كلاهما من طريق حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة أن عروة بن الزبير به .

    وقال محققا " الزاد " : " وإسناده صحيح " .
    ورواه الطبراني في " الأوسط " ( 1718 - مجمع البحرين ) عن عروة بن الزبير أنه أتى ابن عباس فقال : يا ابن عباس طالما أضللت الناس ! قال : وما ذاك يا عرية ؟ قال : الرجل يخرج محرما بحج أو بعمرة فإذا طاف زعمت أنه قد حل فقد كان أبو بكر وعمر ينهيان عن ذلك ؟ فقال : أهما - ويحك - آثر عندك أم ما في كتاب الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه وفي أمته ؟ فقال عروة : هما كانا أعلم بكتاب الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني ومنك قال ابن أبي مليكة : فخصمه عروة .

    قال الهيثمي في " المجمع " (3/234) : رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن .

  • فـائـدة :
    قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " (8/220) : يا عرية : وهو بالتصغير ، وأصله عريوة فاجتمع حرفا علة فأبدلت الواو ياء ثم أدغمت في الأخرى .ا.هـ.

  • فـائـدة أخـرى :
    علق الخطيب البغدادي في " الفقيه والمتفقه " (1/378) على كلام عروة بن الزبير : قلت : قد كان أبو بكر وعمر على ما وصفهما به عروة إلا أنه لا ينبغي أن يقلد أحد في ترك ما ثبتت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .ا.هـ.

    وعلق الذهبي في " السير " (15/243) في إيجاد العذر لعروة بن الزبير : قلت : ما قصد عروة معارضة النبي صلى الله عليه وسلم بهما ، بل رأى أنهما ما نهيا عن المتعة إلا وقد اطلعا على ناسخ .ا.هـ.

المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام