"تركيا و عربستان" و "مصر و الجزائر"

زوار طريق الإسلام

اللهم ألف بين قلوب عبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم، وانزع الشقاق من قلوبهم يا أرحم الراحمين.


ذهبت إلى أخي التركي فسألته، لماذا دائما نسمع في أسماء البلاد هذا المقطع "ستان" فخذ مثلا أفغانستان، أوزبكستان، و هكذا كثيرا، فما القصة؟

فأخبرني أن كلمة ستان تعني "بلاد"، فأوزبكستان تعني بلاد الأوزبك، و أفغانستان تعني بلاد الأفغان، و عربستان تعني بلاد العرب.

تماما كما في اللغة الإنجليزية كلمة Land، فEngland هي اختصار English Land أو بلاد الإنجليز، و Ireland هي اختصار Irish Land، و هكذا.

ثم أخبرني بقصة حدثت معه في تركيا: منذ سنوات ظهرت نعرة قومية في تركيا تطالب بإلغاء كل الكلمات العربية من اللغة التركية، وتلك الفرقة تؤلم قلب كل مسلم، والعربية هي لغة القرآن وينبغي على المسلم أن يسعى لتعلمها وليس العكس، فكان رد صديقي الداعية التركي أن كلمة "تركيا" أصلا كلمة عربية لأن العرب هم من يقولون "إيطاليا" و "ألمانيا" وهكذا، و لو كان اسم بلادنا تركي لكانت اسمها "تركستان" فإذا طالبتم بإلغاء اللغة العربية فأنتم تطالبون بإلغاء اسم بلادنا.

وهذا هو بيت القصيد (وبيت القصيد على ما أظن هو البيت الذي يختصر معنى القصيدة وعادة تكون القصيدة مشهورة بهذا البيت). المهم أن بيت القصيد هنا أن عقلاء كل قوم يجب عليهم أن يكونوا دوما سدا منيعا أمام محاولات تفريق أمة الإسلام الواحدة {إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء: 92]، فأمة الإسلام أمة واحدة ينبغي لها أن تتجمع وتتوحد لتكون نبراسا لباقي الأمم وأن يسعى الجميع من أجل هذا.

وديننا الحنيف وإن كان يحثنا على صلة الأرحام ويخبرنا أن الأقربون أولى بالمعروف، ويأمرنا بالتعاون فيما بيننا ويضع حقوق كثيرة جدا للأرحام والجار، ويحثنا على معرفة الأنساب لأنها أقرب لصلة الأرحام، إلا أن الإسلام يذم العصبية (والعصبية هنا تعني التعصب القائم على أي دعاوى سواء قبلية أو قومية أو أي انتماء لجماعة و التعصب لها على أساس ذلك الانتماء بدون النظر للحق)، ويذم كل دعوى لتفريق أمة الإسلام والتحريش بين أبنائها ويسميها "دعوى الجاهلية"، وينبغي على كل مسلم يفهم معنى الأخوة الإيمانية أن يسقط كل دعوى للتعصب من ذهنه فقد قال فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم: «دعوها فإنها منتنة» [رواه البخاري ومسلم].

أكتب هذه الكلمات على بعد أمتار قليلة من مباراة مصر والجزائر، ولن أتكلم اليوم عن المخالفات الشرعية في الملاعب والمدرجات، ولن أتكلم عن استعمال الكرة كأفيون للشعوب يهدر طاقاتها ويتردى بها في ظلمات بحر الغفلة.

فبيت القصيد اليوم كما أشرنا من قبل هو تلك الوحدة التي يجب أن تكون بين المسلمين على اختلاف أجناسهم، والتي أخبرنا الرسول صلى الله عليه و سلم أنها يجب أنت تكون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، تلك الوحدة التي يسعى بعض الجهلاء إلى تفريقها عن طريق حالة من الشحن المعنوي لم يسبق لها مثيل قد تدفع حتى بحليمي الأخلاق إلى التهور مما ينذر بعواقب وخيمة تؤدي إلى شحناء وبغضاء بين مائة مليون مسلم قد تطول لعقود من الزمان.

والواجب اليوم على كل عاقل أن يكتب ويتكلم ويسعى إلى التهدئة ويمشي بالخير بين الناس ولا يكون ممن قال الله تعالى فيهم: {هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴿١١﴾ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} [سورة القلم: 11-12].

اللهم ألف بين قلوب عبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم، وانزع الشقاق من قلوبهم يا أرحم الراحمين.

والله من وراء القصد والنية.



محمد نصر

المصدر: زوار طريق الإسلام

<