إلا بالمناسبة، أخبار سيادتها إيه؟

ملفات متنوعة

نذكر جميعاً حين كانت الآلة العسكرية الإسرائيلية تطحن في إخواننا في غزة، وتمارس معهم (هولوكوستاً) لم يعرفه العالم، حاصرتهم وجوعتهم، وأعطشتهم، وأحالت حياتهم إلى عناء لا يعرفه إلا من عاشه، بينما كانت تفعل ذلك، خرجت صرخات المسلمين تقول لمصر: ساعديهم



إن الحمد لله أحمده واستعينه واستهديه واستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:

قفز في رأسي هذا السؤال فجأة، وطاردني، واحتل مساحة كبيرة من تفكيري، وأصر على أن يُجاب، وإلا سيظل يؤرقني: (بالمناسبة، أخبار سيادتها إيه؟ وإيه أخبار سيادته؟)


نذكر جميعاً حينما كانت الآلة العسكرية الإسرائيلية تطحن في إخواننا في غزة، وتمارس معهم (هولوكوستاً) لم يعرفه العالم، حاصرتهم وجوعتهم، وأعطشتهم، وأحالت حياتهم إلى عناء لا يعرفه إلا من عاشه، بينما كانت تفعل ذلك، خرجت صرخات المسلمين تقول لمصر: ساعديهم، أطعميهم، كيف يا مصر لا تفعلي؟ بل وتحاصريهم، ثم حتى من الأنفاق تمنعيهم، ثم كانت الطامة الكبرى كيف بهذا الجدار الحقير تحاصريهم؟


بينما كان المسلمون بل وأحرار العالم يصرخون: يا مصر افتحي المعابر ولا تشاركي في هذه الجريمة النكراء، لا تشاركي في تجويع الأبرياء، بينما كان هذا نداء الأحرار، جاءت الإجابة المصرية مدوية: جدار عازل، إي والله جدار عازل لمنع دبة النملة و حبة الأرز، وقطعة البارود.

ضج المسلمون -بل وكل حر في الدنيا بالصراخ-، وتعالت صيحات الاستهجان، وقام الجميع قومة رجل واحد يقولون: حرام، كفاية، كيف؟ ولماذا يا أم الدنيا؟ فكانت إجابة الدولة -المستهبلة- وشايعها على ذلك ونعق به من أصحاب الضمائر المؤجرة لمن يدفع أكثر، الذين يصدق عليهم حرفياً قول النبي صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن منع غضب، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش».


ردت الدولة على صرخة المقهورين، المذهولين، المذعورين بإجابة حاسمة وحازمة: (سيادة مصر خط أحمر)، وكل من تسول له نفسه المساس بسيادة مصر فسيتم سحقه وسحله، وقام الكذابون تُعساء الدنيا والآخرة عبيد المال والمنصب الذين انطمست فِطَرُهم قاموا يروجون لهذا الاستعباط الذي لا يحتاج إلى نصف عقل ليدحضه فيقول مثلاً تستطيعون إدخال الطعام والشراب والأدوية والطاقة ليل نهار دون أن تتعرض سيادتكم -لا أقول سيادة البلد بل الموضوع سيادتهم هم- دون أن تتعرض سيادتكم إلى ما يخدش جنابها.

المهم أنا لست بصدد مناقشة كذبة بهذه الخفة والعوار الظاهر، أنا سأقول: وليكن، لا عليكم، سلمنا لكم بأن الجدار كان للحفاظ على سيادة وأمن البلد وأنكم محقون في هذا، الآن، وبالمناسبة، (أخبار سيادتها إيه؟) أخبار سيادتها إيه أمام ما فعلته الكنيسة من تحدى سافر لسيادة البلد؟


لم تترك الكنيسة فعلة يمكن أن تمسح بسيادة البلد الأرض إلا وفعلتها، لم تترك الكنيسة شيئاً يمكن أن يريق ماء وجه الدولة بقسوة وغلظة ودون شفقة أو رحمة إلا وارتكبتها، ها هي الكنيسة تعترف باختطاف وحبس مواطنين مصريين، وتعلن بكل صراحة أنها تقوم بغسيل مخ لهم، وأنها لن تخرجهم، بل وليس من حق أحد أن يسأل عنهم.

فالآن وبالمناسبة(أخبار سيادتها إيه؟) بعد أن نجحت الكنيسة بأن تصبح مستقلة بمواطنيها وبقانونها وباقتصادها وبجيشها؟ أخبار سيادتها إيه؟ أم أنتم أسود علينا وفى الحروب نعامة؟


وبالمناسبة أيضاً فالشيء بالشيء يُذكر، أنتم طالما صدعتم رؤوسنا بسيادته -أعنى سيادة القانون- فها هي الكنيسة ترفض تنفيذ أحكام القانون رفضاً صريحاً وجريئاً وحاسماً وعلى الملأ وفى العلن، وها هي الكنيسة تحتجز الأبرياء، ومع ذلك لم نسمع لسيادته ركزاً، بل ولم نسمع لسيادته همساً.

فلعل المانع خير، ولعل سيادته حياً يرزق، ولعل سيادتها بصحة جيدة، ولعلنا نسمع عنهم قريباً ما يشعرنا أنهما مازالا أحياءاً لم يموتا، وتم علاج عيونهما من الحَول، والمياه السوداء اللتان تجعلان سيادتهما يمشيان على سطر ويتركا سطراً.

خالد الشافعي
kaledshafey@yahoo.com


المصدر: خالد الشافعي - خاص بموقع هدى الاسلام