الزكاة وأزمة مصر المالية

ملفات متنوعة

لماذا لا يتم مطالبة كل صاحب مال أن يزكي عن ماله؟ هذا الذي عنده عشرة مليارات، ألا تستوجب ملياراته العشر زكاة سنوية بمائتي وخمسين مليون جنيه


كثيراً ما تكلمنا عن فريضة الزكاة تلك الفريضة المغيبة، وعن دورها في الخروج بالمجتمعات الإسلامية من الأزمات المالية الطاحنة، وتعجبنا كثيراً عن الاستهانة بتحقيق مراد الله سبحانه وتعالى من هذه الفريضة، والآن نجد المجتمع المصري يتأزم مالياً ويمر بأصعب مراحله المالية على الأقل في العصر الحديث. وقد حزنت كثيراً عندما وجدت نداءات الاستغاثة والتسول سواء بفتح حسابات بنكية للتبرع لدعم الاقتصاد المصري، أو السعي للحصول على قروض ومنح من دول ساحت كثيراً على الكوارث، مستمرين في ذات النهج التسولي الذي كله مهانة وتصاغر وغير قليل منه ديمومة لدوائر ارتزاق لا يعلم مداها إلا الله.

أقول وبكل وضوح وصراحة، لماذا لا يتم مطالبة كل صاحب مال أن يزكي عن ماله؟ هذا الذي عنده عشرة مليارات، ألا تستوجب ملياراته العشر زكاة سنوية بمائتي وخمسين مليون جنيه، لماذا لا يتم مطالبة هؤلاء الأثرياء بزكاة أموالهم أحمد عز، محمد أبو العينين، أحمد بهجت، عمرو عسل، جمال مبارك، حسين سالم، حسن راتب، محمد فريد خميس، محمد فرج عامر، حسام أبو الفتوح، محمد شفيق جبر، معتز الألفي، إبراهيم كامل، آل الجمال، آل السلاب، آل رشيد، آل ثابت، آل المغربي، آل رجب، آل منصور، آل طلعت مصطفى، آل مروان، آل نافع، آل هيكل، وغيرهم الكثير من أعضاء نادي المليارات؟. قد يقول قائل إن منهم من يدفع بعض الضرائب، نقول هذا قد يكون حق الدولة الذي يقرره السلطان بما يصلح أحوال العباد، لكن أين هو حق الله سبحانه وتعالى الذي أقام من أجله سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه حروب الردة؟.

أتدرون لو أن أعضاء نادي المليارات في مصر لديهم 10 تريليون جنيه كم ستكون الزكاة المستحقة عليهم سنوياً، ستكون مائتين وخمسين مليار جنيه سنوياً، أي مائتين وخمسين ألف مليون جنيه، إن اعتبرناها زكاة مال، ناهيك عن زكاة الزروع وبعض التجارات، ترى ماذا يمكن أن يفعل هذا الرقم المائتين والخمسين مليار جنيه في مصر الآن؟.

سيقول قائل إن هناك بعض أعضاء نادي المليارات حصلوا على أموالهم بغير وجه حق، فهي أموال فاسدة فكيف تطالب بأخذ زكاة عن أموال فاسدة والله طيب لا يقبل إلا طيبا؟ أقول أنني أحسن الظن، وأفترض صحة كلامهم بأن أموالهم جاءت من الحلال، وعليه أطالبهم بدفع حق الله والمتمثل في الزكاة، وأرجوا من الحاكم أن يأخذ منهم الزكاة التي فرضها الله، كما أرجوا من العلماء أن يحثوهم على دفع حق الله في أموالهم، وينذرونهم بعاقبة حبس الزكاة.

أما إن كانت أموال بعض أعضاء نادي المليارات قد أخذت بغير حق فالشريعة كفلت للسلطان أن ينزع حق العباد المغصوب من يدي الغاصب، ويضمه لأموال المسلمين، كما كفلت لمن يريد أن يتطهر آليات التطهر قبل الموت.

هذا عن نادي المليارديرات، أما إذا نزلنا قليلاً لنادي المليونيرات، فسيتضخم الرقم الإجمالي كثيراً وكثيرا، وسيتضخم معه حجم الزكاة المستحقة على أموال هؤلاء.

ولو نزلنا لكل أفراد المجتمع بدءً من الصانع انتهاءً بالمزارع، فسنجد الخير الكثير، وستشبع زكواتهم كافة مصارف الزكاة في مصر.

إن مصرنا العزيزة تمر الآن بأصعب أوقاتها ولديها أزمة مالية حقيقية، وهناك تقصير بين من المجتمع تجاه فريضة فرضها الله سبحانه وتعالي على الأموال التي وهبها الله للعباد. والتقصير في هذه الفريضة ينذر بهلاك العباد والبلاد.

فما الفائدة أن يخدرنا أحد رجال الأعمال بمليون جنيه تبرع به هنا أو هناك، والزكاة السنوية المستحقة عليه، تتجاوز المائتين والخمسين مليون جنيه؟.

أليس عيباً علينا أن نتسول من الأمم والشعوب وقد أعزنا الله بخيرات يعرف قدرها الغرب ويسعى لنهبها بكل الطرائق والسبل؟.

ألم نتعظ بما حدث لكبراء كان يشار إليهم بالبنان في الأمس القريب، وقد صاروا في غمضة عين أذلة يتوارون من القوم من سوء ما حل بهم؟.

الظلم ظلم، والبغي بغي، وعاقبتهما من جنس العمل في الدنيا قبل الآخرة، وحبس الزكاة من الظلم والبغي، وأخشى والله أن نؤخذ بتقصيرنا في دفع الزكاة أو عدم حث المجتمع على دفعها، أو عدم تحقيق الحكام لمراد الله سبحانه وتعالى في الأموال، ومانعي دفع حق الله فيها.

إن الزكاة هي الحل الفعلي الآني للمرور بمصر من الأزمة المالية الراهنة فهل سنؤدي حق الله سبحانه وتعالى في الأموال التي استخلفنا عليها، أم ننتظر عقاب الله وسخطه؟.


المصدر: الهيثم زعفان - المصريون

<