إمبابة والقرامطة

ملفات متنوعة

كان الخوارج الذين استباحوا دم الإمام عليٍّ يسألون الإنسان الذي يمر بهم، هل تُكَفِّر عليًّا؟ فإذا قال: لا. قتلوه، وإذا مرَّ بهم مواطن من الذميين من أهل الكتاب، فقال لهم: إنه من أهل الكتاب، أكرموه وجعلوه يمرُّ مرور الكرام....


كان الخوارج الذين استباحوا دم الإمام عليٍّ يسألون الإنسان الذي يمر بهم، هل تُكَفِّر عليًّا؟ فإذا قال: لا. قتلوه، وإذا مرَّ بهم مواطن من الذميين من أهل الكتاب، فقال لهم: إنه من أهل الكتاب، أكرموه وجعلوه يمرُّ مرور الكرام. وقد قاتل الإمام عليّ الخوارج، وما كان ليقاتلهم إلا بعد استباحتهم لدماء المسلمين، وضلال فكرهم.


ثم توالت القرون، وظهر القرامطة الذين استباحوا الكعبة وقتلوا كل الحجيج الذين يطوفون بالكعبة، وامتلأت ساحات المسجد الحرام بالدماء.


ولم يحج في هذا العام أحدًا، وهدموا الكعبة وأخذوا الحجر الأسود، وهم راضون بكفرهم، كرضا كل كافرٍ بكفره، أو منافق بنفاقه.


* * *

الذي وقع في إمبابة يوم السبت السابع من مايو، يجب أن يقاس على ضوء الذين استباحوا قتل عليٍّ أمير المؤمنين، وأحفادهم القرامطة الذين استباحوا تدمير الكعبة وامتلاء ساحتها بدماء الحجيج، ومنع المسلمين من أداء فريضة واجبة.


إنهم في إمبابة لا يحرقون الكنيسة ولا يستهدفون قتل المسلم أو المسيحي (وبالمناسبة المسلم والمسيحي كلاهما من القبط)، وإنما يستهدفون الفوضى والتخريب؛ حنينًا إلى عصر مبارك الذي كان يقوم علي الرشوة والسرقة، وخوفًا على مستقبلهم من ظهور ثورة الطهارة والنقاء والرفعة في ميدان التحرير في 25 يناير.


لكن الله لن يضيع أهله، ومصر كنانة الله في أرضه، والمصريون خير جند الله، وقد وصَّى الرسولالعرب المسلمين بقبطها، ويكفي مصر فخرًا أن رسول الله صاهرها فتزوج من مارية القبطية وأنجب منها ابنه إبراهيم، والذي بكى الرسول عند موته، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ»، رَوَاهُ مُوسَى ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ المُغِيرَةِ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .


* * *

فاطمئن يا شعب مصر العظيم، ويا جيش مصر الباسل، واطمئن يا رئيس وزراء مصر الحبيب، ويا صديقي العزيز وزير الداخلية، إن المستقبل لكم ولمصر التي تقودونها، فأنتم تنصرون الله والحق، والله يقول: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]، ويقول: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 173]، والعاقبة للمتقين.


الأربعاء، 11 أيار/مايو 2011 م
 


المصدر: د. عبد الحليم عويس - موقع جريدة المصريين