أين حق الذبيح؟

ملفات متنوعة

أين حق الذبيح؟
ومتى روحه تستريح؟
فهو من أتباع محمد وهو يؤمن بالمسيح..

أين حق الذبيح؟
ومتى روحه تستريح؟
فهو من أتباع محمد وهو يؤمن بالمسيح.

الحمد لله الذي لم يترك عباده هملا، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صاحب رسالة العزة والهدى، وعلى أصحابه رموز العزة ومصابيح الدجى، وعلى من سار على نهجهم المبارك ثم أقتفى، أما بعد..


فقد اهتزت قلوبنا، وارتعدت جوارحنا، ونزفت عيوننا دما بدلا من دموعها، وتفجرت براكين الغضب في أعماقنا حين صدمت آذاننا أخبار يشيب لها الولدان، حين امتدت يد الغدر لتغتال البراءة القعيدة حبيسة الكرسي المتحرك، لتنزف دماء أخينا أحمد عامر الطاهرة الزكية على أرضية بيته التي طالما استقبل عليها حفظة القرآن، وحراس كتاب الله، هذا البيت الذي طالما قصده الناس فيه ليحل لهم مشكلاتهم، سالت دماءه كلعنة ستطارد الفاعلين إلى يوم الدين، وصعدت روحه إلى بارئها تصرخ بلسان حالها بهذه الكلمات:
أين حق الذبيح؟
ومتى روحه تستريح؟
فهو من أتباع محمد وهو يؤمن بالمسيح.


وليت الأمر توقف على سلبه روحه وهو ما زال في ريعان شبابه (28عاما)، وإنما تفتقت أذهان الجناة المجرمون واستحوذ عليهم الشيطان وزين لهم اغتصاب زوجته واغتيال عفتها أمام عينيه، ولعلهم لم يرحموا شلله الرباعي، ولم يرحموا استغاثاته، ولم يرحموا توسلاتها أن يتركوها، وانقضوا عليها كالذئاب ينهشون جسدها العفيف الذي أعفته بنقابها، وقد قرت في بيتها تقوم على خدمة زوجها، تجردوا من كل شعور، تجردوا من كل رحمة، تجردوا من كل معاني الآدمية، وتحولوا إلى حيوانات مفترسة متوحشة، ولما أنهوا جريمتهم أعقبوها بأبشع منها؛ ذبحوها في فراشها وتركوها تنزف دماء العفة والطهارة فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ارتكب الجناة فعلتهم وفروا هاربين، تركوهم يسبحون في دمائهم، وما زالوا إلى الآن أحرارا يعيثون في الأرض فسادا، فلا نامت أعين الجبناء، ولا طابت حياة الأشقياء.

أين الإعلام؟ أين حقوق الإنسان؟ أين الحقوقيون؟ أين المتشدقون؟ أين الرجال؟ أين الدنيا بأسرها تصرخ طالبة بحق الذبيح؟


لقد صدع الإعلام رؤوسنا منذ شهور وهو ينادى بحق أذن رجل من أهل مصر المحروسة من النصارى قطعت في مشاجرة لتأجيره شقة لامرأة مشبوهة السمعة ملوثة السلوك، وانبرت أقلام، وأفردت مساحات الطباعة في كل الصحف تقريبا، وعقدت اللقاءات والندوات من ذلك الحدث، فلما أصبنا بمصاب أخينا أحمد عامر، انتظرنا لعلنا نرى أو نسمع فما تحرك ساكن، ولا تكلم متكلم، وإنما هو السكوت المشبوه، أيها الناس أتدرون من الذي مات؟ مات المسلم، مات الذي كان يحفظ القرآن، مات الذي حفظ القرآن في أربعة أشهر، ونال إجازة في الفقه الشافعي، والمواريث، مات غدرا وانتهكت حرمة بيته وحرمة زوجه، والناس صامتون، فلا نامت أعين الجبناء الخبثاء.

أين الشرطة؟ أين النيابة؟ أين الجيش؟ أين الدنيا بأسرها لكي تشهد على هذه الجريمة النكراء؟ أين الإعلام بكل وسائله؟ يا لها من جريمة الساكت عليها شريك فيها.

أتدرون من مات؟ إنه المسلم..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري في العلل الكبرى عن عبد الله بن عمرو بن العاص: « لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم».
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن أبى هريرة: «كل كلم يكلمه المسلم في سبيل الله يكون يوم القيامة كهيئتها، إذا طعنت تفجر دما، اللون لون دم، والعرف عرف مسك ».


أيها الساكتون على هذه الجريمة.. مات من كان يقول لا اله إلا الله، فماذا أنتم فاعلون بـ: لا اله إلا الله؟ فلتكتب كل الأقلام، ولتنشر كل الصفحات، ولتتكلم بل لتصرخ كل الأفواه ولتبح كل الحناجر فقد مات أحد حفاظ كتاب الله، فقد مات من كان يقول: لا اله إلا الله.
مات ولعل روحه تتساءل بأي ذنب قتل ومات؟ وكأن لسان حالها كما قال الله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} [التكوير: 8].

أين المدافعون عن الحقوق؟ أليس للمسلم في بلده حقوق؟
أين الإعلام؟ هل انتهى من أهله الكلام؟ وهل جفت الأحبار من الأقلام؟
أين الرجال؟ هل ضاعت النخوة من قلوبهم أم أصابهم الخبال؟
هل حق الذبيح شيء محال أو هو ضرب من خيال؟


أيها الإعلام الخائن لقضية الإنسان، إذا ضاع حق الذبيح فلا عذر لك أمام الله.
أيها القائمون على شئون هذه البلاد، إذا ضاع حق الذبيح فلا عذر لكم أمام الله.
أيها المسلمون في كل أرض وتحت كل سماء، إذا ضاع حق الذبيح فلا عذر لكم أمام الله.


اللهم إنا نبرأ إليك ممن فعل هذه الجريمة الشنعاء.
اللهم أنزل عليهم رجزك وعقابك إله الحق.
اللهم إنا نبرأ إليك من كل من قصر في حق الذبيح.

أمتي لا تحزني سيداوى قلبك الجريح
ويبث العزم في جسدك الطريح
ويعود إليك يوما حق ولدك الذبيح.

اللهم ارحم أخينا الذبيح أحمد عامر وزوجته رحمة واسعة، وتقبلهم عندك من الشهداء، واجعل مثواهم الجنة، واجمعهم فيها مع حبيبك ومصطفاك محمد صلى الله عليه وسلم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


كتبه: إسلام العطار
 


المصدر: إسلام العطار - خاص بموقع طريق الإسلام

<