العدالة بين إخلاء سبيل الضباط وحبس أبو يحيى

الأستاذ ممدوح إسماعيل

تمر بمصر تلك الأيام حالة قضائية غريبة ولافتة، أثارت اهتمام الرأي العام والشعب المصري بكل فئاته، وهى الخاصة بقرار محاكم الجنايات بإخلاء سبيل الضباط المتهمين بقتل الثوار على ذمة القضية المنظورة...



تمر بمصر تلك الأيام حالة قضائية غريبة ولافتة، أثارت اهتمام الرأي العام والشعب المصري بكل فئاته، وهى الخاصة بقرار محاكم الجنايات بإخلاء سبيل الضباط المتهمين بقتل الثوار على ذمة القضية المنظورة، وقد أثار آخر قرار صدر من محكمة جنايات تحاكم ضباط في السويس بإخلاء سبيلهم ثورة غضب شديدة خاصة في مدينة السويس الباسلة، وكان لافتاً قبلها بأيام أن نظرت محكمة جنايات قضية أحداث إمبابة ورفضت الإفراج عن المتهمين الأول ياسين والثاني أبو يحيى، المتهمين بتهمة تجمهر فقط ولم يتم تقديم أي دليل ضدهم في أوراق القضية.


الاختلاف في القرارات من محكمة لمحكمة يثير الرأي العام، خاصة إذا ما نظر المواطن المصري إلى ضابط متهم بالقتل ويجده يعيش حياته خارج السجن، بل يعمل في وظيفته وكأن شيء لم يحدث، بينما مواطن مصري بسيط متهم بتهمة تجمهر يتم حبسه رغم أن لم يضبط متلبساً في مكان التجمهر، ورغم أن ملايين المصريين يومياً يتجمهرون ولا يقبض عليهم وخلاف ذلك مواطنين بسطاء يتهمون في قضايا أقل ويحبسون احتياطيا السؤال لماذا؟

بداية أنا لا أريد ظلم أي إنسان مهما كان ضابط أو مواطن، ولكنى أريد العدل وأبحث عنه أين هو العدل في الحبس الاحتياطي؟! الفقه القانوني الوضعي يقول أن الحبس الاحتياطي يهدف إلى حماية المجتمع من عودة المتهم إلى ارتكاب جرائم أخرى، ويحمى المتهم من محاولات انتقام أهل المجني علية، والحبس الاحتياطي يضمن بقاء المتهم في متناول سلطة التحقيق، والمحافظة على أدلة الجريمة من محاولة المتهم إخفائها أو طمسها، إذا أطلق صراحة، منع التواطؤ بالحيلولة بين اتصال المتهم بباقي شركائه في ارتكاب الجريمة، وبغل يده عن تجهيز شهود نفى مزيفين، أو من تهديد شهود الإثبات
(مادة 134 من قانون الإجراءات تنصص على الحبس الاحتياطي).


إذا توافرت إحدى الحالات أو الدواعي الآتية :
1ــ إذ كانت الجريمة في حالة تلبس ويجب تنفيذ الحكم فيها فور صدوره .
2ـ الخشية من هروب المتهم
3 ـ خشية الأضرار بمصلحة التحقيق سواء بالتأثير على المجني عليه أو الشهود أو بالعبث في الأدلة أو القرالن المادية ،أو بإجراء اتفاقات مع باقي الجناة لتغيير الحقيقة أو طمس معالمها .
4 ـ توقى الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام الذي قد يترتب على جسامة الجريمة.

وإذا مانظر أي مواطن مصري في ماقدمت من رأى الفقه والقانون في الحبس الاحتياطي يجد أن الأسباب الموجبة لحبس الضباط أشد وأقوى، حيث أنهم بسهولة يمكنهم تغيير الأدلة والتواطؤ والهرب، وإخلاء سبيلهم يتسبب في إخلال جسيم بالأمن والنظام العام، والاتهامات خطيرة جداً ضدهم أما المواطن البسيط ياسين الذي تزوج أسماء المسلمة (عبير المسيحية سابقا) وأبلغ عن مكان اختفائها يتم اتهامه وحبسه لماذا؟؟ وهو رجل بسيط تعاون مع الأمن للإبلاغ عن جريمة احتجاز مواطنة بدون حق فتم حبسه واتهامه.
وما هي الخطورة التي تجعل استمرار حبسه أشد من ضابط متهم بقتل الثوار؟!
والأنكى المواطن أبو يحيى الذي لم يكن موجوداً وقت أحداث إمبابة ولم يضبط متلبساً..
ولم يُسأل في تحقيق ولم يشهد عليه أحد..
وتم حبسه بناء على طلب تم تقديمه أمام ماسبيرو..


العدالة في مصر على المحك، فهي مضطربة مختلفة مثال أنه بينما حسنى مبارك القاتل المجرم الفاسد الخائن ينام على سرير فاخر في مستشفى سفن ستارز، ينام أبو يحيى على الأرض في زنزانة حقيرة واتهامه الحقيقي المساعدة على إسلام كاميليا شحاتة!!
وتزداد مرارة الأمر بأحكام براءة لمجرمين أفسدوا وسرقوا مصر أين الخلل؟
وآلاف من ضباط أمن الدولة قتلوا وعذبوا وظلموا ولم تنالهم يد العدالة فأين العدل؟!
الإجابة على لساني حائرة كما أنى أرى العدالة حائرة غير حاسمة على المجرمين وشديدة على المسلمين...
أعتقد أن الثورة لم تنجح تماماً، فهي ثورة ناقصة مضطربة تحتاج إلى استقرار، ولن تستقر مصر إلا بالعدل، وطالما ميزان العدالة مضطرب فالفوضى هي سيد الموقف.
ومصر الآن لا تحتاج إلى ثورة جديدة، ولا مليونيات ميدان التحرير، ولا برلمان، ولا دستور بقدر ما تحتاج إلى ثورة تغيير وتطهير داخل بيت العدل..
ليهتف الشعب يحيا العدل.


ممدوح إسماعيل
محام وكاتب
وكيل مؤسسي حزب النهضة المصري
Elsharia5@hotmail.com

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام