اليمين المتطرف.. وجه للإرهاب تكشفه (مذبحة) النرويج

ملفات متنوعة

بعد هذه الهجمات الدامية التي ضربت النرويج .. هل يمكن للغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص تغيير نظرتهم في الإرهاب والكف عن ربطه دائما بالإسلام والمسلمين ، فالأحداث الأخيرا أثبتت وبشكل قاطع أن الإرهاب ليس حكرا على المسلمين وحدهم!



هجوم هنا وتفجير هناك .. المتهم الرئيسي فيها "يجب أن يكون مسلم أو جماعة إسلامية والضحية هي دوما الغرب أو أي أهداف خاصة بهم .. فالإرهاب هو صنيعة المسلمين" كما يدعي الغرب دوما ، لكن تأتي هجمات النرويج الدموية لتؤكد وجود وجه آخر للإرهاب هو اليمين المتطرف الذي طالما هاجم بكل رموزه الإسلام والمسلمين بشراسة ليقف الآن متهما فالفاعل هو مسيحي ذو توجهات يمينية متطرفة، وهو ما يثير تساؤلات حول علاقة الجماعات اليمينية بمثل هذه الهجمات التي يتوقع تزايدها في الفترة المقبلة.


ويضع حادثا التفجير وإطلاق النار في العاصمة النرويجية أوسلو -اللذان أوقعا 91 قتيلا - أوروبا بأكملها في مواجهة احتمال نشوء خطر أمني جديد بعد نحو عقد من هجمات 11 سبتمبر ألصقت فيها الاتهامات بالمسلمين وأدت إلى موجة من الإسلاموفوبيا ذاق ويلاتها المسلمون في أوروبا والولايات المتحدة لسنوات.


وتسبب التفجير الذي يعد الأسوأ في غرب أوروبا في تضرر العديد من المباني الحكومية، من بينها مكتب رئيس الوزراء، ينز ستولتنبرغ، الذي لم يكن متواجداً ساعة التفجير ومقتل 7 أشخاص ، بينما أسفر إطلاق النار الذي نفذه شاب نرويجي مسلح عن قتل 84 شخصا على الأقل في معسكر للشباب تابع للحزب الحاكم في جزيرة "أوتويا".


الشاب المتهم بارتكاب الاعتداءين الداميين تبين من تحريات الشرطة أن لديه آراء معادية للإسلام، لكنها لم تكشف دوافعه، ووصفت الشرطة المشتبه به الموقوف بـ "الأصولى المسيحى"، موضحة أن آراءه السياسية تميل "إلى اليمين" بدون مزيد من المعلومات.


بينما ذكرت مصادر إعلامية نرويجية نقلا عن مصادر أمنية قولها إن الموقع الإلكتروني الخاص بالشاب النرويجي المتهم ويدعى بيهرينغ بريفيك (32 عاما) يدل على انتمائه لتيار يميني متطرف يكره الإسلام ويعارض هجرة الأجانب إلى البلاد خاصة المسلمين.

وكان ريفيك ينشط ضمن حزب "فريمسكريت بارتيت" الذي يخصص جزءاً كبيراً من خطابه لمهاجمة الهجرة الخارجية إلى النرويج ، وقد أكد هيرالد منهايم، أحد قادة الحزب، لإحدى الصحف النرويجية أن ريفيك كان بالفعل ينشط ضمن صفوفه، وقال إن اللقاء معه كان يشبه "الاجتماع مع (زعيم ألمانيا النازية أدولف) هتلر قبل الحرب العالمية الثانية."


كما نقلت عنه صحيفة أخرى قوله إنه "يرأس فرعاً محلياً في أوسلو للجمعية الماسونية، وقد كان ريفيك أحد الأعضاء فيه أيضاً".


ويستبعد كثير من المحللين وخبراء الإرهاب أن تكون هذه الهجمات من فعل جماعة إسلامية بل يرجحوا أن تكون من يمينيين متطرفين ، فالهجمات تبدو كأنها موجهة إلى "حزب العمال" الحاكم اعتراضا على ما يبدو على سياسته، والمنفذ نرويجي الأصل، رغم أن تقنيات الهجمات المزدوجة والمنسقة تحمل في العادة بصمة تنظيم القاعدة، الذي بالغ الغرب في خطره ، بيد أن الخبراء لم يستبعدوا لجوء جماعات يمينية أخرى إلى "نسخ" الإستراتيجية ذاتها.


ويعتقد المحللون أن الجماعات اليمينية المتطرفة تريد التوسع ونشر أيديولوجيتها لتهدد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.


وفي تقرير عن الأمن القومي لعام 2011 نشره جهاز الشرطة النرويجية في فبراير من العام الحالي ذكر الجهاز أن اليمينيين المتطرفين في النرويج على اتصال بيمينيين متطرفين في السويد وآخرين في دول أوروبية أخرى، كما أن ثمة اتصالا بين نرويجيين ويمينيين متطرفين في روسيا.


لكنه ورغم ذلك لم يعتبر جهاز الأمن الداخلي في تقريره اليمين المتطرف مصدر "تهديد خطير"، حتى رئيس الحكومة نفسه قال إن "بلاده ليست لديها مشكلات كبيرة مع المتطرفين اليمينيين"، فيكفي الخطر والتهديدات القادمة من المسلمين!.


وهذه هى المرة الأولى التى يضرب فيها اعتداء بالقنبلة المملكة العضو فى الحلف الأطلسى (الناتو) والمشاركة بقوات ضئيلة فى أفغانستان وفى الغارات الجوية التى يشنها الحلف فى ليبيا، ، وقد بدا من المؤكد أن الهجمات الأخيرة ستُحدث تحولاً في مجتمع مفتوح لا تخضع فيه المباني الحكومية عادة لحراسة مشددة.


ووسط إدانة دولية وإسلامية للهجمات، لا تزال الشرطة النرويجية تحقق لتعرف ما إذا كان ريفيك يعمل بمفرده أم أن هناك من ساعده.


وسبق أن تلقت النرويج تهديدات من قبل، ولكن المحللين لطالما اعتبروا أن احتمال تعرض هذا البلد لهجوم يظل أقل مقارنة مع بقية البلدان الإسكندنافية. وكان أحدث هجوم في المنطقة قد وقع في السويد في ديسمبر الماضي عندما ضربت تفجيرات مدينة ستوكهولم؛ وفي أحد التفجيرات، قام مشتبه في وقوفه وراء التفجير بقتل نفسه وجرح شخصين آخرين في منطقة وسط المدينة.

وبعد هذه الهجمات الدامية التي ضربت النرويج .. هل يمكن للغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص تغيير نظرتهم في الإرهاب والكف عن ربطه دائما بالإسلام والمسلمين ، فالأحداث الأخيرا أثبتت وبشكل قاطع أن الإرهاب ليس حكرا على المسلمين وحدهم بل كشفت عن وجه آخر وخطير للإرهاب ألا وهو اليمين المتطرف الذي يتغاضى الغرب عن خطره مقابل التصعيد غير المبرر للخوف من الإسلام والمسلمين أو ما يعرف بالإسلاموفوبيا.


23/8/1432 هـ
 


المصدر: إيمان الشرقاوي - موقع المسلم

<