خاتمة سيئة وأخرى حسنة

ملفات متنوعة


يقول أحد العاملين في مراقبة الطرق السريعة ، فجأة سمعنا صوت ارتطام قوي فإذا بسيارة مرتطمة بسيارة أخرى ، حادث لا يكاد يوصف شخصان في السيارة في حالة خطيرة أخرجناهما و وضعناهما ممدين أسرعنا لإخراج صاحب السيارة الثانية فوجدناه قد فارق الحياة ، عدنا للشخصين فإذا هم في حالة الإحتضار ، هبّ زميلي يلقنهم الشهادة و لكن ألسنتهم ارتفعت بالغناء ، أرهبني الموقف و كان زميلي على عكسي يعرف أحوال الموت فأخذ يعيد عليهما الشهادة و هما مستمران في الغناء , لا فائدة بدأ صوت الغناء يخفت شيئا فشيئا سكت الأول فتبعه الثاني ، فقد الحياة لا حراك .

يقول لم أر في حياتي موقفا كهذا حملناهما في السيارة قال زميلي إن الإنسان يختم له إما بخير أو شر بحسب ظاهره و باطنه ، قال فخفت من الموت و اتعظت من الحادثة و صليت ذلك اليوم صلاة خاشعة.

قال : و بعد مدة حصل حادث عجيب ، شخص يسير بسيارته سيراً عادياً و تعطلت سيارته في أحد الأنفاق المؤدية إلى المدينة فترجل من سيارته لإصلاح العطل في أحد العجلات ، جاءت سيارة مسرعة و ارتطمت به من الخلف فسقط مصاباً إصابات بالغة فحملناه معنا في السيارة ، وقمنا بالإتصال بالمستشفى لاستقباله ، شاب في مقتبل العمر متدين يبدو ذلك من مظهره ، وعندما حملناه ، سمعناه يهمهم ، فلم نميز ما يقول و لكن عندما وضعناه في السيارة سمعنا صوتا مميزا ، إنه يقرأ القرآن و بصوت ندي سبحان الله ! لا تقول هذا مصاب الدم قد غطى ثيابه و تكسرت عظامه بل هو على ما يبدو على مشارف الموت ، استمرّ يقرأ بصوت جميل يرتل القرآن ، فجأة سكت ، التفتُّ إلى الخلف فإذا به رافع إصبع السبابة يتشهد ثم أحنى رأسه ، قفزت إلى الخلف لمست يده ، قلبه ، أنفاسه ، لا شيء ، فارق الحياة !!

نظرتُ إليه طويلاً ، سقطت دمعة من عيني ، أخبرت زميلي أنه قد مات، انطلق زميلي في البكاء أما أنا فقد شهقت شهقة و أصبحت دموعي لا تقف ، أصبح منظرنا داخل السيارة مؤثرا و صلنا إلى المستشفى ، أخبرنا كل من قابلنا عن قصة الشاب ، الكثير تأثروا ذرفت دموعهم أحدهم لما سمع قصته ذهب وقبل جبينه ، الجميع أصروا على الجلوس حتى يصلى عليه.

اتصل أحد الموظفين بمنزل المتوفى كان المتحدث أخوه قال عنه أنه يذهب كل أثنين لزيارة جدته الوحيدة في القرية كان يتفقد الأرامل و الأيتام والمساكين , كانت تلك القرية تعرفه فهو يحضر لهم الكتب و الأشرطة و كان يذهب و سيارته مملوءة بالأرز و السكر لتوزيعها على المحتاجين حتى حلوى الأطفال كان لا ينساها و كان يرد على من يثنيه عن السفر و يذكر له طول الطريق كان يرد عليه بقوله إنني أستفيد من طول الطريق بحفظ القرآن و مراجعته و سماع الأشرطة النافعة و إنني أحتسب إلى الله كل خطوة أخطها . يقول ذلك العامل في مراقبة الطريق كنت أعيش مرحلة متلاطمة الأمواج تتقاذفني الحيرة في كل اتجاه بكثرة فراغي و كنت بعيداً عن الله فلما صلينا على الشاب و دفناه و أستقبل أول أيام الآخرة استقبلت أول أيام الدنيا ، تبت إلى الله عسى أن يعف عما سلف و أن يثبتني على طاعته و أن يختم لي بخير.

 
 
 
 
<