حنحارب إسرائيل الأرانب

..مرت عقود والصهاينة واثقين من أن مصر لن تتحرك قيد أنملة تجاه أي استفزاز أو تدنيس للمقدسات في القدس طالما اللامبارك يحكمها، لذلك كانت مصيبتها كبيرة وفادحة في سقوط مبارك .


مازلت أتذكر وأنا طفل صغير عقب هزيمة 67 كنا نخرج في الحارة ونهتف جميعاً: "حنحارب حنحارب إسرائيل الأرانب"، وُنكرر الهتاف ونطوف بكل مكان بكل حماس نهتف: "حنحارب حنحارب إسرائيل الأرانب"، وما هي إلا سنوات حتى حاربنا وتحقق نصر العاشر من رمضان بفضل الله ثم العزيمة والإصرار، وقد ظن العدو الصهيوني أنه بتقييد مصر باتفاقية كامب ديفيد والحكام العملاء أن مصر لن تقوم مرة ثانية، فجعل مصر ملطشة لكل ما يريده من انتهاكات على الحدود من حوادث قتل متفرقة يقابلها حسنى اللامبارك بموقف باهت، بخلاف طغيان اليهود على إخواننا في فلسطين، وقتلهم للفلسطينيين ليل نهار، ونظام اللامبارك كأنه نظام رومانيا لا يعنيه شيء وليس نظام يحكم شعب مسلم عربي.


الشاهد أنه مرت عقود والصهاينة واثقين من أن مصر لن تتحرك قيد أنملة تجاه أي استفزاز أو تدنيس للمقدسات في القدس طالما اللامبارك يحكمها، لذلك كانت مصيبتها كبيرة وفادحة في سقوط مبارك، وكأني أسمع أيام الثورة ويوم خلع مبارك بكاء وعويل خنازير اليهود وحسرتهم على فقده وقد قالوا ولم يستخفوا أن خسارته عظيمة.

وتغيرت مصر بعد الثورة في كل شيء والعدو الصهيوني يترقب ويتحين الفرصة، فهو يعلم أن القوات المسلحة موجودة في كل مكان على أرض مصر، وقواتها متفرقة وسيناء شبه خالية من القوات العسكرية، ولكنه يعلم أنه الجيش الذي قهره وأذله في عام 73.


ولا يجب أن ننسى مخطط الفوضى الخلاقة، فاليهود ومن ورائهم الأمريكان وعملائهم يعلمون يقيناً أن استقرار النظام السياسي في مصر، وإجراء انتخابات تأتى بأغلبية إسلامية وطنية سيُشكل أكبر مصيبة لأهداف ومخططات اليهود والأمريكان في مصر، وسوف يأتي على كل ما حصدوه في فترة حكم العملاء.

لذلك أعتقد أن ما يحدث في سيناء مخطط صهيوأمريكي، بداية من أحداث قسم العريش ودفع السلطة إلى حملات أمنية تطيح بالصالح والطالح بدون تمييز، مما يعمق من مشاكل معقدة فى سيناء كان الأولى حلها سياسياً وحصر المواجهة الأمنية في أضيق الحدود، ولكن للأسف مازال البعض يتحرك بعقلية أمن الدولة السابق في حملاته ضد الجميع مما ترك مشكلة ثأرية في سيناء لن تحل إلا بالسياسة.


ثم كانت حادثة إيلات التي أصابت اليهود في مقتل، مما دفعهم إلى إخراج خطة إشعال الموقف واستغلال الحدث، فضربوا في غزة ثم ضربوا في مصر، فاستشهد هنا وهناك العشرات، وهنا لنا وقفة، فقد سكتنا كثيراً بل سنوات وسنوات على ذل واستكبار وغرور صهيوني بسبب قهر عملاء اليهود، ويظن اليهود أنهم يحرجون السلطة في مصر، وقد حدث وخرج بيان كما في السابق يحتج ولكننا نقول لهم كفى احتجاجاً نريد موقف عملي يشعر به كل صهيوني ومن ورائه أن دمائنا ليست رخيصة وأننا مهما كانت المشاكل قادرين بفضل الله على اتخاذ المواقف القوية،
ولتعلم السلطة في مصر أنها ليست وحدها كما كان حسنى إنما ورائها شعب 85 مليون،
تخيلوا كم الرعب لدى اليهود عندما يتيقنوا أن الجيش والشعب ايد واحدة حقاً وأن الشعب المصري كله جيش قادر -بفضل الله- على المواجهة، تخيلوا كم الرعب الذي سيزلزل قلوبهم ويعصف بعقولهم، لذلك أعتقد أننا في مرحلة هامة ودقيقة تحتاج إلى حكمة وقوة بدون تهور، فأقل موقف هو سحب السفير المصري وطرد السفير الإسرائيلي كشخصية غير مرغوب فيها،
ويقيناً العدو الصهيوني لن يحاربنا حرب شاملة لأنه يعلم أنه يشعل النار تحت قدميه إن فعل ذلك، ولكنه يحاول إحراجنا وإضعافنا واستغلال الوضع لابتزازنا، ولكن مصر لم تعد مصر مبارك أو مصر السادات ولا مصر العملاء، ولكن مصر عادت للمصريين عادت مصر إلى شعب مصر العربي المسلم الذي سطّر في التاريخ صفحات مجد ضد كل الطغاة والمستكبرين وأعداء الإسلام،
من هنا حتى يوم الوعد بتحرير فلسطين والأقصى يجب أن يعلم اليهود وكل إسرائيلي أننا سنحارب سنحارب إسرائيل الأرانب، نعم هم جبناء سريعي الهرب كالأرانب عندما يجدوا رجال مسلمين صادقين، وحتى يأتي اليوم -كما جاء في العاشر من رمضان من قبل- لابد له من إعداد كما قال الحق تبارك وتعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّ‌بَاطِ الْخَيْلِ تُرْ‌هِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّـهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِ‌ينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّـهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال:60] والإعداد يشمل مع الإعداد العسكري الإعداد الإيماني والصناعي والتنموي والتقني.

والله كأني أشم رائحة القدس والأقصى تقترب من أنفى، وإنها لقريبة بإذن الله، ولكن تحتاج إلى رجال صادقين ينصروا الله في شرعه وحكمه ودينه وسنّة نبيه كما قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُ‌وا اللَّـهَ يَنصُرْ‌كُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7] ولن نيأس وسنعود والله لقوتنا كأسود لاتخشى الوغى بعد أن حطمنا قيود عملاء اليهود، وأسأل الله أن يرزقني شهادة خالصة على أعتاب المسجد الأقصى.. اللهم آمين.

ممدوح إسماعيل محام وكاتب
Elsharia5@hotmail.com
 

<