لعبة الموت في رمضان والأعياد.. رسالة إلى من يهمه البُمبْ!!

الشيخ كارم السيد حامد

رمضان شهر الخيرات والبركات والرحمات والصدقات والنفحات، ولكنه كذلك شهر البمب والصواريخ والمفرقعات والطرقعة في الشرفات والعمارات السكنية وتحت الأرجل ...



الآن فجر الاثنين الثامن من رمضان المعظم 1432هـ، الثامن من أغسطس 2011م.



الحمدُ لله والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد..

رمضان شهر الخيرات والبركات والرحمات والصدقات والنفحات،
وأيضًا هو شهر المطعومات والمشروبات والياميش والبلح والعين جمل والزبيب والكنافة والقطايف،
ولكنه كذلك شهر البمب والصواريخ والمفرقعات والطرقعة في الشرفات والعمارات السكنية وتحت الأرجل خصوصًا العجائز وكبار السن، وأحلى وقت للفرقعة لو أردت أن تستلذ بإزعاج الناس وإقلاق منامهم وإصابتهم بنوبة عصبية وغضب جارف وانفعال عارم أن تكون فرقعة الصواريخ في وقت الراحة من بعد صلاة التراويح وحتى السحور.

يا سلام لما تصيبك نوبة فزع طااااااااااخ بووووووووووووم تراااااااااااام،
فتصيح الطفلة الصغيرة وقد أفزعتها الأصوات المرعبة وتنهار أعصاب الشيخ الكبير الذي بلغ من الكبر عتيًا،
ويرتفع الضغط وتفاجئه كومة السكر.

وأجمل من كل هذا أن تقع على رأسك وأنت تعبر الشارع أو تمر أسفل عقار تحت بلكونة أي بيت قنبلة صغيرة عبارة عن صاروخ جو أرض في حجم عود الثقاب "الكبريت" ويا سلام لو كان حظك ونصيبك أن يتواكب وضع قدمك على الصاروخ في توقيت انفجاره فكأنك قد وطئت بقدمك لغمًا من مخلفات الحرب وانفجر فيك بوووووووم.

وهنا في كل الحالات السابقة وغيرها مما يعجز البسطاء عن تخيله أو توقعه فضلًا عن تقبله واحتماله، وتنطلق ضحكات الأبناء الأطفال والبنات والشباب والفتيات.
إلى هنا يمكننا -جدلًاـ القول بأنهم أطفال صغار ناقصين تربية وتعليم، وممكن يعني تعديها وتكبر دماغك وتنفض للموضوع لأنك لو يعني فكرت يعني تحاول يعني تروح يعني تشتكي يعني لا قدر الله يعني وتكلم الوالد المحترم طبعًا والمؤدب جدً ستسمع الإجابة المعروفة:
رمضان كريم يا أستاذ، دول عيال وبيلعبوا، وطبعًا لو كنت شيخًا من الدعاة وأردت أن تبين له الحكم وتوضح له المفسدة، وعلى فرض يعني إنه ترك لك مساحة من الوقت لكي تنكر عليه وتذكره بأحكام الدين وما عساك تكون حافظًا له ولم تؤثر الصواريخ المنفجرة أسفل قدميك أو الساقطة فوق رأسك فلم تنس المعلومتين اللي قدرت تحفظهم من كتاب أو تنسخهم من موقع من المواقع، لو ترك لك الوالد الوقت لهذا فكلمته وذكرته بحرمة المال وبينت له أن فرقعة الصواريخ فيه من المفاسد ما يلي:

أولًا: إنفاق المال في غير محله بدون منفعة مرجوة ولا عائدة منتظرة وهذا تبذير وإتلاف والله تعالى شأنه يقول: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا. إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء:26،27]، عند هذا الحد تراه يتأفف ويستغفر ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم "اللي راكب فضيلة الشيخ ووسوس له أن يكفر الناس لمجرد فرقعة صاروخ فوق نافوخ فضيلتك أو تحت رجل مولانا، أو رجل كبير أو امرأة عجوز".

ياعم الشيخ يعني إحنا كفرنا خلاص استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم "ده أنا لسه مصلي معاك يا مولانا المغرب حتى أنته -مش فضيلتك طبعًاـ أريت بينا "يقصد قرأت بنا" في الصلاة بالأمارة يعني ولا مؤاخذة سورة الفلأ "الفلق" في الركعة الأولى وسورة الصمدية "الإخلاص" في الركعة التانية.
طب بس اسمعني يا أستاذ فلان أنا قصدي أقول لحضرتك ـ طبعًا الشيخ بدأ يجر ناعم لأنه شايف الراجل المحترم بيلاعب السكينة اللي كانت في صينية البسبوسة وكانه بيشاور مقبض السكينة.

أنا عايز أقول أن الصوت بيزعج الناس ومن الناس المريض والمرهق والكبير السن وصوت الصاروخ بيرج في رأسه أو رأسها الست الكبيرة المسكينة الهلكانة شغل طول اليوم في المطبخ والشقة والسوق والعيال.
ده بخلاف الأطفال الرضع طفل رضيع أربع شهور أو حتى أربع سنين أو مريض أو عنده عمل يدوب عايز يلحق يخطف ساعتين بعد التراويح علشان يقوم يروح الشغل، والصواريخ بتترمي في صحن العمارة أو مدخل البيت فصوتها بيرج وبيعمل صدى... إلخ
يا مولانا متحبكهاش سيب العيال تفرح ده كلها أيام والشهر الكريم يروَّح ويا عالم ميييييييييييين يعيييييييش ـ ويلوح بالسكينة ـ ومييييين يمووووووووووت، وصوته بقى خشن وهو يقول "وربنا يدينا ويديك الصبر وطولة البال ويمد في عمرنا وعمرك.
ولو بقى كنت مقاوح وغلباوي زي حالاتي وحبيت تحولها لموعظة من النوع الطويل وألححت عليه في الكلام،
تلاقيه يقاطعك ويقول: أفادكم الله اتفضل اشرب شاي ونادي بأعلى صوته: يا أم محمووووووووووووووووووووووووود، هاتي قطايف للشيخ، وطبعًا دي معناها آنست وشرررفت يا سيدنا اتفضل معانا على السحووور.
شكرًا يا أبو فلان ربنا يكرمك ويجعله عامر أستأذن أنا..
ادعيلنا والنبي يا عم الشيخ "طبعًا مفيش مجال علشان توضح له أن الحلف بغير الله لا يجوز ولو كان بنبي أو ولي" .
وصَّل عمك الشيخ يا واااااد..
يفتح المحروس الباب وينزل الشيخ ومن وراااه..
بوووووووووووووووووووووووووووووم طاااااااااااخ.. ههههههههه..
ملحوظة مهمة: للأمانة العلمية ونقل الحقائق فإن الصاروخ الأخير والشيخ خارج من البيت الذي رماه هو البيه أبو المحروس لأن المحروس كان بيوصل مولانا الشيخ لباب البيت.
ورمضان كريم..
طبعًا الكلام ده مش لازم يكون بيحصل بالضبط والنص..
لكن في هذا السياق يتكرر الكلام والموقف كل رمضان وكل عيد..
ليه ؟ ليه مش موجودة الرعاية لحق الطريق، وحق الجار، ليه مش موجودة المحافظة عل المشاعر والحرمات؟!!
ليه مش موجودة في رمضان خصوصًا الأخوة الحقيقية؟!
يتكلم المشايخ والدعاة في المساجد وعلى المنابر..
أنا بدوري خصصت وساخصص حلقات من الخطب وموعظة الترويحة بين الركعات للسلوكيات الخاطئة التي نسلكها كمسلمين في رمضان والعيدين،
لك أن تتخيل نفسك يا والد الطفل الصغير والشاب الكبير وأنت نفسك يا من تفرح مع أبنائك بالصواريخ والبمب ومسدسات الخرز، لك أن تتخيل كم مرة أزعجت نائمًا؟
كم مرة أغضبت مريضًا؟
كم مرة روعت آمنًا؟
كم مرة أفزعت رضيعًا أرهق أمه وأباه من كثرة بكائه ولما نام بالكاد أيقظته على صوت الصاروخ واستفززت مشاعر أبويه بضحكاتك المستفزة بينما أنت فرح مسرور بهذه النتائج المقززة؟
ألا تخاف من دعوة عليك تخرج من فم وقلب مريض ضاعفت عليه المرض بها السلوك؟
ألا تخاف من حسبلة امرأة عجوز أو رجل كبير بلغ أرذل العمر إذ داست رجله بحظه العاثر على الصاروخ فانفجر فروعته؟
أليس هذا المال الذي أنفقته على الصواريخ والمفرقعات والألعاب النارية أولى أن تنفقه على فقير لا يجد طعامًا؟
أو عريان لا يجد كساءً؟
أو مرض لا يجد دواءً؟
أو شريد لا يجد سكنًا؟

اعلم أخي الكريم أنك تنفق المال في غير موضعه وهذا ليس من صفات عباد الرحمن، قال الله عز وجل عنهم: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان:67].
وقوله تعالى {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا. إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء:26،27]
وروى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه واللفظ للبخاري
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنا الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال وكثرة السؤال».

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الزهادة بالدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال ولكن الزهادة في الدنيا أن لا تكون بما في يديك أوثق مما في يدي الله وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها أرغب فيها لو أنها أبقيت لك» (الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 5/55خلاصة حكم المحدث: حسن كما قال في المقدمة).

ألا تعرف أيها الوالد الفاضل والأخ الكريم والشاب المراهق أنك بهذا العمل من العبث بالصواريخ ومفرقعات تروع المسلمين وتزعجهم ومنهم من هو خفيف القلب "أعصابه خفيفة" بحيث يتأذى بأقل صوت مزعج لاسيما في هذه الأيام التي انتشرت فيها الأسلحة بين البلطجية؟
ألا تعرف أيها الكريم الفاضل الحبيب أن هذا اللعب وهذا العبث هو انتهاك لحق الطريق الذي حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث على الحفاظ عليه وأدائه كشرط من شروط السماح للمسلمين بالجلوس في الطريق؟
كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوس في الطرقات. فقالوا: ما لنا بد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. قال: فإذا أبيتم إلا المجالس، فأعطوا الطريق حقها . قالوا : وما حق الطريق؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر»
فأين أنت يا مفجر صواريخ اللعب في الطرقات من حق الطريق؟
أليس هذا نوع من الأذى يلحق المسلمين؟
ألم تقرأ قول الله عز وجل في شأن إيذاء المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب:58].

كلمات كثيرة تتدافع على لساني وتتصارع على بناني "الكيبورد" لأذكرها وأسطرها لكنني لا أريد أن أزيد حتى لا يمل القارئ الكريم
ولكن حسبك من ذلك أن تعلم أن إنفاق المال في هذا النوع من اللعب هو من باب السفه وعدم الرشد، وارجع إن شئت إلى الفقهاء القدامى لتجد أن للمنع أصلًا في كتب الحنابلة المتقدمين، ففي كتبهم إشارة إلى ما يُصنع في هذا الزمان من هذه المفرقعات النارية، وأنها تضييع للمال.
ففي "شرح منتهى الإرادات" (2/ 172):

جعل من شروط الرشد وهو حسن التصرف في المال: "أن يحفظ كل ما في يده عن صرفه فيما لا فائدة فيه، كحرق نفطٍ يشتريه للتفرج عليه، ونحوه" انتهى.

أرأيت أيها الحبيب الأريب كيف صار المنفق ماله في غير فائدة كأن يشتري نفطًا ليحرقه ويتفرج عليه كيف صار عمله هذا من غير أعمال الرشد؟
أليس هذا كمن يشتري الواريخ بجنيهات عديدة ليفجرها ويشاهدها وهي تشتعل ثم تنفجر؟
ألا فلنراجع أنفسنا ولنتأمل جليًا في أفعالنا وسلوكياتنا..

ثم أوجه كلمة إلى البائع الذي يتكسب من هذه التجارة فأقول له: أيها الأخ الحبيب نرجو الله -عزوجل- أن يوسع لك ويفتح لك أبواب رزقه وكرمه وأن يغنيك من فضله، لكن يا حبيب لا يجوز لك أن تبتغي ما عند الله بمعصية الله ولا أن تتاجر بما يفسد المجتمع وينشر فيه الاضطراب ويشيع فيه الفزع بغرض الرزق والتكسب وبحجة أنه موسم وأيام مباركة وتأتي كل عام مرة وبلاش تقطيع أرزاق
يا حبيب ألا ترى أن هذا الكلام يتعارض مع عقيدتنا في الله -عزوجل- وأن الرزق من عند الله وأن الأمر بيد الله
قال الله عز وجل: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ. فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [سورة الذاريات:22،23].

وكذلك في قوله تعالى في سورة الملك ترى إشارة بديعة بليغة إلى اتخاذ السبيل الذي يسره الله لنا في الأرض لتحصيل الرزق الذي في السماء مع مراعاة جانب العقوبة المترتبة على المخالفة حيث إليه النشور والرجوع والبعث ومن ثم الحساب والجزاء
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك:15].
وأقول للجميع لمن اشترى ومن باع ومن دفع لولده ليشتري ولمن جلب هذه الألعاب، قال الله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:2] .
فهذا توجيه صريح بوجوب التعاون فيما بيننا على البر والتقوى ونهي صريح ومباشر عن التعاون على الإثم والعدوان، فإذا ما ثبت مما مر أن الألعاب النارية والمفرقعات والصواريخ وما أشبه تصيب الناس بالفزع وتؤرق المرضى وترهب الأطفال وتزعج النائمين وتقد مضاجع النائمين، كما أنها لا يؤمن معها نشوب الحرائق لو لامست ملابس أو مخازن أو مواد قابلة للاشتعال مما قد يؤثر على الممتلكات ويهدد بخسائر الله أعلم بمداها ومخاطرها..
إذا ثبت كل هذا ألا تدخل المتاجرة بها استيردا وتصديراً وتصنيعًا وتجميعًا وبيعًا وشراءً واستعمالًا وتفجيرًا، ألا تدخل تحت باب التعاون على الإثم والعدوان المنهيّ عنه في القرآن الكريم؟
بلى تدخل قطعًا، وبالتالي فإن الحكم الشرعي يصح إسقاطه على تحريم ومنع المتاجرة بها في جميع مراحلها وكذلك يقتضي تحريم التعامل تحريم الثمن بحيث يصير المال المتولد والناتج عن هذه التجارة حرامًا..
يمكنك أن تقرأ هذا جلياً في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما ـ كما عند الإمام أحمد بتحقيق العلامة أحمد شاكرـ
«لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه».

ومن ثم فإنه يتأكد تحريم ثمن البيع الناتج عن المفرقعات والألعاب النارية..
وفي ذات الشأن فإنه يجدر بنا أن نبين مسألة مهمة جدًا أيضًا وهي المتعلقة بالمسدسات الخرز..
وهي تلك التي يتم حشوها بخرزات بلاستيكية في حجم حبات الحمص ويضرب الغلام بها وتنطلق في اتجاه المسدس فتصيب العين والسن والزجاج والمصابيح الكهربائية وما أشبه..
وهي بذلك تتشابه إلى حد كبير جدًا ربما إلى حد التطابق والتماثل مع الحذف أو الخذف بالحصى..
كما رواه ابن ماجه وصححه الألباني من حديث عبد الله ابن مغفل قال: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الخذف وقال: «إ{C}{C}{C}{C}نها لا تقتل الصيد ولا تنكي العدو ولكنها تفقأ العين وتكسر السن{C}{C}».

فأنت ترى أيها الحبيب المتأمل الواعي أن الفائدة من اللعب بمثل هذا النوع من الألعباب غير متحصلة بل منفية بنص الحديث الشريف
فالحذف كما جاء في لسان العرب لابن منظور هو "وأَما الخَذْفُ بالخاء فإنه الرمي بالحَصى الصّغار بأَطراف الأَصابع"،
وكذلك أورد نفس المعنى في مادة: (خذف) الخَذْفُ رَمْيُكَ بحَصاة أَو نواة تأْخُذها بين سَبّابَتَيْك أَو تَجْعَلُ مِخْذَفةً من خشب ترمي بها بين الإبهام والسبابة خَذَفَ بالشيء يَخْذِفُ خَذْفًا رَمى وخَصَّ بعضهم به الحَصى الأَزهري في ترجمة حَذَفَ قال وأَما الخَذْف بالخاء فإنه الرَّمْيُ بالحصى الصغار بأَطْراف الأَصابع يقال خَذَفَه بالحصى خذفًا..
ألا ترى مدى التشابه بل قل التطابق بين هذه الصفة وبين الضرب بمسدسات الخرز التي انتشرت بشدة؟
ثم انظر إلى التعليل النبوي الشريف والبليغ والمباشر..
إنه قد نهى عن هذه اللعبة ثم عقب بالتعليل والبيان بأن المنفعة منتفية وأن المفسدة متيقنة..
فإن اللاعب بهذا المسدس إذا أراد أن يصطاد به لن يحصل له مراده من قتل الصيد، كما أنه لو أراد أن يدفع الصائل أو العدو المتهجم فإن هذا المسدس لن يفيده ولن يجديه نفعًا..
وعلى خلاف ذلك فإن المفسدة المتوقعة منه متحققة..
أذكر أنني قرأت تقريرًا لمجلة من المجلات المصرية أوردت فيه إحصاءً لعدد المصابين حيث استقبل مستشفى رمد الجيزة فى عيدى الفطر والأضحى 2008 ما يقرب من 120 حالة ما بين إصابات جسيمة بالعيون وفقد كامل للعين جراء هذه المسدسات.. وفى عيد الفطر 2009 تم استقبال 70 حالة فقدوا عينًا من أعينهم، معظمهم من الأطفال الأبرياء انتهى.
ويبقى على المسؤلين دور مهم جدًا وهو من المسؤلية الملقاة عليهم..
أن يتقوا الله عز وجل في مراقبة الصادرات والواردات وألا يسمحوا بمرور هذه الألعاب ابتداءً..
كما على الأجهزة الرقابية الداخلية أن تتقي الله أيضًا ولا تسمح بتداول هذه الألعاب داخليًا..
وعلى جميع المواطنين أن يتكاتفوا من أجل مقاطعة هذه الألعاب.. ألعاب الموت..

ألا فليبلغ الشاهد الغائب ولنبذل في سبيل تغيير واقعنا وتقويم سلوكياتنا وتصويب عاداتنا وتصحيح مفاهيمنا وضبط نظرتنا وتصوراتنا كل ما نستطيعه من جهد..
وهنا يجدر بنا أن نتذكر جيدًا أن النظم والقوانين المحلية تمنع وتجرم وتؤثم المتاجرات بالألعاب النارية والمفرقعات..
ويبقى أن نتقي الله عز وجل وألا نفرط في ديننا وألا يكون حالنا بعد الثورة المباركة كحالنا قبلها.


وكتبه:
ابن الأزهر ومحبه:
الشيخ: أبو أسماء الأزهريّ
كارم السيد حامد السرويّ
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية