ألا يا نفس فاعتبري

الشيخ كارم السيد حامد

تمر بالمرء مواقف يستشعر أنها تحمل رسائل تخصه في حياته، وتوقظه من سباته، وتنبهه من غفلته، وتكفه عن غيه، وترده عن شقوته، لعله يصحح نيته، ويستدرك أمره ويستغفر ربه ويعيد ترتيب أوراقه وتقييم حياته.



تمر بالمرء مواقف يستشعر أنها تحمل رسائل تخصه في حياته، وتوقظه من سباته، وتنبهه من غفلته، وتكفه عن غيه، وترده عن شقوته، لعله يصحح نيته، ويستدرك أمره ويستغفر ربه ويعيد ترتيب أوراقه وتقييم حياته.

فقد يكون المرء متكالبًا على الدنيا إلى حد الطغيان والنكران والنسيان لحقوق أولي القربى وغيرهم من بني الإنسان.

وقد يظل تائهًا غارقًا في لجة شهواته لا يلوي على شيء إلا ما تنادت به نفسه وألحت عليه رغبته وهو في سبيل تحصيل ذلك لا يرعى حقًا لله ولا حرمةً للشرع ولا حدًا للدين ولا حقوقًا للناس؛ فتأتيه تلك الرسائل فربما نبهته وأيقظته فتتداركه رحمة من ربه وتلحقه نعمة من خالقه فيرعوي وينزجر.

من تلك المواقف التي تحمل رسائل للمرء مثلًا موت قرين أو فقد حبيب أو بعد قريب، أو مرض صحيح، وافتقار غني وضعف قوي وذلة عزيز وهوان كريم.

لكن ليس فهم تلك الرسائل ميسورًا لكل أحد اللهم إلا من رحم الله وعصم.

وكذلك قد يفهم المرء الرسالة ويلتفت إليها حينًا من الزمان ثم تهزمه رغبته وتغلب عليه شقوته فينسى أو يتناسى ذلك المشهد الذي حضر فيه قرينه وصاحبه وخليله وزميله وهو يعالج سكرات الموت ويجرع مرارته، أو يعاني آلام المرض ويعجزه السقم عن الحركة.

فالسعيد إذًًا -في رأيي والله تعالى أعلم- من وفقه الله إلى فهم الرسائل الربانية المرسلة عبر المشاهد الحياتية واليومية ثم هو بعد فهمه وإدراكه تلك الرسائل انتفع بها فأثرت في قلبه وغيرت من أحواله.

فاللهم اجعلنا من أولي البصائر النافذة والقلوب الواعية والعقول المدركة والنفوس المطمئنة وارزقنا الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن واغفر لنا ما علمنا وما لا يعلمه عنا سواك.

تواصل معي عبر الفيس بوك شاب قال إنه في الرابعة والعشرين من عمره وأنه استقام منذ عامين وأنه كان يقوم الليل ويقرأ القرآن ثم إنه نكص وتنازعته الشهوات فلا هو مع المستقيمين ولا هو إلى الآخرين وسألني الحل لحاله فأوصيته بالتوبة النصوح وملازمة أهل الصلاح وإكثار الاستغفار وصدق اللجوء إلى الله والإلحاح عليه بالدعاء والإنابة وأن الله كريم لا يرد يد سائل صدق في دعائه وأقبل على الله برجائه.

وشعرت بأنني أحق وأولى بالسؤال منه والله المستعان وكتبت هذه الكلمات لساعتي وحيني اليوم الأحد السابع عشر من ذي الحجة 1432هـ، الثالث عشر من نوفمبر 2011م، الساعة 9. 24 مساءً.

 

ألا يا نفس فاعتبري

1. ألا يا نفس فاعتبري بما يأتيك من عبر

2. كأن الله أرسلها لأجلك أنت فادكري

3. وتوبي عن خطاياكِ إلى الرحمن وابتدري

4. نصوح التوب والتزمي وعن عصيانه استتري

5. ألا يا نفس لا تهني وخافي من لظى سقر

6. ومن دعوى بويلات الثبور ولفحة الشرر

7. وغساق وغسلين وشؤم الحال والصور

8. ألا يا نفس ما بالي أراك انسقت للضرر

9. أراك يغرك الشيطان بالتسويف في الكبر

10. أراك وقد تماديتِ سلكت الدرب ذا الحفر

11. وخضت مخاض مهلكةٍ وتلك مفازة الخطر

12. ألا يا نفس فاستمعي إلى الآيات والخبر

13. أما تخشين ميزانًا ونشر الصحفِ للبشر

14. ويوم العرض وا أسفا على ما ضاع من عمر

15. إذ الرحمن يسألها فهاتي العذر فاعتذري

16. عن الرحمن قال لها أتاك الهدي في السور

17. بآياتٍ مبيناتٍ ميسرةٍ لمدكر

18. وهَدْيٍ جاء يحملهُ رسولٌ ذائع السِيَرِ

19. فبلغه وأداهُ وكم لاقى من الضرر

20. وعنه الصحب قد حملوا وعنهم تابعوا الأثر

21. وأهل العلم سادتنا بهم يا نفس فافتخري

22. وقومي فاقتفي أثر الكرام الغر لا تذري

23. فإن مآل أهل الحق في الجنات والنهر

24. ومأوى المفترين النار يا نفسي ألا اعتبري



القصيدة بصوت الشيخ محمد أحمد عامر

ألا يا نفس فاعتبري


ابن الأزهر ومحبه

أبو أسماء الأزهريّ

كارم السيد حامد السرويّ

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية

Abo-asmaa@hotmai.com
Aboasmaa20011@yahoo.com

 


المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

<