إثبات اليد والقدرة جميعا لله سبحانه وتعالى

الشيخ عبد العزيز بن باز




من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ ع. أ. م وفقه الله آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده:
1- اطلعت على ما ذكرتم في الرسالة المرفقة من جهة كلام الحافظ ابن حجر على قول عبد الله بن مسعود: "والذي نفسي بيده.. إلخ"، وأن المراد باليد القدرة وفهمته، ولا شك أنه كلام ناقص مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة، والصواب: أنما ورد في هذا من الأحاديث والآثار يراد به إثبات اليد والقدرة جمعيا فهي تدل على أن بيده كل شيء سبحانه وله القدرة الكاملة، كما تدل على إثبات اليد له سبحانه على الوجه اللائق به من غير أن يشابه خلقه في شيء من صفاته.

وقد دل على هذا المعنى قوله تعالى في سورة المائدة {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] الآية، وقوله سبحانه في سورة ص: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «يطوي الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين السبع ثم يأخذهن بشماله ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟»، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.


2- وأما السؤال عن قول الحافظ في الرد على من قال إن حرف "لا" في قوله: "لا أقسم" أنها زائدة، وتعقب بأنها لا تزاد إلا في أثناء الكلام وأجيب بأن القرآن كله كالكلام الواحد.

والجواب: أني لا أعلم بأسا في مثل هذا الكلام من جهة أن القرآن كله كلام الله وكله محترم ومعظم وكله يفسر بعضه بعضا ويدل بعضه على بعض، لكن ليس هذا الجواب بسديد، والصواب أنها تزاد حيث وضح المعنى ولو كان ذلك في أول الكلام، كما في قوله تعالى في آخر سورة الحديد: {لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: 29] الآية، وقوله تعالى في سورة الأنعام {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام: 151]، وما أشبه ذلك، وهكذا قوله سبحانه: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [القيامة: 1] و {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: 1].

المراد بذلك في هاتين الآيتين وأمثالهما نفي ما يقوله المشركون من التعلق على غير الله والتقرب إلى آلهتهم بأنواع العبادة ليشفعوا لهم عند الله وإنكارهم المعاد، ثم أثبت بعد ذلك إقسامه سبحانه بما أقسم به من يوم القيامة والنفس اللوامة في السورة الأولى وبالبلد الأمين وما بعده في السورة الثانية على ما ذكره سبحانه بعد ذلك في السورتين، ويجوز أن يقال: "إن هذا الحرف جيء به للافتتاح لا لنفي شيء كما في الحروف المقطعة الأخرى في أول السور نحو {ألم} و {ألر} و {حم} وأشباه ذلك، وهذا هو معنى ما ذكره الإمام ابن جرير والحافظ ابن كثير.


3- وأما ما رواه الحافظ عمر بن شبة في تاريخ المدينة من قول عمر رضي الله عنه أنه وجد من عبد الله بن عمر ريح شراب.. إلخ.

فالصواب: أنه عبيد الله وليس عبد الله المشهور، ولكن وقع في اسمه تصحيف كما يدل على ذلك روايات أخرى بينت أنه عبيد الله المصغر، وهو تابعي وليس بصحابي غفر الله للجميع.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.