إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ ( 52 ) قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ( 53 ) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ( 54 )

( إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ ) إبراهيم: ( إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ ) خائفون لأنهم لم يأكلوا طعامه.

( قَالُوا لا تَوْجَلْ ) لا تخف ( إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) أي: غلام في صِغَرِه, عليم في كبره, يعني: إسحاق, فتعجب إبراهيم عليه السلام من كبره وكبر امرأته.

( قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي ) أي: بالولد ( عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ ) أي: على حال الكبر, قاله على طريق التعجب ( فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ) فبأي شيء تبشرون؟ قرأ نافع بكسر النون وتخفيفها أي: تبشرون, وقرأ ابن كثير بتشديد النون أي: تبشرونني, أدغمت نون الجمع في نون الإضافة, وقرأ الآخرون بفتح النون وتخفيفها.

قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ ( 55 ) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ ( 56 ) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ( 57 ) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ( 58 ) إِلا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ( 59 ) إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ( 60 )

( قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ ) أي بالصدق ( فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ )

( قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ ) قرأ أبو عمرو والكسائي ويعقوب: بكسر النون, والآخرون بفتحها, وهما لغتان: قَنِطَ يَقْنَط, وقَنَطَ يَقْنِط أي: من ييئس ( مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ ) أي: الخاسرون, والقنوط من رحمة الله كبيرة كالأمن من مكره .

( قَالَ ) إبراهيم لهم ( فَمَا خَطْبُكُمْ ) ما شأنكم ( أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ) ؟

( قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ) مشركين.

( إِلا آلَ لُوطٍ ) أتباعه وأهل دينه, ( إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ) خفف الجيم حمزة والكسائي, وشدده الباقون.

( إِلا امْرَأَتَهُ ) أي: امرأة لوط, ( قَدَّرْنَا ) قضينا ( إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ) الباقين في العذاب, والاستثناء من النفي إثبات, ومن الإثبات نفي, فاستثنى امراة لوط من الناجين فكانت ملحقة بالهالكين.

قرأ أبو بكر « قدرنا » هاهنا وفي سورة النمل بتخفيف الدال. والباقون بتشديدها.

فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ ( 61 ) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ( 62 ) قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ ( 63 ) وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ( 64 ) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ( 65 ) وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ( 66 )

( قَالَ ) لوط لهم ( إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ) أي: أنا لا أعرفكم.

( قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ ) أي: يشكُّون في أنه نازلٌ بهم, وهو العذاب, لأنه كان يوعدهم بالعذاب ولا يصدقونه.

( وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ ) باليقين. وقيل: بالعذاب ( وَإِنَّا لَصَادِقُونَ )

( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ ) أي: سِرْ خلفهم ( وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ ) حتى لا يرتاعوا من العذاب إذا نـزل بقومهم.

وقيل: جعل الله ذلك علامة لمن ينجو من آل لوط.

( وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ) قال ابن عباس: يعني الشام. وقال مقاتل: يعني زُغَر وقيل: الأردن.

( وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمْرَ ) أي: فرغنا إلى آل لوط من ذلك الأمر, أي: أحكمنا الأمر الذي أمرنا في قوم لوط, وأخبرناه: ( أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ ) يدل عليه قراءة عبد الله: وقلنا له إن دابر هؤلاء, يعني: أصلهم, ( مَقْطُوعٌ ) مستأصل, ( مُصْبِحِينَ ) إذا دخلوا في الصبح.

وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ( 67 ) قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ ( 68 ) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ ( 69 ) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ( 70 )

( وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ) يعني سدوم ( يَسْتَبْشِرُونَ ) بأضياف لوط, أي: يبشر بعضهم بعضًا, طمعًا في ركوب الفاحشة منهم.

( قَالَ ) لوط لقومه ( إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي ) وحقٌّ على الرجل إكرام ضيفه ( فَلا تَفْضَحُونِ ) فيهم.

( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ ) ولا تخجلون.

( قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ) أي: ألم ننهك عن أن تضيف أحدًا من العالمين.

وقيل: ألم ننهك أن تُدخل الغرباء المدينة, فإنا نركب منهم الفاحشة.