أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ
سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ
وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ
بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ( 65 )
وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ
الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ ( 66 )
لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي
الأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ ( 67 )
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ
سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ وَالْفُلْكَ ) أي:
وسخر لكم الفلك, ( تَجْرِي فِي الْبَحْرِ
بِأَمْرِهِ ) وقيل: « ما في الأرض » :
الدواب تركب في البر, و « الفلك » تركب في
البحر, ( وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأرْضِ ) يعني:
لكيلا تسقط على الأرض, ( إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ
اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) (
وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ) أي: أنشأكم ولم تكونوا شيئا,
( ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ) عند
انقضاء آجالكم, ( ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) يوم
البعث للثواب والعقاب, ( إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ ) لنعم
الله. قوله عز وجل: ( لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا
مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ) قال ابن عباس: يعني شريعة هم
عاملون بها. وروي عنه أنه قال: عيدا قال قتادة ومجاهد: موضع قربان يذبحون فيه.
وقيل: موضع عبادة. وقيل: مألفا يألفونه.
والمنسك في كلام العرب: الموضع
المعتاد لعمل خير أو شر, ومنه « مناسك الحج » لتردد
الناس إلى أماكن أعمال الحج.
( فَلا
يُنَازِعُنَّكَ فِي الأمْرِ ) يعني في أمر الذبائح. نـزلت
في بديل بن ورقاء, وبشر بن سفيان, ويزيد بن خنيس قالوا لأصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم: ما لكم تأكلون مما تقتلون بأيديكم ولا تأكلون مما قتله الله .
قال الزجاج: معنى قوله ( فَلا
يُنَازِعُنَّكَ ) أي: لا تنازعهم أنت, كما
يقال: لا يخاصمك فلان, أي: لا تخاصمه, وهذا جائز فيما يكون بين الاثنين، ولا يجوز:
لا يضربنك فلان ، وأنت تريد: لا تضربه, وذلك أن المنازعة والمخاصمة لا تتم إلا
باثنين, فإذا ترك أحدهما فلا مخاصمة هناك.
(
وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ ) إلى الإيمان بربك, (
إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ ) .
وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ
اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ( 68 )
اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ
تَخْتَلِفُونَ ( 69 )
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ
ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ( 70 )
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا
لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ( 71 )
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ
كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ
آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ
الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ( 72 )
( وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ
اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ) . (
اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ
تَخْتَلِفُونَ ) فتعرفون حينئذ الحق من
الباطل. والاختلاف: ذهاب كل واحد من الخصمين إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر. (
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِنَّ
ذَلِكَ ) كله, ( فِي كِتَابٍ ) يعني
اللوح المحفوظ, ( إِنَّ ذَلِكَ ) يعني:
علمه لجميع ذلك, ( عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) (
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنـزلْ بِهِ سُلْطَانًا ) حجة, ( وَمَا
لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ ) يعني أنهم فعلوا ما فعلوا عن
جهل لا عن علم, ( وَمَا لِلظَّالِمِينَ )
للمشركين, ( مِنْ نَصِيرٍ ) مانع
يمنعهم من عذاب الله. ( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا
بَيِّنَاتٍ ) يعني: القرآن, (
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ ) يعني
الإنكار يتبين ذلك في وجوههم من الكراهية والعبوس, (
يَكَادُونَ يَسْطُونَ ) أي: يقعون ويبسطون إليكم
أيديهم بالسوء. وقيل: يبطشون, ( بِالَّذِينَ يَتْلُونَ
عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) أي: بمحمد وأصحابه من شدة
الغيظ. يقال: سطا عليه وسطا به, إذا تناوله بالبطش والعنف, وأصل السطو: القهر.
( قُلْ ) يا
محمد, ( أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ ) أي:
بشر لكم وأكره إليكم من هذا القرآن الذي تستمعون, (
النَّارُ ) أي: هي النار, (
وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )