وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ( 6 ) وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 7 )

( وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ ) نوطِّن لهم في أرض مصر والشام، ونجعلها لهم مكانًا يستقرون فيه، ( وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا ) قرأ الأعمش، وحمزة، والكسائي: « ويرى » بالياء وفتحها، ( فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا ) مرفوعات على أن الفعل لهم، وقرأ الآخرون بالنون وضمها، وكسر الراء، ونصب الياء ونصب ما بعده، بوقوع الفعل عليه، ( مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ) والحذر هو التوقي من الضرر، وذلك أنهم أخبروا أن هلاكهم على يد رجل من بني إسرائيل فكانوا على وَجَلٍ منه، فأراهم الله ما كانوا يحذرون.

( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى ) وحي إلهام لا وحي نبوة، قال قتادة: قذفنا في قلبها ، وأم موسى يوخابذ بنت لاوى بن يعقوب، ( أَنْ أَرْضِعِيهِ ) واختلفوا في مدة الرضاع، قيل: ثمانية أشهر. وقيل: أربعة أشهر. وقيل: ثلاثة أشهر كانت ترضعه في حجرها، وهو لا يبكي ولا يتحرك ، ( فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ ) يعني: من الذبح، ( فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ) واليم: البحر، وأراد هاهنا النيل، ( وَلا تَخَافِي ) قيل: لا تخافي عليه من الغرق، وقيل: من الضيعة، ( وَلا تَحْزَنِي ) على فراقه، ( إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) روى عطاء عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال . إن بني إسرائيل لما كثروا بمصر، استطالوا على الناس، وعملوا بالمعاصي، ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهو عن المنكر، فسلط الله عليهم القبط فاستضعفوهم إلى أن أنجاهم على يد نبيه. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن أم موسى لما تقاربت ولادتها، وكانت قابلةٌ من القوابل التي وكلهن فرعون بحُبَالى بني إسرائيل مصافية لأم موسى، فلما ضرب بها الطلق أرسلت إليها فقالت: قد نـزل بي ما نـزل، فلينفعني حبك إيّاي اليوم، قالت: فعالجت قبالتها، فلما أن وقع موسى بالأرض هالها نورٌ بين عيني موسى، فارتعش كل مفصل منها، ودخل حب موسى قلبها. ثم قالت لها: يا هذا ما جئت إليك حين دعوتني إلا ومن رأيي قتل مولودك، ولكن وجدت لابنك هذا حبًا ما وجدت حب شيء مثل حبه، فاحفظي ابنك فإني أراه هو عدونا، فلما خرجت القابلة من عندها أبصرها بعض العيون، فجاءوا إلى بابها ليدخلوا على أم موسى، فقالت أخته يا أماه هذا الحرس بالباب، فلفَّتْ موسى في خرقة، فوضعته في التنور وهو مسجور، وطاش عقلها، فلم تعقل ما تصنع.

قال: فدخلوا فإذا التنور مسجور، ورأوا أم موسى لم يتغير لها لون ولم يظهر لها لبن، فقالوا لها: ما أدخل عليك القابلة؟ قالت: هي مصافية لي فدخلت علي زائرة، فخرجوا من عندها، فرجع إليها عقلها فقالت لأخت موسى: فأين الصبي؟ قالت لا أدري، فسمعت بكاء الصبي من التنور فانطلقت إليه وقد جعل الله سبحانه وتعالى النار عليه بردًا وسلامًا، فاحتملته قال: ثم إن أم موسى لما رأت إلحاح فرعون في طلب الولدان خافت على ابنها، فقذف الله في نفسها أن تتخذ له تابوتًا ثم تقذف التابوت في اليمِّ وهو النيل، فانطلقت إلى رجل نجار من قوم فرعون فاشترت منه تابوتًا صغيرًا، فقال لها النجار: ما تصنعين بهذا التابوت؟ قالت: ابن لي أخبئه في التابوت، وكرهت الكذب، قال ولم تقل: أخشى عليه كيد فرعون، فلما اشترت التابوت وحملته وانطلقت به انطلق النجار إلى الذباحين ليخبرهم بأمر أم موسى، فلما همَّ بالكلام أمسك الله لسانه فلم يطق الكلام، وجعل يشير بيده فلم يدر الأمناء ما يقول، فلما أعياهم أمره قال كبيرهم: اضربوه فضربوه وأخرجوه، فلما انتهى النجار إلى موضعه رد الله عليه لسانه فتكلم، فانطلق أيضًا يريد الأمناء فأتاهم ليخبرهم فأخذ الله لسانه وبصره فلم يطق الكلام ولم يبصر شيئًا، فضربوه وأخرجوه، فوقع في واد يهوى فيه حيران، فجعل الله عليه إن رد لسانه وبصره أن لا يدل عليه وأن يكون معه يحفظه حيث ما كان، فعرف الله منه الصدق فردّ عليه لسانه وبصره فخر لله ساجدًا، فقال: يا رب دلَّني على هذا العبد الصالح، فدلَّه الله عليه، فخرج من الوادي فآمن به وصدقه، وعلم أن ذلك من الله عز وجل. وقال وهب بن منبه: لما حملت أم موسى بموسى كتمت أمرها جميع الناس، فلم يطلع على حبلها أحد من خلق الله، وذلك شيء ستره الله لما أراد أن يمن به على بني إسرائيل، فلما كانت السنة التي يولد فيها بعث فرعون القوابل وتقدم إليهن ففتشن النساء تفتيشا لم يفتشن قبل ذلك مثله ، وحملت أم موسى بموسى فلم ينتأ بطنها، ولم يتغير لونها، ولم يظهر لبنها، وكانت القوابل لا تتعرض لها، فلما كانت الليلة التي ولد فيها ولدته ولا رقيب عليها ولا قابلة، ولم يطلع عليها أحد إلا أخته مريم، فأوحى الله إليها « أن أرضعيه فإذا خفت عليه » الآية، فكتمته أمه ثلاثة أشهر ترضعه في حجرها، لا يبكي ولا يتحرك، فلما خافت عليه عملت تابوتا له مطبقا ثم ألقته في البحر ليلا.

قال ابن عباس وغيره: وكان لفرعون يومئذ بنت لم يكن له ولد غيرها، وكانت من أكرم الناس عليه، وكان لها كل يوم ثلاث حاجات ترفعها إلى فرعون، وكان بها برص شديد، وكان فرعون قد جمع لها أطباء مصر والسحرة فنظروا في أمرها، فقالوا له: أيها الملك لا تبرأ إلا من قبل البحر، يوجد فيه شبه الإنسان فيؤخذ من ريقه فيلطخ به برصها فتبرأ من ذلك، وذلك في يوم كذا وساعة كذا حين تشرق الشمس، فلما كان يوم الاثنين غدا فرعون إلى مجلس كان على شفير النيل ومعه امرأته آسية بنت مزاحم، وأقبلت ابنة فرعون في جواريها حتى جلست على شاطئ النيل مع جواريها تلاعبهن وتنضح الماء على وجوههن، إذ أقبل النيل بالتابوت تضربه الأمواج، فقال فرعون: إن هذا لشيء في البحر قد تعلق بالشجرة ايتوني به، فابتدروه بالسفن من كل جانب حتى وضعوه بين يديه، فعالجوا فتح الباب فلم يقدروا عليه وعالجوا كسره فلم يقدروا عليه، فدنت آسية فرأت في جوف التابوت نورا لم يره غيرها فعالجته ففتحت الباب فإذا هي بصبي صغير في مهده، وإذا نور بين عينيه، وقد جعل الله رزقه في إبهامه يمصه لبنا، فألقى الله لموسى المحبة في قلب آسية، وأحبه فرعون وعطف عليه، وأقبلت بنت فرعون، فلما أخرجوا الصبي من التابوت عمدت بنت فرعون إلى ما كان يسيل من ريقه فلطخت به برصها فبرأت، فقبلته وضمته إلى صدرها، فقال الغواة من قوم فرعون: أيها الملك إنا نظن أن ذلك المولود الذي تحذر منه بني إسرائيل هو هذا، رمي به في البحر فرقا منك فاقتله، فهم فرعون بقتله، قالت آسية: قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا، وكانت لا تلد، فاستوهبت موسى من فرعون فوهبه لها، وقال فرعون أما أنا فلا حاجة لي فيه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لو قال فرعون يومئذ هو قرة عين لي كما هو لك لهداه الله كما هداها » ، فقيل لآسية سميه فقالت: سميته موسى لأنا وجدناه في الماء والشجر فمو هو الماء، وسى هو الشجر ، فذلك قوله عز وجل: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ

فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ( 8 ) وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ( 9 )

( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ ) والالتقاط هو وجود الشيء من غير طلب، ( لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ) وهذه اللام تسمى لام العاقبة ولام الصيرورة، لأنهم لم يلتقطوه ليكون لهم عدوا وحزنا ولكن صار عاقبة أمرهم إلى ذلك، قرأ حمزة والكسائي: « حُزْنًا » بضم الحاء وسكون الزاي، وقرأ الآخرون بفتح الحاء والزاي، وهما لغتان، ( إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ) عاصين . آثمين.

قوله تعالى: ( وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ) قال وهب: لما وضع التابوت بين يدي فرعون فتحوه فوجد فيه موسى فلما نظر إليه قال عبراني من الأعداء فغاظه ذلك، وقال: كيف أخطأ هذا الغلام الذبح؟ وكان فرعون قد استنكح امرأة من بني إسرائيل يقال لها آسية بنت مزاحم وكانت من خيار النساء ومن بنات الأنبياء وكانت أما للمساكين ترحمهم وتتصدق عليهم وتعطيهم، قالت لفرعون وهي قاعدة إلى جنبه: هذا الوليد أكبر من ابن سنة وإنما أمرت أن يذبح الولدان لهذه السنة فدعه يكون قرة عين لي وذلك، ( لا تَقْتُلُوهُ ) وروي أنها قالت له: إنه أتانا من أرض أخرى ليس من بني إسرائيلُ ( عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) أن هلاكهم على يديه، فاستحياه فرعون، وألقى الله عليه محبته وقال لامرأته: عسى أن ينفعك فأما أنا فلا أريد نفعه، قال وهب قال ابن عباس رضي الله عنهما: لو أن عدو الله قال في موسى كما قالت آسية: عسى أن ينفعنا، لنفعه الله، ولكنه أبى، للشقاء الذي كتبه الله عليه .

وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( 10 ) وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ( 11 )

وقوله تعالى: ( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا ) أي: خاليا من كل شيء إلا من ذكر موسى وهمه، وهذا قول أكثر المفسرين . وقال الحسن: « فارغا » أي: ناسيا للوحي الذي أوحى الله إليها حين أمرها أن تلقيه في البحر ولا تخاف ولا تحزن، والعهد الذي عهد أن يرده إليها ويجعله من المرسلين، فجاءها الشيطان فقال: كرهت أن يقتل فرعون ولدك فيكون لك أجره وثوابه وتوليت أنت قتله فألقيته في البحر، وأغرقته، ولما أتاها الخبر بأن فرعون أصابه في النيل قالت: إنه وقع في يد عدوه الذي فررت منه، فأنساها عظيم البلاء ما كان من عهد الله إليها. وقال أبو عبيدة: « فارغا » أي: فارغا من الحزن، لعلمها بصدق وعد الله تعالى، وأنكر القتيـبـي هذا، وقال: كيف يكون هذا والله تعالى يقول: إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا ؟ والأول أصح.

قول الله عز وجل: ( إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ ) قيل الهاء في « به » راجعة إلى موسى، أي: كادت لتبدي به أنه ابنها من شدة وجدها. وقال عكرمة عن ابن عباس: كادت تقول: وابناه. وقال مقاتل: لما رأت التابوت يرفعه موج ويضعه آخر خشيت عليه الغرق فكادت تصيح من شفقتها. وقال الكلبي: كادت تظهر أنه ابنها، وذلك حين سمعت الناس يقولون لموسى بعدما شب: موسى بن فرعون، فشق عليها فكادت تقول: بل هو ابني. وقال بعضهم: الهاء عائدة إلى الوحي أي: كادت تبدي بالوحي الذي أوحى الله إليها أن يرده إليها . ( لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا ) بالعصمة والصبر والتثبيت، ( لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) المصدقين لوعد الله حين قال لها: ( إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ )

( وَقَالَتْ لأخْتِهِ ) أي: لمريم أخت موسى: ( قُصِّيه ) اتبعي أثره حتى تعلمي خبره، ( فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ ) أي: عن بعد، وفي القصة أنها كانت تمشي جانبا وتنظر اختلاسا تري أنها لا تنظره، ( وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) أنها أخته وأنها ترقبه، قال ابن عباس: إن امرأة فرعون كل همها من الدنيا أن تجد له مرضعة، فكلما أتوا بمرضعة لم يأخذ ثديها، فذلك قوله عز وجل: وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ

وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ( 12 ) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( 13 )

( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ ) والمراد من التحريم المنع، والمراضع: جمع المرضع، ( مِنْ قَبْلُ ) أي: من قبل مجيء أم موسى، فلما رأت أخت موسى التي أرسلتها أمه في طلبه ذلك قالت لهم: هل أدلكم؟ وفي القصة أن موسى مكث ثمان ليال لا يقبل ثديا ويصيح وهم في طلب مرضعة له.

( فَقَالَت ) يعني أخت موسى، ( هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ ) أي: يضمنونه ( لَكُمُ ) ويرضعونه، وهي امرأة قد قتل ولدها فأحب شيء إليها أن تجد صغيرا ترضعه، ( وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ) والنصح ضد الغش، وهو تصفية العمل من شوائب الفساد، قالوا: نعم فأتينا بها. قال ابن جريج والسدي: لما قالت أخت موسى: « وهم له ناصحون » أخذوها وقالوا: إنك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله. فقالت: ما أعرفه، وقلت هم للملك ناصحون. وقيل: إنها قالت: إنما قلت هذا رغبة في سرور الملك واتصالنا به. وقيل إنها لما قالت: « هل أدلكم على أهل بيت » قالوا لها: من؟ قالت: أميُ قالوا: ولأمك ابن؟ قالت: نعم هارون، وكان هارون ولد في سنة لا يقتل فيها، قالوا: صدقت، فأتينا بها، فانطلقت إلى أمها وأخبرتها بحال ابنها، وجاءت بها إليهم، فلما وجد الصبي ريح أمه قبل ثديها، وجعل يمصه حتى امتلأ جنباه ريًا. قال السدي: كانوا يعطونها كل يوم دينارا فذلك قوله تعالى: ( فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا )

( فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا ) برد موسى إليها، ( وَلا تَحْزَنْ ) أي: ولئلا تحزن، ( وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ) برده إليها، ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) أن الله وعدها رده إليها.