وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ( 16 ) فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ( 17 ) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ( 18 )

( وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ ) أي: البعث يوم القيامة، ( فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ) قوله تعالى: ( فَسُبْحَانَ اللَّهِ ) أي: سبحوا الله، ومعناه: صلوا لله، ( حِينَ تُمْسُونَ ) أي: تدخلون في المساء، وهو صلاة المغرب والعشاء، ( وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) أي: تدخلون في الصباح، وهو صلاة الصبح. ( وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) قال ابن عباس: يحمده أهل السماوات والأرض ويصلون له، ( وَعَشِيًّا ) أي: صلُّوا لله عشيًا، يعني صلاة العصر، ( وَحِينَ تُظْهِرُونَ ) تدخلون في الظهيرة، وهو صلاة الظهر. قال نافع بن الأزرق لابن عباس: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ قال: نعم، وقرأ هاتين الآيتين، وقال: جمعت الآية الصلوات الخمس ومواقيتها . أخبرنا أبو الحسن السرخسي، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، أخبرنا أبو مصعب، عن مالك، عن سُمَيٍّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « من قال: سبحان الله وبحمده في كل يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر » . أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص التاجر، حدثنا السَّرِيّ، بن خزيمة الأبْيِوردي، حدثنا المعلى بن سعد، أخبرنا عبد العزيز بن المختار، عن سهيل، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده، مائة مرة، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد » .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا قتيبة بن سعيد، أخبرنا محمد بن فضيل، أخبرنا عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم »

أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني، أخبرنا حميد بن زنجويه، أخبرنا علي بن المديني، أخبرنا ابن عيينة، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة قال: سمعت كريبًا أبا رشدين يحدّث عن ابن عباس، عن جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات غداة من عندها، وكان اسمها برّة فحوّله رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماها جويرية، وكره أن يقال خرج من عند برة، فخرج وهي في المسجد ، ورجع بعدما تعالى النهار، فقال: ما زلتِ في مجلسكِ هذا منذ خرجت، بعد؟ قالت: نعم، فقال: « لقد قلت، بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزِنَتْ بكلماتك لوزنتهنّ: سبحان الله وبحمده عددَ خلقه، ورضاءَ نفسهِ، وزِنَةَ عرشهِ، ومدادَ كلماتِهِ » .

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ( 19 )

قوله تعالى: ( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ) قرأ حمزةُ والكسائي: « تَخْرُجُون » بفتح التاء وضم الراء، وقرأ الباقون بضم التاء وفتح الراء.

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ( 20 ) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ( 21 ) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ( 22 ) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ( 23 ) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( 24 )

( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ) أي: خلق أصلكم يعني آدم من تراب، ( ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ) تنبسطون في الأرض. ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ) قيل: من جنسكم من بني آدم. وقيل: خلق حواء من ضلع آدم ، ( لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) جعل بين الزوجين المودة والرحمة فهما يتوادّان ويتراحمان، وما شيء أحب إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما، ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) في عظمة الله وقدرته. ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ ) يعني: اختلاف اللغات من العربية والعجمية وغيرهما، ( وَأَلْوَانِكُم ) أبيض وأسود وأحمر، وأنتم ولد رجل واحد وامرأة واحدة، ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ) قرأ حفص: ( لِلْعَالِمِينَ ) بكسر اللام. ( وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) أي: منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار، أي: تصرفكم في طلب المعيشة، ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ) سماع تدبر واعتبار.

( وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا ) للمسافر من الصواعق، ( وَطَمَعًا ) للمقيم في المطر. ( وَيُنـزلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ ) يعني بالمطر ( الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ) أي: بعد يبسها وجدوبتها، ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )