وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 12 )

قوله عز وجل: ( وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ ) يعني: العذب والمالح, ثم ذكرهما فقال: ( هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ) طيب, ( سَائِغٌ شَرَابُهُ ) أي: جائز في الحلق هنيء, ( وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ) شديد الملوحة. وقال الضحاك: هو المر. ( وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا ) يعني: الحيتان من العذب والمالح جميعا, ( وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً ) أي: من المالح دون العذب ( تَلْبَسُونَهَا ) يعني اللؤلؤ. وقيل: نسب اللؤلؤ إليهما, لأنه يكون في البحر الأجاج عيون عذبة تمتزج بالملح فيكون اللؤلؤ من بين ذلك, ( وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ ) جواري مقبلة ومدبرة بريح واحدة, ( لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ) بالتجارة, ( وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) الله على نعمه.

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ( 13 ) إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ( 14 ) يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ( 15 ) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ( 16 ) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ( 17 ) وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ( 18 )

( يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ) يعني: الأصنام, ( مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ) وهو لفافة النواة, وهي القشرة الرقيقة التي تكون على النواة. ( إِنْ تَدْعُوهُمْ ) يعني: إن تدعو الأصنام, ( لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ) ما أجابوكم, ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ) يتبرؤون منكم ومن عبادتكم إياها, يقولون: ما كنتم إيانا تعبدون. ( وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) يعني: نفسه أي: لا ينبئك أحد مثلي خبير عالم بالأشياء. ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ) إلى فضل الله والفقير المحتاج, ( وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) الغني عن خلقه المحمود في إحسانه إليهم. ( إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ) شديد. ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ ) أي: نفس مثقلة بذنوبها غيرها, ( إِلَى حِمْلِهَا ) أي: حمل ما عليه من الذنوب, ( لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) أي: ولو كان المدعو ذا قرابة له ابنه أو أباه أو أمه أو أخاه. قال ابن عباس: يلقى الأب والأم ابنه فيقول: يا بني احمل عني بعض ذنوبي. فيقول: لا أستطيع حسبي ما علي.

( إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ ) يخافون, ( رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ) ولم يروه. وقال الأخفش: تأويله أي: إنذارك إنما ينفع الذين يخشون ربهم بالغيب, ( وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى ) صلح وعمل خيرا, ( فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ) لها ثوابه, ( وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ )