رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ
جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ
وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 8 )
( رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ
جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ
وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) قال
سعيد بن جبير: يدخل المؤمن الجنة فيقول: أين أبي؟ أين أمي, أين ولدي أين زوجي؟
فيقال: إنهم لم يعملوا مثل عملك, فيقول: إني كنت أعمل لي ولهم, فيقال: أدخلوهم
الجنة .
وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ
وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ ( 9 )
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ
أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ( 10 )
قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ
فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ( 11 )
(
وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ ) العقوبات, (
وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ ) أي: ومن تقه السيئات يعني
العقوبات, وقيل: جزاء السيئات, ( يَوْمَئِذٍ فَقَدْ
رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .
قوله عز وجل: ( إِنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ ) يوم القيامة وهم في النار وقد
مقتوا أنفسهم حين عرضت عليهم سيئاتهم, وعاينوا العذاب, فيقال لهم: (
لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى
الإيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ) يعني لمقت الله إياكم في
الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون أكبر من مقتكم اليوم أنفسكم عند حلول العذاب بكم.
(
قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) قال
ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- وقتادة والضحاك: كانوا أمواتًا في أصلاب آبائهم
فأحياهم الله في الدنيا, ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها, ثم أحياهم للبعث يوم
القيامة, فهما موتتان وحياتان ، وهذا كقوله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ
وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ (
البقرة- 28 ) , وقال السدي: أميتوا في الدنيا ثم أحيوا في قبورهم للسؤال,
ثم أميتوا في قبورهم ثم أحيوا في الآخرة . (
فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ) أي: من
خروج من النار إلى الدنيا فنصلح أعمالنا ونعمل بطاعتك, نظيره: هَلْ إِلَى مَرَدٍّ
مِنْ سَبِيلٍ ( الشورى- 44 ) .
ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا
دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ
لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ( 12 ) هُوَ
الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا
يَتَذَكَّرُ إِلا مَنْ يُنِيبُ ( 13 )
فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ( 14 ) رَفِيعُ
الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ
مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ ( 15 )
يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ
الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ( 16 )
قال الله تعالى: (
ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ ) وفيه
متروك استغني عنه لدلالة الظاهر عليه, مجازه: فأجيبوا أن لا سبيل إلى ذلك, وهذا
العذاب والخلود في النار بأنكم إذا دعي الله وحده كفرتم, إذا قيل لا إله إلا الله
[ كفرتم ] وقلتم: أَجَعَلَ الآلِهَةَ
إِلَهًا وَاحِدًا ( ص- 5 ) (
وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ ) غيره, (
تُؤْمِنُوا ) تصدقوا ذلك الشرك, (
فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ) الذي
لا أعلى منه ولا أكبر.
( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ
وَيُنـزلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا ) يعني:
المطر الذي هو سبب الأرزاق, ( وَمَا يَتَذَكَّرُ ) وما
يتعظ بهذه الآيات, ( إِلا مَنْ يُنِيبُ ) يرجع
إلى الله تعالى في جميع أموره.
( فَادْعُوا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) الطاعة والعبادة. ( وَلَوْ
كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) .
( رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ) رافع
درجات الأنبياء والأولياء في الجنة, ( ذُو
الْعَرْشِ ) خالقه ومالكه, (
يُلْقِي الرُّوحَ ) ينـزل الوحي, سماه روحًا لأنه
تحيا به القلوب كما تحيا الأبدان بالأرواح, ( مِنْ
أَمْرِهِ ) قال ابن عباس: من قضائه. وقيل: من قوله. وقال مقاتل: بأمره.
( عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ ) أي:
لينذر النبي بالوحي, ( يَوْمَ التَّلاقِ ) وقرأ
يعقوب بالتاء أي: لتنذر أنت يا محمد يوم التلاق, يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض.
قال قتادة ومقاتل: يلتقي فيه الخلق والخالق. قال ابن زيد: يتلاقى العباد. وقال
ميمون بن مهران: يلتقي الظالم والمظلوم والخصوم. وقيل: يلتقي العابدون والمعبودون.
وقيل: يلتقي فيه المرء مع عمله .
( يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ ) خارجون
من قبورهم ظاهرون لا يسترهم شيء, ( لا
يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ ) من أعمالهم وأحوالهم, (
شَيْءٌ ) يقول الله تعالى في ذلك اليوم بعد فناء الخلق: (
لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْم ) فلا أحد يجيبه, فيجيب نفسه
فيقول: ( لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) الذي
قهر الخلق بالموت.