إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ ( 47 )

( إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ ) أي: علمها إذا سئل عنها مردود إليه لا يعلمه غيره, ( وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا ) قرأ أهل المدينة والشام وحفص: « ثمرات » , على الجمع, وقرأ الآخرون « ثمرة » على التوحيد, ( مِنْ أَكْمَامِهَا ) أوعيتها, واحدها: كِمٌّ. قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني الكُفُرَّى قبل أن تنشق. ( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ ) [ إلا بإذنه ] ، يقول: يرد إليه علم الساعة كما يرد إليه علم الثمار والنتاج. ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ ) ينادي الله المشركين, ( أَيْنَ شُرَكَائِي ) الذين كنتم تزعمون أنها آلهة, ( قَالُوا ) يعني المشركين, ( آذَنَّاكَ ) أعلمناك, ( مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ ) أي: من شاهد بأن لك شريكًا لما عاينوا العذاب تبرءوا من الأصنام.

وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ( 48 ) لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ( 49 ) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ( 50 )

( وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ ) يعبدون, ( مِنْ قَبْلُ ) في الدنيا ( وَظَنُّوا ) أيقنوا, ( مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ) مهرب.

( لا يَسْأَمُ الإنْسَانُ ) لا يمل الكافر, ( مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ ) أي: لا يزال يسأل ربه الخير, يعني المال والغنى والصحة, ( وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ ) الشدة والفقر, ( فَيَئُوسٌ ) من روح الله, ( قَنُوطٌ ) من رحمته.

( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا ) آتيناه خيرًا وعافية وغنى, ( مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ ) من بعد شدة وبلاء أصابته, ( لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي ) أي: بعملي وأنا محقوق بهذا, ( وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى ) يقول هذا الكافر: لست على يقين من البعث, فإن كان الأمر على ذلك, ورددت إلى ربي إن لي عنده للحسنى, أي: الجنة, أي: كما أعطاني في الدنيا سيعطيني في الآخرة. ( فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا ) قال ابن عباس رضي الله عنهما: لنقفنَّهم على مساوئ أعمالهم, ( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ) .

وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ( 51 ) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ( 52 ) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( 53 ) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ( 54 )

( وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ) كثير، والعرب تستعمل الطول والعرض في الكثرة, فيقال: أطال فلان الكلام والدعاء وأعرض, أي: أكثر. ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ ) هذا القرآن, ( مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) خلاف للحق بعيد عنه, أي: فلا أحد أضل منكم.

( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ ) قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني منازل الأمم الخالية. ( وَفِي أَنْفُسِهِمْ ) بالبلاء والأمراض.

وقال قتادة: في الآفاق يعني: وقائع الله في الأمم, وفي أنفسهم يوم بدر.

وقال مجاهد, والحسن, والسدي: « في الآفاق » : ما يفتح من القرى على محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمين, « وفي أنفسهم » : فتح مكة. ( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) يعني: دين الإسلام. وقيل: القرآن يتبين لهم أنه من عند الله. وقيل: محمد صلى الله عليه وسلم, يتبين لهم أنه مؤيد من قبل الله تعالى.

وقال عطاء وابن زيد: « في الآفاق » يعني: أقطار السماء والأرض من الشمس والقمر والنجوم والنبات والأشجار والأنهار, « وفي أنفسهم » من لطيف الصنعة وبديع الحكمة, حتى يتبين لهم أنه الحق.

( أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) قال مقاتل: أو لم يكف بربك شاهدًا أن القرآن من الله تعالى. قال الزجاج: معنى الكفاية هاهنا: أن الله عز وجل قد بين من الدلائل ما فيه كفاية, يعني: أولم يكف بربك لأنه على كل شيء شهيد, شاهد لا يغيب عنه شيء.

( أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ ) في شك من البعث, ( أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ) أحاط بكل شيء علمًا.