سورة الجاثية
مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
حم ( 1 )
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ( 2 )
إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ( 3 )
وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ( 4 )
وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ
رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ
لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( 5 )
تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ
اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ( 6 )
وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ( 7 )
( حم * تَنـزيلُ
الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ
وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ
دَابَّةٍ آيَاتٌ ) ، قرأ حمزة, والكسائي,
ويعقوب: « آياتٍ » وتصريف الرياح آيات « بكسر
التاء فيهما ردا على قوله: » لآيات « وهو في
موضع النصب, وقرأ الآخرون برفعهما على الاستئناف, على أن العرب تقول: إن لي عليك
مالا وعلى أخيك مال, ينصبون الثاني ويرفعونه, (
لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) أنه لا إله غيره. »
(
وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنـزلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ
رِزْقٍ ) يعني الغيث الذي هو سبب أرزاق العباد, (
فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ ) .
( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ
نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ) يريد هذا الذي قصصنا عليك من
آيات الله نقصها عليك بالحق, ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ
اللَّهِ ) بعد كتاب الله, (
وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي
وأبو بكر ويعقوب: « تؤمنون » بالتاء,
على معنى قل لهم يا محمد: فبأي حديث تؤمنون, وقرأ الآخرون بالياء.
(
وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) كذاب
صاحب إثم, يعني: النضر بن الحارث.
يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ
تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا
فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ( 8 )
وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ
عَذَابٌ مُهِينٌ ( 9 ) مِنْ
وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلا مَا
اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( 10 )
هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ
أَلِيمٌ ( 11 )
اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ
وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 12 )
وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ
فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ( 13 )
( يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ
تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا
فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا ) قال
مقاتل: من القرآن, ( شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا
أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) وذكر
بلفظ الجمع ردا إلى « كل » في
قوله: لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ .
( مِنْ وَرَائِهِمْ )
أمامهم, ( جَهَنَّمُ ) يعني
أنهم في الدنيا [ ممتعون بأموالهم ] ولهم
في الآخرة النار يدخلونها, ( وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا
كَسَبُوا ) من الأموال, ( شَيْئًا
وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ ) ولا ما
عبدوا من دون الله من الآلهة, ( وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) .
( هَذَا ) يعني
هذا القرآن, ( هُدًى ) بيان من الضلالة, (
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ) .
( اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ
لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ
فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَا فِي الأرْضِ ) ومعنى تسخيرها أنه خلقها
لمنافعنا. فهو مسخر لنا من حيث إنا ننتفع به, (
جَمِيعًا مِنْهُ ) فلا تجعلوا لله أندادًا, قال
ابن عباس: « جميعًا منه » , كل
ذلك رحمة منه. قال الزجاج: كل ذلك تفضل منه وإحسان. ( إِنَّ
فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) .