وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ( 33 ) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ( 34 ) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ( 35 ) فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ( 36 ) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 37 )

( وَبَدَا لَهُمْ ) [ في الآخرة ] ( سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا ) في الدنيا أي جزاؤها ( وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) .

( وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ ) نترككم في النار, ( كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ) تركتم الإيمان والعمل للقاء هذا اليوم, ( وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) . ( ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) حتى قلتم: لا بعث ولا حساب, ( فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا ) قرأ حمزة والكسائي بفتح الياء وضم الراء، وقرأ الآخرون بضم الياء وفتح الراء, ( وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ) لا يطلب منهم أن يرجعوا إلى طاعة الله, لأنه لا يقبل ذلك اليوم عذرًا ولا توبة.

( فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ ) العظمة, ( فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .

أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي, حدثنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي, أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الشرقي, حدثنا أحمد بن حفص وعبد الله بن محمد الفراء وقطن بن إبراهيم قالوا, أخبرنا حفص بن عبد الله, حدثني إبراهيم بن طهمان, عن عطاء بن السائب, عن الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يقول الله عز وجل: الكبرياء ردائي, والعظمة إزاري, فمن نازعني في واحد منهما أدخلته النار » .

 

سورة الأحقاف

مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

حم ( 1 ) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ( 2 ) مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ( 3 ) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( 4 ) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ( 5 )

( حم * تَنـزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى ) ، يعني يوم القيامة, وهو الأجل الذي تنتهي إليه السموات والأرض, وهو إشارة إلى فنائهما, ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا ) خوفوا به في القرآن من البعث والحساب, ( مُعْرِضُونَ ) .

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا ) أي بكتاب جاءكم من الله قبل القرآن فيه بيان ما تقولون, ( أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) قال الكلبي: أي بقية من علم يؤثر عن الأولين, أي يسند إليهم. قال مجاهد وعكرمة ومقاتل: رواية عن الأنبياء. وقال قتادة: خاصة من علم. وأصل الكلمة من الأثر وهو الرواية, يقال: أثرت الحديث أثرًا وأثارة, ومنه قيل للخبر: أثر. ( إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) .

( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ ) يعني الأصنام لا تجيب عابديها إلى شيء يسألونها, ( إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) أبدًا ما دامت الدنيا, ( وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ) لأنها جماد لا تسمع ولا تفهم.