104. ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ) أي إلى حكمه من تحليل ما حرمتم ( قالوا حسبنا ) كافينا ( ما وجدنا عليه آباءنا ) من الدين والشريعة قال تعالى: ( أ ) حسبهم ذلك ( ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ) إلى الحق

105. ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ) أي احفظوها وقوموا بصلاحها ( لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) قيل المراد لا يضركم من ضل من أهل الكتاب وقيل المراد غيرهم لحديث أبي ثعلبة الخشني: سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: « ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك » رواه الحاكم وغيره ( إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون ) فيجازيكم به

106. ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت ) أسبابه ( حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم ) خبر بمعنى الأمر أي ليشهد ، وإضافة شهادة لـ « بين » على الاتساع ، وحين بدل من إذا أو ظرف لحضر ( أو آخران من غيركم ) أي غير ملتكم ( إن أنتم ضربتم ) سافرتم ( في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما ) توقفونهما صفة آخران ( من بعد الصلاة ) أي صلاة العصر ( فيقسمان ) يحلفان ( بالله إن ارتبتم ) شككتم فيها ويقولان ( لا نشتري به ) بالله ( ثمنا ) عوضا نأخذه بدله من الدنيا بأن نحلف به أو نشهد كذبا لأجله ( ولو كان ) المقسم له والمشهود له ( ذا قربى ) قرابة منا ( ولا نكتم شهادة الله ) التي أمرنا بها ( إنا إذا ) إن كتمناها ( لمن الآثمين )

107. ( فإن عثر ) اطلع بعد حلفهما ( على أنهما استحقا إثماً ) أي فعلا ما يوجبه من خيانة أو كذب في الشهادة بأن وجد عندهما مثلا ما اتهما به وادعيا أنهما ابتاعاه من الميت أو أوصى لهما به ( فآخران يقومان مقامهما ) في توجه اليمين عليهما ( من الذين استحق عليهم ) الوصية وهم الورثة ويبدل من آخران ( الأوليان ) بالميت أي الأقربان إليه وفي قراءة { الأوَّلين } جمع أول صفة أو بدل من الذين ( فيقسمان بالله ) على خيانة الشاهدين ويقولان ( لشهادتنا ) يميننا ( أحق ) أصدق ( من شهادتهما ) يمينهما ( وما اعتدينا ) تجاوزنا الحق في اليمين ( إنا إذاً لمن الظالمين ) المعنى ليشهد المحتضر على وصيته اثنين أو يوصي إليهما من أهل دينه أو غيرهم إن فقدهم لسفر ونحوه فإن ارتاب الورثة فيهما فادعوا أنهما خانا بأخذ شيء أو دفعه إلى شخص زعما أن الميت أوصى له به فليحلفا إلى آخره فإن اطلع على أمارة تكذيبهما فادَّعيا دافعا له حلف أقرب الورثة على كذبهما وصدق ما ادعوه والحكم ثابت في الوصيين منسوخ في الشاهدين وكذا شهادة غير أهل الملة منسوخة واعتبار صلاة العصر للتغليظ وتخصيص الحلف في الآية باثنين من أقرب الورثة لخصوص الواقعة التي نزلت لها وهي ما رواه البخاري أن رجلا من بني سهم خرج مع تميم الداري وعدي بن بداء أي وهما نصرانيان فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم فلما قدما بتركته فقدوا جاماً من فضة مَخُوصا بالذهب فرفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت فأحلفهما ثم وجد الجام بمكة فقالوا ابتعناه من تميم وعدي فنزلت الآية الثانية فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا وفي رواية الترمذي فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم فحلفا وكان أقرب إليه ، وفي رواية فمرض فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله فلما مات أخذا الجام ودفعا إلى أهله ما بقي

108. ( ذلك ) الحكم المذكور من رد اليمين على الورثة ( أدنى ) أقرب إلى ( أن يأتوا ) أي الشهود أو الأوصياء ( بالشهادة على وجهها ) الذي تحملوها عليه من غير تحريف ولا خيانة ( أو ) أقرب إلى أن ( يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم ) على الورثة المدعين فيحلفون على خيانتهم وكذبهم فيفتضحون ويغرمون فلا يكذبوا ( واتقوا الله ) بترك الخيانة والكذب ( واسمعوا ) ما تؤمرون به سماع قبول ( والله لا يهدي القوم الفاسقين ) الخارجين عن طاعته إلى سبيل الخير