تفسير الجلالين لصفحة رقم 5 القرآن الكريم

25. ( وبشر ) أخبر ( الذين آمنوا ) صدقوا بالله ( وعملوا الصالحات ) من الفروض والنوافل ( أن ) أي بأن ( لهم جنات ) حدائق ذات شجر ومساكن ( تجري من تحتها ) أي تحت أشجارها وقصورها ( الأنهار ) أي المياه فيها ، والنهر هو الموضع الذي يجري فيه الماء ينهره أي يحفره وإسناد الجري إليه مَجاز ( كلما رزقوا منها ) أطعموا من تلك الجنات ( من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي ) أي مثل ما ( رزقنا من قبل ) أي قبله في الجنة لتشابه ثمارها بقرينه ( وأتوا به ) أي جيئوا بالرزق ( متشابهاً ) يشبه بعضه بعضاً لوناً ويختلف طعماً ( ولهم فيها أزواج ) من الحور وغيرها ( مطهَّرة ) من الحيض وكل قذر ( وهم فيها خالدون ) ماكثون أبداً لا يفنون ولا يخرجون . ونزل ردَّاً لقول اليهود لمَّا ضرب الله المثل بالذباب في قوله: { وإن يسلبهم الذباب شيئا } والعنكبوت في قوله : { كمثل العنكبوت } ما أراد الله بذكر هذه الأشياء الخسيسة فأنزل الله :

26. ( إن الله لا يستحيي أن يضرب ) يجعل ( مثلاً ) مفعول أول ( ما ) نكرة موصوفة بما بعدها مفعول ثان أي مثل كان أو زائدة لتأكيد الخسة فما بعدها المفعول الثاني ( بعوضةً ) مفرد البعوض وهو صغار البق ( فما فوقها ) أي أكبر منها أي لا يترك بيانه لما فيه من الحكم ( فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه ) أي المثل ( الحق ) الثابت الواقع موقعه ( من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا ) تمييز أي بهذا المثل ، وما استفهام إنكار مبتدأ ، وذا بمعنى الذي بصلته خبره أي: أي فائدة فيه قال تعالى في جوابهم ( يضل به ) أي بهذا المثل ( كثيرا ) عن الحق لكفرهم به ( ويهدي به كثيرا ) من المؤمنين لتصديقهم به ( وما يضل به إلا الفاسقين ) الخارجين عن طاعته

27. ( الذين ) نعت ( ينقضون عهد الله ) ما عهده إليهم في الكتب من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ( من بعد ميثاقه ) توكيده عليهم ( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ) من الإيمان بالنبي والرحم وغير ذلك وأن بدل من ضمير به ( ويفسدون في الأرض ) بالمعاصي والتعويق عن الإيمان ( أولئك ) الموصوفون بما ذكر ( هم الخاسرون ) لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم

28. ( كيف تكفرون ) يا أهل مكة ( بالله و ) قد ( كنتم أمواتا ) نطفا في الأصلاب ( فأحياكم ) في الأرحام والدنيا بنفخ الروح فيكم ، والاستفهام للتعجب من كفرهم مع قيام البرهان أو للتوبيخ ( ثم يميتكم ) عند انتهاء آجالكم ( ثم يحييكم ) بالبعث ( ثم إليه ترجعون ) تردون بعد البعث فيجازيكم بأعمالكم . وقال دليلا على البعث لما أنكروه:

29. ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض ) أي الأرض وما فيها ( جميعا ) لتنتفعوا به وتعتبروا ( ثم استوى ) بعد خلق الأرض أي قصد ( إلى السماء فسوَّاهن ) الضمير يرجع إلى السماء لأنها في معنى الجملة الآيلة إليه : أي صيرها كما في آية أخرى { فقضاهن } ( سبع سماوات وهو بكل شيء عليم ) مجملاً ومفصلاً ، أفلا تعتبرون أن القادر على خلق ذلك ابتداء وهو أعظم منكم قادرٌ على إعادتكم