قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ( 14 ) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( 15 )

ثم قال تعالى عزيمة على المؤمنين، وبيانا لحكمته فيما شرع لهم من الجهاد مع قدرته على إهلاك الأعداء بأمر من عنده: ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ) وهذا عام في المؤمنين كلهم.

وقال مجاهد، وعِكْرِمة، والسدي في هذه الآية: ( وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ) يعني:خزاعة.

وأعاد الضمير في قوله: ( وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ) عليهم أيضا.

وقد ذكر ابن عساكر في ترجمة مؤذنٍ لعمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، عن مسلم بن يسار، عن عائشة، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غضبت أخذ بأنفها، وقال: « يا عويش، قولي:اللهم، رب النبي محمد اغفر ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلات الفتن » .

ساقه من طريق أبي أحمد الحاكم، عن الباغندي، عن هشام بن عمار، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الجون، عنه

( وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ ) أي:من عباده، ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ ) أي:بما يصلح عباده، ( حَكِيمٌ ) في أفعاله وأقواله الكونية والشرعية، فيفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهو العادل الحاكم الذي لا يجور أبدا، ولا يضيع مثقال ذرة من خير وشر، بل يجازي عليه في الدنيا والآخرة.

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( 16 )

يقول تعالى: ( أَمْ حَسِبْتُمْ ) أيها المؤمنون أن نترككم مهملين، لا نختبركم بأمور يظهر فيها أهل العزم الصادق من الكاذب؟ ولهذا قال: ( وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ) أي:بطانة ودخيلة بل هم في الظاهر والباطن على النصح لله ولرسوله، فاكتفى بأحد القسمين عن الآخر، كما قال الشاعر:

ومـــا أدري إذا يممــت أرضــا أريـــد الخــير أيهمــا يلينــي

وقد قال الله تعالى في الآية الأخرى: [ الم ] * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [ العنكبوت:1- 3 ] وقال تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [ آل عمران:142 ] وقال تعالى: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ [ آل عمران:179 ]

والحاصل أنه تعالى لما شرع الجهاد لعباده، بين أن له فيه حكمة، وهو اختبار عبيده:من يطيعه ممن يعصيه، وهو تعالى العالم بما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون؟ فيعلم الشيء قبل كونه، ومع كونه على ما هو عليه، لا إله إلا هو، ولا رب سواه، ولا راد لما قدره وأمضاه.

مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ( 17 ) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ( 18 )

يقول تعالى:ما ينبغي للمشركين بالله أن يعمروا مساجد الله التي بنيت على اسمه وحده لا شريك له. ومن قرأ: « مسجد الله » فأراد به المسجد الحرام، أشرف المساجد في الأرض، الذي بني من أول يوم على عبادة الله وحده لا شريك له. وأسسه خليل الرحمن هذا، وهم شاهدون على أنفسهم بالكفر، أي:بحالهم وقالهم، كما قال السُّدِّي:لو سألت النصراني:ما دينك؟ لقال:نصراني، واليهودي:ما دينك؟ لقال يهودي، والصابئي، لقال:صابئي، والمشرك، لقال:مشرك.

( أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ) أي:بشركهم، ( وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ) كما قال تعالى: وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [ الأنفال:34 ] ؛ ولهذا قال: ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) فشهد تعالى بالإيمان لعمار المساجد، كما قال الإمام أحمد:

حدثنا سريج حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث؛ أن دراجا أبا السمح حدثه، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان؛ قال الله تعالى: ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) »

ورواه الترمذي، وابن مردويه، والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن وهب، به

وقال عبد بن حميد في مسنده:حدثنا يونس بن محمد، حدثنا صالح المري، عن ثابت البناني، عن ميمون بن سياه، وجعفر بن زيد، عن أنس بن مالك قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إنما عمار المساجد هم أهل الله »

ورواه الحافظ أبو بكر البزار، عن عبد الواحد بن غياث، عن صالح بن بشير المري، عن ثابت، عن أنس قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إنما عمار المساجد هم أهل الله » ثم قال:لا نعلم رواه عن ثابت غير صالح

وقد روى الدارقطني في الأفراد من طريق حكامة بنت عثمان بن دينار، عن أبيها، عن أخيه مالك بن دينار، عن أنس مرفوعا: « إذا أراد الله بقوم عاهة، نظر إلى أهل المساجد، فصرف عنهم » . ثم قال:غريب

وروى الحافظ البهاء في المستقصى، عن أبيه بسنده إلى أبي أمية الطرسوسي:حدثنا منصور بن صقير، حدثنا صالح المرى، عن ثابت، عن أنس مرفوعا: « يقول الله:وعزتي وجلالي، إني لأهم بأهل الأرض عذابا، فإذا نظرت إلى عمار بيوتي وإلى المتحابين في، وإلى المستغفرين بالأسحار، صرفت ذلك عنهم » . ثم قال ابن عساكر:حديث غريب

وقال الإمام أحمد:حدثنا روح، حدثنا سعيد، عن قتادة، حدثنا العلاء بن زياد، عن معاذ بن جبل؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الشيطان ذئب الإنسان، كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية، فإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد »

وقال عبد الرازق، عن مَعْمَر، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي قال:أدركت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم يقولون:إن المساجد بيوت الله في الأرض، وإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها

وقال المسعودي، عن حبيب بن أبي ثابت وعدي بن ثابت، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال:من سمع النداء بالصلاة ثم لم يجب ويأتي المسجد ويصلي، فلا صلاة له، وقد عصى الله ورسوله، قال الله تعالى: ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) الآية رواه ابن مردويه.

وقد روي مرفوعا من وجه آخر، وله شواهد من وجوه أخر ليس هذا موضع بسطها.

وقوله: ( وَأَقَامَ الصَّلاةَ ) أي:التي هي أكبر عبادات البدن، ( وَآتَى الزَّكَاةَ ) أي:التي هي أفضل الأعمال المتعدية إلى بر الخلائق، ( وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ ) أي:ولم يخف إلا من الله تعالى، ولم يخش سواه، ( فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ )

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) يقول:من وحد الله، وآمن باليوم الآخر يقول:من آمن بما أنـزل الله، ( وَأَقَامَ الصَّلاةَ ) يعني:الصلوات الخمس، ( وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ ) يقول:لم يعبد إلا الله - ثم قال: ( فَعَسَى أُولَئِكَ [ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ] ) يقول:إن أولئك هم المفلحون، كقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم: عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [ الإسراء:79 ] يقول:إن ربك سيبعثك مقاما محمودا وهي الشفاعة، وكل « عسى » في القرآن فهي واجبة.

وقال محمد بن إسحاق بن يسار، رحمه الله:و « عسى » من الله حق.

أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ( 19 ) الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ( 20 )

قال العوفي في تفسيره، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية، قال:إن المشركين قالوا:عمارة بيت الله، وقيام على السقاية، خير ممن آمن وجاهد، وكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل أنهم أهله وعماره، فذكر الله استكبارهم وإعراضهم، فقال لأهل الحرم من المشركين: قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ [ المؤمنون:66، 67 ] يعني:أنهم كانوا يستكبرون بالحرم قال: بِهِ سَامِرًا كانوا يسمرون به، ويهجرون القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم فخير الله الإيمان والجهاد مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، على عمارة المشركين البيت وقيامهم على السقاية ولم يكن ينفعهم عند الله مع الشرك به إن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه

قال الله: ( لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) يعني:الذين زعموا أنهم أهل العمارة، فسماهم الله « ظالمين » بشركهم، فلم تغن عنهم العمارة شيئا.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، في تفسير هذه الآية، قال:نـزلت في العباس بن عبد المطلب حين أسر يوم بدر قال:لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد، لقد كنا نعمر المسجد الحرام، ونسقي [ الحاج ] ونفك العاني، قال الله عز وجل: ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) إلى قوله: ( وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) يعني:أن ذلك كان في الشرك، ولا أقبل ما كان في الشرك.

وقال الضحاك بن مزاحم:أقبل المسلمون على العباس وأصحابه، الذين أسروا يوم بدر، يعيرونهم بالشرك، فقال العباس:أما والله لقد كنا نعمر المسجد الحرام، ونفك العاني، ونحجب البيت، ونسقي الحاج، فأنـزل الله: ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ [ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ] ) الآية.

وقال عبد الرزاق:أخبرنا ابن عيينة، عن إسماعيل، عن الشعبي قال:نـزلت في علي، والعباس، رضي الله عنهما، تكلما في ذلك.

وقال ابن جرير:حدثنا يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرت عن أبي صخر قال:سمعت محمد بن كعب القرظي يقول:افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار، وعباس بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، فقال طلحة:أنا صاحب البيت، معي مفتاحه، ولو أشاء بت فيه. وقال العباس:أنا صاحب السقاية والقائم عليها، ولو أشاء بت في المسجد. فقال علي، رضي الله عنه:ما أدري ما تقولان، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد، فأنـزل الله، عز وجل: ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ) ؟ الآية كلها

وهكذا قال السدي، إلا أنه قال:افتخر علي، والعباس، وشيبة بن عثمان، وذكر نحوه.

وقال عبد الرزاق:أخبرنا مَعْمَر، عن عمرو، عن الحسن قال:نـزلت في علي، وعباس وعثمان، وشيبة، تكلموا في ذلك، فقال العباس:ما أراني إلا تارك سقايتنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أقيموا على سقايتكم، فإن لكم فيها خيرا »

ورواه محمد بن ثور، عن مَعْمَر، عن الحسن فذكر نحوه.

وقد ورد في تفسير هذه الآية حديث مرفوع، فلا بد من ذكره هاهنا، قال عبد الرزاق:

أخبرنا مَعْمَر، عن يحيى بن أبي كثير [ عن رجل ] عن النعمان بن بشير، رضي الله عنه، أن رجلا قال:ما أبالي ألا أعمل عملا بعد الإسلام، إلا أن أسقي الحاج. وقال آخر:ما أبالي ألا أعمل بعد الإسلام، إلا أن أعمر المسجد الحرام. وقال آخر:الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم. فزجرهم عمر، رضي الله عنه، وقال:لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم - وذلك يوم الجمعة - ولكن إذا صلينا الجمعة دخلنا عليه. فنـزلت ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) إلى قوله: ( لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ )

طريق أخرى:قال الوليد بن مسلم:حدثني معاوية بن سلام، عن جده أبي سلام الأسود، عن النعمان بن بشير الأنصاري قال:كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه، فقال رجل منهم:ما أبالي ألا أعمل لله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج. وقال آخر:بل عمارة المسجد الحرام. وقال آخر:بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم. فزجرهم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وقال:لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم - وذلك يوم الجمعة - ولكن إذا صليتُ الجمعة دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيته فيما اختلفتم فيه. قال:ففعل، فأنـزل الله، عز وجل: ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) إلى قوله: ( وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )

رواه مسلم في صحيحه، وأبو داود - وابن جرير وهذا لفظه - وابن مردويه، وابن أبي حاتم في تفاسيرهم وابن حبان في صحيحه