القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ ( 82 ) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ( 83 )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: ولما جاء أمرنا بالعذاب وقضاؤنا فيهم بالهلاك، جَعَلْنَا عَالِيَهَا

يعني عالي قريتهم سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا ، يقول: وأرسلنا عليها حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ .

واختلف أهل التأويل في معنى سِجِّيلٍ .

فقال بعضهم: هو بالفارسية : سنك ، وكل.

ذكر من قال ذلك.

حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: مِنْ سِجِّيلٍ ، بالفارسية، أوَّلها حَجَر، وآخرها طين.

حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.

حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه.

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير: حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ، قال: فارسية أعربت سنك وكل.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: « السجيل » ، الطين.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وعكرمة: مِنْ سِجِّيلٍ قالا من طين.

حدثني المثني قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد، عن وهب قال: سجيل بالفارسية: سنك وكل

حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط، عن السدي: حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ، أما السجيل فقال ابن عباس: هو بالفارسية: سنك وجل « سنك » ، هو الحجر، و « جل » ، هو الطين. يقول: أرسلنا عليهم حجارة من طين.

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا مهران، عن سفيان، عن السدي، عن عكرمة، عن ابن عباس: حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ، قال: طين في حجارة.

وقال ابن زيد في ذلك ما:-

حدثني به يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ، قال: السماء الدنيا. قال: والسماء الدنيا اسمها سجيل، وهي التي أنـزل الله على قوم لوط.

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من البصريين يقول: « السجيل » ، هو من الحجارة الصلب الشديد ، ومن الضرب، ويستشهد على ذلك بقول الشاعر:

*ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّيلا*

وقال: بعضُهُم يُحوِّل اللام نونًا.

وقال آخر منهم: هو « فِعّيل » ، من قول القائل: « أسجلته » ، أرسلته فكأنه من ذلك ، أي مرسلةٌ عليهم.

وقال آخر منهم: بل هو من « سجلت له سجلا » من العطاء، فكأنه قيل: مُتِحوا ذلك البلاء فأعطوه، وقالوا أسجله: أهمله.

وقال بعضهم: هو من « السِّجِلّ » ، لأنه كان فيها عَلَمٌ كالكتاب.

وقال آخر منهم: بل هو طين يطبخ كما يطبخ الآجرّ، وينشد بيت الفضل بن عباس:

مَــنْ يُسَــاجِلْنِي يُسَــاجِلْ مَـاجِدًا يَمْــلأُ الدَّلْــوَ إلَـى عَقْـدِ الكـرَب

فهذا من « سجلت له سَجْلا » ، أعطيته.

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله المفسرون، وهو أنها حجارة من طين، وبذلك وصفها الله في كتابه في موضع، وذلك قوله: لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ [ سورة الذاريات: 33، 34 ]

وقد روي عن سعيد بن جبير أنه كان يقول: هي فارسية ونبطية.

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير قال: فارسية ونبطية « سج » ، « إيل » .

فذهب سعيد بن جبير في ذلك إلى أن اسم الطين بالفارسية « جل » لا « إيل » ، وأن ذلك لو كان بالفارسية لكان « سِجْل » لا « سجيل » ، لأن الحجر بالفارسية يدعى « سج » والطين « جل » ، فلا وجه لكون الياء فيها وهي فارسية.

قال أبو جعفر : وقد بينا الصواب من القول عندنا في أوّل الكتاب ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

وقد ذكر عن الحسن البصري أنه قال: كان أصل الحجارة طينًا فشُدِّدت.

وأما قوله: مَنْضُودٍ ، فإن قتادة وعكرمة يقولان فيه ما:-

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وعكرمة: مَنْضُودٍ يقول: مصفوفة.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة مَنْضُودٍ يقول: مصفوفة.

وقال الربيع بن أنس فيه ما:-

حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، في قوله مَنْضُودٍ ، قال: نضد بعضه على بعض.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي بكر الهذلي بن عبد الله: أما قوله: مَنْضُودٍ ، فإنها في السماء منضودة: معدَّة، وهي من عُدَّة الله التي أعَدَّ للظلمة.

وقال بعضهم: مَنْضُودٍ ، يتبع بعضه بعضًا عليهم. قال: فذلك نَضَدُه.

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك ما قاله الربيع بن أنس، وذلك أن قوله: مَنْضُودٍ من نعت سِجِّيلٍ ، لا من نعت « الحجارة » ، وإنما أمطر القوم حجارة من طين، صفة ذلك الطين أنه نُضِد بعضه إلى بعض، فصُيِّر حجارة، ولم يُمْطَرُوا الطين ، فيكونَ موصوفًا بأنه تتابع على القوم بمجيئه.

قال أبو جعفر: وإنما كان جائزًا أن يكون على ما تأوّله هذا المتأوّل لو كان التنـزيل بالنصب « منضودةً » ، فيكون من نعت « الحجارة » حينئذ.

وأما قوله: ( مسوَّمة عند ربك ) ، فإنه يقول: معلمة عند الله، أعلمها الله، و « المسوّمة » من نعت « الحجارة » ، ولذلك نصبت على النعت.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( مسوّمة ) ، قال: معلمة.

حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

. . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، مثله.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله قال ابن جريج: ( مسوّمة ) ، لا تشاكل حجارة الأرض.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وعكرمة: ( مسومة ) قالا مطوَّقة بها نَضْحٌ من حمرة.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: ( مسومة ) عليها سيما معلومة . حدّث بعضُ من رآها ، أنها حجارة مطوَّقة عليها أو بها نضحٌ من حمرة ، ليست كحجارتكم.

حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، في قوله: ( مسوّمة ) ، قال: عليها سيما خطوط.

حدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط، عن السدي: ( مسومة ) قال: « المسومة » ، المختَّمة.

وأما قوله: ( وما هي من الظالمين ببعيد ) ، فإنه يقول تعالى ذكره متهددًا مشركي قريش: وما هذه الحجارة التي أمطرتها على قوم لوط ، من مشركي قومك ، يا محمد ، ببعيد أن يمطروها ، إن لم يتوبوا من شركهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثني قال ، حدثنا أبو عتاب الدلال سهل بن حماد قال ، حدثنا شعبة قال ، حدثنا أبان بن تغلب، عن مجاهد، في قوله: ( وما هي من الظالمين ببعيد ) ، قال: أن يصيبهم ما أصاب القوم.

حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( وما هي من الظالمين ببعيد ) ، قال: يُرْهِب بها من يشاء.

حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

. . . . قال، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: ( وما هي من الظالمين ببعيد ) ، يقول: ما أجار الله منها ظالمًا بعد قوم لوط.

حدثني محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة وعكرمة: ( وما هي من الظالمين ببعيد ) ، يقول: لم يترك منها ظالمًا بعدهم.

حدثنا علي بن سهل قال ، حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب ، عن قتادة في قوله: ( وما هي من الظالمين ببعيد ) ، قال: يعني ظالمي هذه الأمة . قال: والله ما أجارَ منها ظالمًا بعدُ!

حدثنا موسى بن هارون قال ، حدثنا حماد قال ، حدثنا أسباط، عن السدي: ( وما هي من الظالمين ببعيد ) ، يقول: من ظَلَمة العرب ، إن لم يتوبوا فيعذّبوا بها.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي بكر الهذلي بن عبد الله قال : يقول: ( وما هي من الظالمين ببعيد ) ، من ظلمة أمتك ببعيد، فلا يأمنها منهم ظالم .

وكان قلب الملائكة عَالي أرض سدوم سافلها، كما:-

حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا جابر بن نوح قال ، حدثنا الأعمش، عن مجاهد قال: أخذ جبريل عليه السلام قوم لوط من سَرْحهم ودورهم، حملهم بمواشيهم وأمتعتهم حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم ثم أكفأهم.

حدثنا به أبو كريب مرة أخرى عن مجاهد قال: أدخل جبريل جناحه تحت الأرض السفلى من قوم لوط، ثم أخذهم بالجناح الأيمن، فأخذهم من سرحهم ومواشيهم ، ثم رفعها

حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، كان يقول: فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا ، قال: لما أصبحوا غدا جبريل على قريتهم، ففتقها من أركانها، ثم أدخل جناحه، ثم حملها على خَوافي جناحه.

. . . . قال، حدثنا شبل قال ، فحدثني هذا ابن أبي نجيح، عن إبراهيم بن أبي بكر قال: ولم يسمعه ابن أبي نجيح عن مجاهد قال، فحملها على خوافي جناحه بما فيها، ثم صعد بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم ، ثم قلبها. فكان أوّل ما سقط منها شِرَافها. فذلك قول الله: جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ، قال مجاهد: فلم يصب قومًا ما أصابهم ، إن الله طمس على أعينهم، ثم قلب قريتهم، وأمطر عليهم حجارة من سجيل.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال، بلغنا أن جبريل عليه السلام أخذَ بعُرْوة القرية الوُسْطى، ثم ألوَى بها إلى السماء، حتى سمع أهل السماء ضَواغِي كلابهم، ثم دمَّر بعضها على بعض فجعل عاليها سافلها ، ثم أتبعهم الحجارة قال قتادة: وبلغنا أنهم كانوا أربعة آلاف ألف.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن جبريل عليه السلام أخذ بعروتها الوسطى، ثم ألوى بها إلى جَوّ السماء حتى سمعت الملائكة ضَواغي كلابهم، ثم دمر بعضها على بعض ثم اتبع شُذَّان القوم صخرًا . قال: وهي ثلاث قرًى يقال لها « سدوم » ، وهي بين المدينة والشأم. قال: وذكر لنا أنه كان فيها أربعة آلاف ألف. وذكر لنا أن إبراهيم عليه السلام كان يشرف [ ثم ] يقول سدوم ، يومٌ مَا لكِ!

حدثني موسى قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط، عن السدي قال، لما أصبحوا يعني قوم لوط نـزل جبريل، فاقتلع الأرض من سبع أرضين، فحملها حتى بلغ السماء الدنيا ، [ حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم ، وأصوات ديوكهم، ثم قلبها فقتلهم ] ، فذلك حين يقول: وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى [ سورة النجم: 53 ] ، المنقلبة حين أهوى بها جبريل الأرض فاقتلعها بجناحه، فمن لم يمت حين أسقط الأرض أمطر الله عليه وهو تحت الأرض الحجارة، ومن كان منهم شاذًّا في الأرض . وهو قول الله: جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ، ثم تتبعهم في القرى، فكان الرجل [ يتحدث ] ، فيأتيه الحجر فيقتله، وذلك قول الله تعالى: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ .

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي بكر وأبو سفيان، عن معمر ، عن قتادة قال، بلغنا أن جبريل عليه السلام لما أصبح نشرَ جناحه، فانتسف به أرضهم بما فيها من قُصورها ودوابها وحجارتها وشجرها ، وجميع ما فيها، فضمها في جناحه، فحواها وطواها في جوف جناحه، ثم صعد بها إلى السماء الدنيا، حتى سمع سُكان السماء أصواتَ الناس والكلاب، وكانوا أربعة آلاف ألف، ثم قلبها فأرسلها إلى الأرض منكوسةً، دمْدَمَ بعضها على بعض، فجعل عاليها سافلها، ثم أتبعها حجارة من سجيل

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن كعب القرظي قال: حدثت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: « بعث الله جبريل عليه السلام إلى المؤتفكة قرية لوط عليه السلام التي كان لوط فيهم، فاحتملها بجناحه، ثم صعد بها حتى إن أهل السماء الدنيا ليسمعون نُباح كلابها وأصوات دجاجها، ثم كفأها على وجهها، ثم أتبعها الله بالحجارة، يقول الله: جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ، فأهلكها الله وما حولها من المؤتفكات، وكنّ خمس قريات، » صنعة « و » صعوة « » وعثرة « ، و » دوما « و » سدوم « وسدوم هي القرية العظمى ونجى الله لوطًا ومن معه من أهله، إلا امرأته كانت فيمن هلك. »

 

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ( 84 )

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأرسلنا إلى وَلَد مدين أخاهم شعيبًا، فلما أتاهم قال : ( يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) ، يقول: أطيعوه، وتذللوا له بالطاعة لما أمركم به ونهاكم عنه ( ما لكم من إله غيره ) ، يقول: ما لكم من معبود سواه يستحقّ عليكم العبادة غيره ( ولا تنقصوا المكيال والميزان ) ، يقول: ولا تنقصوا الناس حقوقهم في مكيالكم وميزانكم ( إني أراكم بخير ) .

واختلف أهل التأويل في « الخير » الذي أخبر الله عن شعيب أنه قال لمدين إنه يراهم به.

فقال بعضهم: كان ذلك رُخْص السعر وَحذرهم غلاءه.

ذكر من قال ذلك :

حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال ، حدثنا عبد الله بن داود الواسطي قال ، حدثنا محمد بن موسى، عن الذيال بن عمرو، عن ابن عباس: ( إني أراكم بخير ) ، قال: رُخْص السعر ( وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ) ، قال: غلاء سعر.

حدثني أحمد بن عمرو البَصري قال، حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث قال ، حدثنا صالح بن رستم، عن الحسن، وذكر قوم شعيب قال: ( إني أراكم بخير ) ، قال: رُخْص السعر.

حدثني محمد بن عمرو بن علي قال ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبي عامر الخراز، عن الحسن في قوله: ( إني أراكم بخير ) قال: الغنى ورُخْص السعر.

وقال آخرون: عنى بذلك: إنّي أرى لكم مالا وزينة من زين الدنيا.

ذكر من قال ذلك:-

حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ( إني أراكم بخير ) ، قال: يعني خير الدنيا وزينتها .

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله : ( إني أراكم بخير ) ، أبصر عليهم قِشْرًا من قشر الدنيا وزينتها.

حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ( إني أراكم بخير ) ، قال: في دنياكم، كما قال الله تعالى: إِنْ تَرَكَ خَيْرًا ، سماه « خيرًا » لأن الناس يسمون المال « خيرًا » .

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما أخبر الله عن شعيب أنه قال لقومه، وذلك قوله: ( إني أراكم بخير ) ، يعني بخير الدنيا. وقد يدخل في خير الدنيا ، المال وزينة الحياة الدنيا ، ورخص السعر ولا دلالة على أنه عنى بقيله ذلك بعض خيرات الدنيا دون بعض، فذلك على كل معاني خيرات الدنيا التي ذكر أهل العلم أنهم كانوا أوتوها.

وإنما قال ذلك شعيب، لأن قومه كانوا في سعة من عيشهم ورخص من أسعارهم ، كثيرة أموالهم، فقال لهم: لا تنقصوا الناس حقوقهم في مكاييلكم وموازينكم، فقد وَسَّع الله عليكم رزقكم، ( وإني أخاف عليكم ) ، بمخالفتكم أمر الله ، وبَخْسكم الناس أموالهم في مكاييلكم وموازينكم ( عذاب يوم محيط ) ، يقول: أن ينـزل بكم عذاب يوم محيط بكم عذابه. فجعل « المحيط » نعتًا لليوم، وهو من نعت « العذاب » ، إذ كان مفهومًا معناه، وكان العذاب في اليوم، فصار كقولهم : « بعْض جُبَّتك محترقة » .

 

القول في تأويل قوله تعالى : وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ( 85 )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره ، مخبرًا عن قيل شعيب لقومه: أوفوا الناس الكيل والميزان « بالقسط » ، يقول: بالعدل، وذلك بأن توفوا أهل الحقوق التي هي مما يكال أو يوزن حقوقهم ، على ما وجب لهم من التمام ، بغير بَخس ولا نقص.

وقوله: ( ولا تبخسوا الناس أشياءهم ) ، يقول : ولا تنقصوا الناس حقوقهم التي يجب عليكم أن توفوهم كيلا أو وزنًا أو غير ذلك، كما:-

حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا علي بن صالح بن حي قال: بلغني في قوله: ( ولا تبخسوا الناس أشياءهم ) قال، : لا تنقصوهم.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: ( ولا تبخسوا الناس أشياءهم ) ، يقول: لا تظلموا الناس أشياءهم.

وقوله: ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) ، يقول: ولا تسيروا في الأرض تعملون فيها بمعاصي الله، كما:-

حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) ، قال: لا تسيروا في الأرض.

وحدثت عن المسيب، عن أبي روق، عن الضحاك في قوله : ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) ، يقول: لا تسعوا في الأرض مفسدين يعني: نقصان الكيل والميزان.

 

القول في تأويل قوله تعالى : بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ( 86 )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله: ( بقية الله خير لكم ) ، ما أبقاه الله لكم ، بعد أن توفوا الناس حقوقهم بالمكيال والميزان بالقسط، فأحلّه لكم، خير لكم من الذي يبقى لكم ببخسكم الناس من حقوقهم بالمكيال والميزان ( إن كنتم مؤمنين ) ، يقول: إن كنتم مصدّقين بوعد الله ووعيده ، وحلاله وحرامه.

وهذا قولٌ روي عن ابن عباس بإسنادٍ غير مرتضى عند أهل النقل.

وقد اختلف أهل التأويل في ذلك.

فقال بعضهم معناه : طاعة الله خيرٌ لكم.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: ( بقية الله خير لكم ) ، قال: طاعة الله خير لكم.

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد: ( بقية الله ) قال: طاعة الله ( خير لكم ) .

حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( بقية الله ) ، قال: طاعة الله.

حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن ليث، عن مجاهد: ( بقية الله خير لكم ) ، قال: طاعة الله خير لكم.

حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( بقية الله خير لكم ) ، قال: طاعة الله.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه.

وقال آخرون: معنى ذلك: حظكم من ربكم خير لكم.

ذكر من قال ذلك :-

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ) ، حظكم من ربكم خير لكم.

حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ( بقية الله خير لكم ) ، قال: حظكم من الله خير لكم .

وقال آخرون: معناه: رزق الله خير لكم.

ذكر من قال ذلك :

حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان، عمن ذكره، عن ابن عباس: ( بقية الله ) قال رزق الله.

وقال ابن زيد في قوله ما:-

حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ( بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ) ، قال: « الهلاك » ، في العذاب، و « البقية » في الرحمة.

قال أبو جعفر: وإنما اخترت في تأويل ذلك القولَ الذي اخترته، لأن الله تعالى ذكره إنما تقدم إليهم بالنهي عن بَخس الناس أشياءهم في المكيال والميزان، وإلى ترك التطفيف في الكيل والبخس في الميزان دعاهم شعيب، فتعقيب ذلك بالخبر عما لهم من الحظّ في الوفاء في الدنيا والآخرة ، أولى مع أن قوله: ( بقية ) ، إنما هي مصدر من قول القائل « بقيت بقية من كذا » ، فلا وجه لتوجيه معنى ذلك إلا إلى: بقية الله التي أبقاها لكم مما لكم بعد وفائكم الناس حقوقهم خير لكم من بقيتكم من الحرام الذي يبقى لكم من ظلمكم الناس ببخسهم إياهم في الكيل والوزن.

وقوله: ( وما أنا عليكم بحفيظ ) ، يقول: وما أنا عليكم ، أيها الناس ، برقيب أرقبكم عند كيلكم ووزنكم ، هل توفون الناس حقوقهم أم تظلمونهم؟ وإنما عليّ أن أبلغكم رسالة ربّي، فقد أبلغتكموها.

 

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ( 87 )

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال قوم شعيب: يا شعيب ، أصَلواتك تأمرك أن نترك عبادة ما يعبد آباؤنا من الأوثان والأصنام ( أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ، من كسر الدراهم وقطعها ، وبخس الناس في الكيل والوزن ( إنك لأنت الحليم ) ، وهو الذي لا يحمله الغضب أن يفعل ما لم يكن ليفعله في حال الرّضى، ( الرشيد ) ، يعني: رشيد الأمر في أمره إياهم أن يتركوا عبادة الأوثان، كما:-

حدثنا محمود بن خداش قال ، حدثنا حماد بن خالد الخياط قال ، حدثنا داود بن قيس، عن زيد بن أسلم في قول الله: ( أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ) قال: كان مما نهاهم عنه حذف الدراهم أو قال: قطع الدراهم، الشك من حمّاد.

حدثنا سهل بن موسى الرازي قال ، حدثنا ابن أبي فديك، عن أبي مودود قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني أن قوم شعيب عُذِّبوا في قطع الدراهم، وجدت ذلك في القرآن: ( أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) .

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا زيد بن حباب، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي قال: عُذّب قوم شعيب في قطعهم الدراهم فقالوا: ( يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) .

. . . . قال، حدثنا حماد بن خالد الخياط، عن داود بن قيس، عن زيد بن أسلم في قوله: ( أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ، قال: كان مما نهاهم عنه حَذْفُ الدراهم.

حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ( قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ، قال: نهاهم عن قطع الدنانير والدراهم فقالوا: إنما هي أموالنا نفعل فيها ما نشاء، إن شئنا قطعناها، وإن شئنا صرفناها، وإن شئنا طرَحناها!

. . . . قال وأخبرنا ابن وهب قال، وأخبرني داود بن قيس المرّي : أنه سمع زيد بن أسلم يقول في قول الله: ( قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ، قال زيدٌ: كان من ذلك قطع الدراهم.

وقوله: ( أصلواتك ) ، كان الأعمش يقول في تأويلها ما:-

حدثنا الحسن قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري عن الأعمش في قوله: ( أصلواتك ) قال: قراءتك .

فإن قال قائل: وكيف قيل: ( أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ، وإنما كان شعيب نهاهم أن يفعلوا في أموالهم ما قد ذكرتَ أنه نهاهم عنه فيها؟

قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما توهَّمت. وقد اختلف أهل العربية في معنى ذلك.

فقال بعض البصريين: معنى ذلك: أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا، أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء وليس معناه: تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء، لأنه ليس بذا أمرهم.

وقال بعض الكوفيين نحو هذا القول قال. وفيها وجه آخر يجعل الأمر كالنهي، كأنه قال: أصلواتك تأمرك بذا ، وتنهانا عن ذا؟ فهي حينئذ مردودة على أن الأولى منصوبة بقوله « تأمرك » ، وأن الثانية منصوبة عطفًا بها على « ما » التي في قوله: ( ما يعبد ) . وإذا كان ذلك كذلك، كان معنى الكلام: أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا، أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء.

وقد ذكر عن بعض القراء أنه قرأه ( مَا تَشَاء ) .

قال أبو جعفر: فمن قرأ ذلك كذلك ، فلا مئونة فيه، وكانت « أن » الثانية حينئذ معطوفة على « أن » الأولى.

وأما قوله لشعيب: ( إنك لأنت الحليم الرشيد ) فإنهم أعداء الله ، قالوا ذلك له استهزاءً به ، وإنما سفَّهوه وجهَّلوه بهذا الكلام.

وبما قلنا من ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:-

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: ( إنك لأنت الحليم الرشيد ) ، قال: يستهزئون.

حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ( إنك لأنت الحليم الرشيد ) ، المستهزئون ، يستهزئون : بأنك لأنت الحليم الرشيد !

 

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ( 88 )

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال شعيب لقومه: يا قوم أرأيتم إن كنت على بيان وبرهان من ربي فيما أدعوكم إليه من عبادة الله، والبراءة من عبادة الأوثان والأصنام، وفيما أنهاكم عنه من إفساد المال ( ورزقني منه رزقًا حسنًا ) ، يعني حلالا طيّبًا.

( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ) ، يقول: وما أريد أن أنهاكم عن أمر ثم أفعلُ خلافه، بل لا أفعل إلا ما آمركم به، ولا أنتهي إلا عما أنهاكم عنه. كما:-

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ) ، يقول: لم أكن لأنهاكم عن أمر أركبه أو آتيه.

( إن أريد إلا الإصلاح ) ، يقول: ما أريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه، إلا إصلاحكم وإصلاح أمركم ( ما استطعت ) ، يقول: ما قدرت على إصلاحه ، لئلا ينالكم من الله عقوبة منكِّلة، بخلافكم أمره ، ومعصيتكم رسوله ( وما توفيقي إلا بالله ) يقول: وما إصابتي الحق في محاولتي إصلاحكم وإصلاح أمركم إلا بالله، فإنه هو المعين على ذلك، إلا يعنّي عليه لم أصب الحق فيه.

وقوله: ( عليه توكلت ) ، يقول: إلى الله أفوض أمري، فإنه ثقتي ، وعليه اعتمادي في أموري.

وقوله: ( وإليه أنيب ) ، وإليه أقبل بالطاعة ،وأرجع بالتوبة، كما:-

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( وإليه أنيب ) ، قال: أرجع.

حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، قال

. . . . وحدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: ( وإليه أنيب ) ، قال: أرجع.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: ( وإليه أنيب ) ، قال: أرجع.