القول
في تأويل قوله تعالى : وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ
شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ
أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ
قال أبو
جعفر : يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل شعيب لقومه: ( ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي ) ، يقول: لا يحملنكم عداوتي
وبغضي ، وفراق الدين الذي أنا عليه، على الإصرار على ما أنتم عليه من الكفر بالله
، وعبادة الأوثان ، وبخس الناس في المكيال والميزان ، وترك الإنابة والتوبة،
فيصيبكم ( مثلُ
ما أصاب قوم نوح ) ، من
الغرق ( أو
قوم هود ) ، من
العذاب ( أو
قوم صالح ) ، من
الرّجفة ( وما
قوم لوط ) الذين
ائتفكت بهم الأرض ( منكم
ببعيد ) ،
هلاكهم، أفلا تتعظون به ، وتعتبرون؟ يقول: فاعتبروا بهؤلاء، واحذروا أن يصيبكم
بشقاقي مثلُ الذي أصابهم. كما:-
حدثنا
بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( لا يجرمنكم شقاقي ) ، يقول: لا يحملنكم فراقي ، ( أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم
نوح ) ،
الآية.
حدثنا
الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: ( لا يجرمنكم شقاقي ) ، يقول: لا يحملنكم شقاقي.
حدثنا
القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: ( لا يجرمنكم شقاقي ) ، قال : عداوتي وبغضائي
وفراقي.
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ( وما قوم لوط منكم ببعيد ) ، قال: إنما كانوا حديثًا
منهم قريبًا يعني قوم نوح وعاد وثمود وصالح.
حدثنا
الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ( وما قوم لوط منكم ببعيد ) ، قال: إنما كانوا حديثي عهد
قريب ، بعد نوح وثمود.
قال أبو
جعفر: وقد يحتمل أن يقال: معناه: وما دارُ قوم لوط منكم ببعيد.
القول
في تأويل قوله تعالى : وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ
ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ( 90 )
قال أبو
جعفر: يقول تعالى ذكره ، مخبرًا عن قيل شعيب لقومه: ( استغفروا ربكم ) ، أيها القوم من ذنوبكم بينكم
وبين ربكم التي أنتم عليها مقيمون ، من عبادة الآلهة والأصنام ، وبَخْس الناس
حقوقهم في المكاييل والموازين ( ثم
توبوا إليه ) ،
يقول: ثم ارجعوا إلى طاعته والانتهاء إلى أمره ونهيه ( إن ربي رحيم ) ، يقول: هو رحيم بمن تاب
وأناب إليه أن يعذبه بعد التوبة. ( ودود ) ،
يقول: ذو محبة لمن أناب وتاب إليه ، يودُّه ويحبُّه.
القول
في تأويل قوله تعالى : قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا
نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلا رَهْطُكَ
لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ( 91 )
قال أبو
جعفر: يقول تعالى ذكره: قال قوم شعيب لشعيب: ( يا شعيب ما نفقه كثيرًا مما تقول ) ، أي : ما نعلم حقيقة كثير
مما تقول وتخبرنا به ( وإنا
لنراك فينا ضعيفًا ) .
ذُكِر
أنه كان ضريرًا، فلذلك قالوا له: ( إنا لنراك فينا ضعيفًا ) .
ذكر
من قال ذلك :
حدثني
عبد الأعلى بن واصل قال ، حدثنا أسد بن زيد الجصاص قال، أخبرنا شريك، عن سالم، عن
سعيد بن جبير في قوله: ( وإنا
لنراك فينا ضعيفًا ) ، قال:
كان أعمى.
حدثنا
عباس بن أبي طالب قال، حدثني إبراهيم بن مهدي المصيصي قال ، حدثنا خلف بن خليفة،
عن سفيان، عن سعيد، مثله.
حدثنا
أحمد بن الوليد الرملي قال ، حدثنا إبراهيم بن زياد وإسحاق بن المنذر، وعبد الملك
بن زيد قالوا، حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد، مثله.
. . . .
قال، حدثنا عمرو بن عون ومحمد بن الصباح قالا سمعنا شريكًا يقول في قوله: ( وإنا لنراك فينا ضعيفًا ) ، قال: أعمى.
حدثنا
سعدويه قال ، حدثنا عباد، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، مثله.
حدثني
المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم قال ، حدثنا سفيان قوله: ( وإنا لنراك فينا ضعيفًا ) ، قال: كان ضعيف البصر قال
سفيان: وكان يقال له : « خطيب
الأنبياء »
. . . .
قال، حدثنا الحماني قال ، حدثنا عباد، عن شريك، عن سالم، عن سعيد: ( وإنا لنراك فينا ضعيفًا ) ، قال: كان ضرير البصر.
وقوله: ( ولولا رهطك لرجمناك ) ، يقول: يقولون: ولولا أنك في
عشيرتك وقومك (
لرجمناك ) ،
يعنون: لسببناك.
وقال
بعضهم: معناه لقتلناك.
ذكر
من قال ذلك:
حدثني
يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ( ولولا رهطك لرجمناك ) ، قال: قالوا: لولا أن نتقي
قومك ورهطك لرجمناك.
وقوله :
( وما
أنت علينا بعزيز ) ،
يعنون: ما أنت ممن يكرَّم علينا، فيعظمُ علينا إذلاله وهوانه، بل ذلك علينا هيّن.
القول
في تأويل قوله تعالى : قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي
أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ
رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ( 92 )
قال أبو
جعفر: يقول تعالى ذكره: قال شعيب لقومه: يا قوم ، أعزّزتم قومكم، فكانوا أعزّ
عليكم من الله، واستخففتم بربكم، فجعلتموه خلف ظهوركم، لا تأتمرون لأمره ولا
تخافون عقابه، ولا تعظِّمونه حق عظَمته؟
يقال
للرجل إذا لم يقض حاجة الرجل: « نَبَذ
حاجته وراء ظهره » ، أي :
تركها لا يلتفت إليها. و إذا قضاها قيل: « جعلها أمامه ، ونُصْب عينيه » ، ويقال: « ظَهَرتَ بحاجتي » و « جعلتها ظِهْرِيَّة » ، أي : خلف ظهرك، كما قال
الشاعر:
*وَجَدْنَا
بَنِي البَرْصَاءِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ*
بمعنى:
أنهم يَظْهَرون بحوائجِ النّاس فلا يلتفتون إليها.
وبنحو
الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر
من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:
( قال
يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريًّا ) ، وذلك أن قوم شعيب ورهطه
كانوا أعز عليهم من الله، وصَغُر شأن الله عندهم ، عزَّ ربُّنا وجلَّ.
حدثني
المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: ( واتخذتموه وراءكم ظهريًّا ) ، قال: قَفًا.
حدثنا
بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: ( يا قوم أرهطي أعز عليكم من
الله واتخذتموه وراءكم ظهريًّا ) ،
يقول: عززتم قومكم، وأظهرْتم بربكم.
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ( واتخذتموه وراءكم ظهريا ) ، قال: لم تراقبوه في شيء
إنما تراقبون قومي (
واتخذتموه وراءكم ظهريا ) ،
يقول: عززتم قومكم وأظهرتم بربكم.
حدثنا محمد
بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ( واتخذتموه وراءكم ظهريًّا ) ، قال: لم تراقبوه في شيء،
إنما تراقبون قومي (
واتخذتموه وراءكم ظهريًّا ) ، لا
تخافونه
حدثنا
الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ( أرهطي أعز عليكم من الله ) ، قال: أعززتم قومكم ،
واغتررتم بربكم، سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل قال: قال سفيان: ( واتخذتموه وراءكم ظهريًّا ) ، كما يقول الرجل للرجل: « خلَّفتَ حاجتي خلفَ ظهرك » ، ( واتخذتموه وراءكم ظهريًّا ) ، استخففتم بأمره. فإذا أراد
الرجل قضاء حاجةِ صاحبه جعلها أمامه بين يديه، ولم يستخفَّ بها.
حدثني
يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ( واتخذتموه وراءكم ظهريًّا ) ، قال: « الظهْريّ » ، الفَضْل، مثل الجمّال يخرج
معه بإبل ظَهَارَّية ، فضل ، لا يحمل عليها شيئًا ، إلا أن يحتاج إليها. قال:
فيقول: إنما ربكم عندكم مثل هذا ، إن احتجتم إليه. وإن لم تحتاجوا إليه فليس بشيء.
وقال
آخرون: معنى ذلك: واتخذتم ما جاء به شعيبٌ وراءكم ظهريًّا فالهاء في قوله: ( واتخذتموه ) ، على هذا من ذكر ما جاء به
شعيب.
ذكر
من قال ذلك :
حدثنا
ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( واتخذتموه وراءكم ظهريًّا ) ، قال: تركتم ما جاء به شعيب
. . . .
قال، حدثنا جعفر بن عون، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد قال: نبذوا أمره.
حدثني
الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد: ( واتخذتموه وراءكم ظهريا ) ، قال: نبذتم أمره.
حدثنا
محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:
(
واتخذتموه وراءكم ظهريًّا ) ، قال:
همَّ رهط شعيب بتركهم ما جاء به وراء ظهورهم ظهريًّا.
حدثني
المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال
. . . .
وحدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( واتخذتموه وراءكم ظهريًّا ) ، قال: استثناؤهم رهط شعيب،
وتركهم ما جاءَ به شعيب وراء ظهورهم ظهريًّا.
قال أبو
جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في تأويل ذلك ، لقرب قوله: ( واتخذتموه وراءكم ظهريًّا ) ، من قوله: ( أرهطي أعز عليكم من الله ) فكانت الهاء في قوله : ( واتخذتموه ) ، بأن تكون من ذكر الله ،
لقرب جوارها منه ، أشبهَ وأولى.
وقوله: ( إن ربي بما تعملون محيط ) ، يقول: إن ربي محيط علمه
بعملكم، فلا يخفى عليه منه شيء، وهو مجازيكم على جميعه عاجلا وآجلا.
القول
في تأويل قوله تعالى : وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى
مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ
قال أبو
جعفر: يقول تعالى ذكره ، مخبرًا عن قيل شعيب لقومه: ( ويا قوم اعملوا على مكانتكم ) ، يقول: على تمكنكم.
يقال
منه: « الرجل
يعمل على مَكينته ، ومَكِنته » ، أي :
على اتئاده، « ومَكُن
الرجل يمكُنُ مَكْنًا ومَكانةً ومَكانًا » .
وكان بعض
أهل التأويل يقول في معنى قوله: ( على
مكانتكم ) ، على
منازلكم.
قال أبو
جعفر: فمعنى الكلام إذًا: ويا قوم اعملوا على تمكنكم من العمل الذي تعملونه، إنّي
عامل على تؤدةٍ من العمل الذي أعمله ( سوف تعلمون ) ، أينا الجاني على نفسه ، والمخطئ عليها ، والمصيب في فعله
المحسنُ إلى نفسه.
القول
في تأويل قوله تعالى : مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ
وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ( 93 )
قال أبو
جعفر: يقول تعالى ذكره ، مخبرًا عن قيل نبيّه شعيب لقومه: الذي يأتيه منّا ومنكم ،
أيها القوم ( عذاب
يخزيه ) ،
يقول: يذله ويهينه ( ومن
هو كاذب ) ،
يقول: ويُخزي أيضًا الذي هو كاذب في قيله وخبره منا ومنكم ( وارتقبوا ) ، أي : انتظروا وتفقدوا من
الرقبة.
يقال
منه: « رقبت
فلانًا أرْقُبه رِقْبَةً » .
وقوله: ( إني معكم رقيب ) ، يقول: إني أيضًا ذو رقبة
لذلك العذاب معكم، وناظر إليه بمن هو نازل منا ومنكم؟
القول
في تأويل قوله تعالى : وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا
نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ
الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ( 94 )
قال أبو
جعفر: يقول تعالى ذكره: ولما جاء قضاؤنا في قوم شعيب ، بعذابنا « نجينا شعيبًا » رسولنا، والذين آمنوا به
فصدقوه على ما جاءهم به من عند ربهم مع شعيب، من عذابنا الذي بعثنا على قومه ( برحمة منا ) ، له ولمن آمن به واتبعه على
ما جاءهم به من عند ربهم وأخذت الذين ظلموا صيحة من السماء أخمدتهم ، فأهلكتهم
بكفرهم بربهم. وقيل: إن جبريل عليه السلام، صاح بهم صَيحةً أخرجت أرواحهم من
أجسامهم (
فأصبحوا في ديارهم جاثمين ) ، على
ركبهم ، وصرعى بأفنيتهم.
القول
في تأويل قوله تعالى : كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا
أَلا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ ( 95 )
قال أبو جعفر
: يقول تعالى ذكره: كأن لم يعش قوم شعيب الذين أهلكهم الله بعذابه ، حين أصبحوا
جاثمين في ديارهم قبل ذلك. ولم يغنوا.
من
قولهم: « غنيت
بمكان كذا » ، إذا
أقمت به، ومنه قول النابغة:
غَنِيَــتْ
بِـذَلِكَ إِذْ هُـمُ لِـي جِـيرَةٌ مِنْهَــا بِعَطْــفِ رِسَــالِةٍ وتَـوَدُّدِ
وكما :-
حدثني
المثنى قال، حدثنا أبو صالح، قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: ( كأن لم يغنوا فيها ) ، قال يقول: كأن لم يعيشوا
فيها.
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
حدثنا
بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة مثله.
وقوله: ( ألا بعدًا لمدين كما بعدت
ثمود ) ، يقول
تعالى ذكره: ألا أبعد الله مدين من رحمته، بإحلال نقمته بهم « كما بعدت ثمود » ، يقول: « كما بعدت من قبلهم ثمود من
رحمته ، بإنـزال سخطه بهم. »
القول
في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى
بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( 96 ) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا
أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ( 97 )
قال أبو
جعفر: يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا موسى بأدلتنا على توحيدنا، وحجةً تُبين لمن
عاينها وتأملها بقلب صحيحٍ. أنها تدل على توحيد الله ، وكذب كل من ادّعى الربوبية
دونه، وبُطُول قول من أشرك معه في الألوهية غيره ( إلى فرعون وملئه ) ، يعني إلى أشراف جنده وتُبَّاعه ( فاتبعوا أمر فرعون ) ، يقول: فكذب فرعون وملأه
موسى، وجحدوا وحدانية الله، وأبوا قبول ما أتاهم به موسى من عند الله، واتبع ملأ
فرعون أمرَ فرعون دون أمر الله، وأطاعوه في تكذيب موسى ، وردّ ما جاءهم به من عند
الله عليه يقول تعالى ذكره: ( وما
أمر فرعون برشيد ) يعني:
أنه لا يُرشد أمر فرعون من قَبِله منه، في تكذيب موسى، إلى خير، ولا يهديه إلى
صلاح، بل يورده نار جهنم.