القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ( 118 ) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ( 119 )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: ولو شاء ربك ، يا محمد ، لجعل الناس كلها جماعة واحدة على ملة واحدة ، ودين واحد، كما:-

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ) ، يقول: لجعلهم مسلمين كلهم.

وقوله: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ، يقول تعالى ذكره: ولا يزال النَّاس مختلفين ( إلا من رحم ربك ) .

ثم اختلف أهل التأويل في « الاختلاف » الذي وصف الله الناس أنهم لا يزالون به.

فقال بعضهم: هو الاختلاف في الأديان فتأويل ذلك على مذهب هؤلاء : ولا يزال الناس مختلفين على أديان شتى ، من بين يهوديّ ونصرانيّ، ومجوسي، ونحو ذلك.

وقال قائلو هذه المقالة: استثنى الله من ذلك من رحمهم، وهم أهل الإيمان.

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير عن طلحة بن عمرو، عن عطاء: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ، قال: اليهود والنصارى والمجوس، والحنيفيَّة همُ الذين رحم ربُّك

حدثني المثني قال ، حدثنا قبيصة قال ، حدثنا سفيان، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ، قال: اليهود والنصارى والمجوس ، ( إلا من رحم ربك ) ، قال: هم الحنيفية.

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية قال، أخبرنا منصور بن عبد الرحمن قال: قلت للحسن قوله: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) ، قال: الناس مختلفون على أديان شتى، إلا من رحم ربك، فمن رحم غير مختلفين.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن حسن بن صالح، عن ليث، عن مجاهد: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ، قال: أهل الباطل ( إلا من رحم ربك ) ، قال: أهل الحقّ.

حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ، قال: أهل الباطل ( إلا من رحم ربك ) ، قال: أهل الحق.

حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.

. . . . قال، حدثنا معلي بن أسد قال ، حدثنا عبد العزيز، عن منصور بن عبد الرحمن قال: سئل الحسن عن هذه الآية : ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) ، قال: الناس كلهم مختلفون على أديان شتى، إلا من رحم ربك، فمن رحم غير مختلف. فقلت له: ( ولذلك خلقهم ) ؟ فقال: خلق هؤلاء لجنته ، وهؤلاء لناره، وخلق هؤلاء لرحمته ، وخلق هؤلاء لعذابه.

. . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال ، حدثنا أبو جعفر، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ، قال: أهل الباطل ( إلا من رحم ربك ) ، قال: أهل الحق.

. . . . قال، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك، عن خصيف، عن مجاهد، قوله: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ، قال: أهل الحقّ وأهل الباطل. ( إلا من رحم ربك ) ، قال: أهل الحق.

. . . . قال، حدثنا شريك، عن ليث، عن مجاهد، مثله.

. . . . قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك: ( إلا من رحم ربك ) ، قال: أهل الحقّ ، ليس فيهم اختلاف.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عكرمة: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ، قال: اليهود والنصارى ( إلا من رحم ربك ) ، قال: أهل القبلة.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، أخبرني الحكم بن أبان عن عكرمة، عن ابن عباس: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) قال: أهل الباطل ( إلا من رحم ربك ) ، قال: أهل الحق.

حدثنا هناد قال ، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، في قوله: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) ، قال: لا يزالون مختلفين في الهوى.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) ، فأهل رحمة الله أهل جماعة ، وإن تفرقت دورهم وأبدانهم، وأهل معصيته أهل فرقة ، وإن اجتمعت دورهم وأبدانهم.

حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان، عن الأعمش: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) ، قال: من جعله على الإسلام.

. . . . قال، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا الحسن بن واصل، عن الحسن: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ، قال: أهل الباطل ، ( إلا من رحم ربك ) .

. . . . قال، حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة عن مجاهد في قوله: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ، قال: أهل الباطل ( إلا من رحم ربك ) ، قال: أهل الحق.

حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، مثله.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا يزالون مختلفين في الرزق، فهذا فقير وهذا غنى.

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى قال ، حدثنا معتمر، عن أبيه، أن الحسن قال: مختلفين في الرزق، سخر بعضهم لبعض.

وقال بعضهم: مختلفين في المغفرة والرحمة، أو كما قال.

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في تأويل ذلك، بالصواب قولُ من قال: معنى ذلك: « ولا يزال الناس مختلفين في أديانهم وأهوائهم على أديان وملل وأهواء شتى، إلا من رحم ربك، فآمن بالله وصدق رسله، فإنهم لا يختلفون في توحيد الله ، وتصديق رسله ، وما جاءهم من عند الله » .

وإنما قلت ذلك أولى بالصواب في تأويل ذلك، لأن الله جل ثناؤه أتبع ذلك قوله: ( وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجِنة والناس أجمعين ) ، ففي ذلك دليلٌ واضح أن الذي قبله من ذكر خبره عن اختلاف الناس، إنما هو خبرٌ عن اختلاف مذموم يوجب لهم النار، ولو كان خبرًا عن اختلافهم في الرزق ، لم يعقّب ذلك بالخبر عن عقابهم وعَذابهم.

وأما قوله: ( ولذلك خلقهم ) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله:

فقال بعضهم: معناه: وللاختلاف خلقهم.

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن: ( ولذلك خلقهم ) ، قال: للاختلاف.

حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية قال ، حدثنا منصور بن عبد الرحمن، قال: قلت للحسن: ( ولذلك خلقهم ) ؟ فقال: خلق هؤلاء لجنته وخلق هؤلاء لناره، وخلق هؤلاء لرحمته ، وخلق هؤلاء لعذابه.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن عليه، عن منصور، عن الحسن، مثله.

حدثني المثني قال ، حدثنا المعلى بن أسد قال ، حدثنا عبد العزيز، عن منصور بن عبد الرحمن، عن الحسن. بنحوه.

. . . . قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا حماد، عن خالد الحذاء، أن الحسن قال في هذه الآية: ( ولذلك خلقهم ) ، قال: خلق هؤلاء لهذه، وخلق هؤلاء لهذه.

حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا هوذة بن خليفة قال ، حدثنا عوف، عن الحسن قال: ( ولذلك خلقهم ) ، قال: أما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون اختلافًا يضرُّهم.

حدثني المثني قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: ( ولذلك خلقهم ) ، قال: خلقهم فريقين: فريقًا يرحم فلا يختلف، وفريقًا لا يرحم يختلف، وذلك قوله: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ، [ سورة هود: 105 ] .

حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء في قوله: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ، قال: يهود ونصارى ومجوس ( إلا من رحم ربك ) ، قال: من جعله على الإسلام ( ولذلك خلقهم ) ، قال: مؤمن وكافر.

حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان ، قال، حدثنا الأعمش : « ولذلك خلقهم » ، قال: مؤمن وكافر.

حدثني يونس قال، أخبرنا أشهب قال: سئل مالك عن قول الله: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ، قال: خلقهم ليكونوا فريقين: فريقٌ في الجنة، وفريقٌ في السعير.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وللرحمة خلقهم.

ذكر من قال ذلك :

حدثني أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن حسن بن صالح، عن ليث، عن مجاهد: ( ولذلك خلقهم ) ، قال: للرحمة.

حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد: ( ولذلك خلقهم ) ، قال للرحمة.

حدثني المثني قال ، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك، عن خصيف، عن مجاهد، مثله.

حدثني المثني قال ، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن شريك، عن ليث، عن مجاهد، مثله.

. . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو حفص، عن ليث، عن مجاهد، مثله، إلا أنه قال: للرحمة خلقهم.

حدثني محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ( ولذلك خلقهم ) ، قال: للرحمة خلقهم.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو معاوية، عمن ذكره عن ثابت، عن الضحاك: ( ولذلك خلقهم ) ، قال: للرحمة.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، أخبرني الحكم بن أبان، عن عكرمة: ( ولذلك خلقهم ) ، قال: أهل الحقّ ومن اتبعه لرحمته.

حدثني سعد بن عبد الله قال ، حدثنا حفص بن عمر قال ، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: ( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ ) ، قال: للرحمة خلقهم ولم يخلقهم للعذاب.

قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب، قولُ من قال: وللاختلاف بالشقاء والسعادة خلقهم ، لأن الله جل ذكره ذكر صنفين من خلقه: أحدهما أهل اختلاف وباطل، والآخر أهل حق ، ثم عقَّب ذلك بقوله: ( ولذلك خلقهم ) ، فعمّ بقوله: ( ولذلك خلقهم ) ، صفة الصنفين، فأخبر عن كل فريق منهما أنه ميَسَّر لما خلق له.

فإن قال قائل: فإن كان تأويل ذلك كما ذكرت، فقد ينبغي أن يكون المختلفون غير ملومين على اختلافهم، إذ كان لذلك خلقهم ربُّهم، وأن يكون المتمتِّعون هم الملومين؟

قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبت، وإنما معنى الكلام: ولا يزال الناس مختلفين بالباطل من أديانهم ومللهم ، ( إلا من رحم ربك ) ، فهداه للحقّ ولعلمه، وعلى علمه النافذ فيهم قبل أن يخلقهم أنه يكون فيهم المؤمن والكافر، والشقي والسعيد خلقهم فمعنى اللام في قوله: ( ولذلك خلقهم ) بمعنى « على » كقولك للرجل: أكرمتك على برك بي، وأكرمتك لبرك بي.

وأما قوله: ( وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) ، لعلمه السابق فيهم أنهم يستوجبون صليها بكفرهم بالله، وخلافهم أمره.

وقوله: ( وتمت كلمة ربك ) ، قسم كقول القائل: حلفي لأزورنك، وبدًا لي لآتينك ، ولذلك تُلُقِّيَت بلام اليمين.

وقوله: ( من الجنة ) ، وهي ما اجتَنَّ عن أبصار بني آدم ( والناس ) ، يعني: وبنى آدم.

وقيل: إنهم سموا « الجنة » ، لأنهم كانوا على الجنان.

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبد الله، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك: وإنما سموا « الجنة » أنهم كانوا على الجنان، والملائكة كلهم « جنة »

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبد الله، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك قال: « الجنة » : الملائكة.

وأما معنى قول أبى مالك هذا: أن إبليس كان من الملائكة، والجن ذريته، وأن الملائكة تسمى عنده الجن، لما قد بينت فيما مضى من كتابنا هذا.

 

القول في تأويل قوله تعالى : وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ( 120 )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: ( وكلا نقصّ عليك ) ، يا محمد ( من أنباء الرسل ) ، الذين كانوا قبلك ( ما نثبت به فؤادك ) ، فلا تجزع من تكذيب من كذبك من قومك ، وردَّ عليك ما جئتهم به، ولا يضق صدرك ، فتترك بعض ما أنـزلتُ إليك من أجل أن قالوا: لَوْلا أُنْـزِلَ عَلَيْهِ كَنْـزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ؟ إذا علمت ما لقي من قبلك من رسلي من أممها، كما:-

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: ( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ) ، قال: لتعلم ما لقيت الرسل قبلك من أممهم.

وأختلف أهل العربية في وجه نصب « كلا » .

فقال بعض نحويي البصرة: نصب على معنى: ونقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ، كلا ، كأنَّ الكلّ منصوب عنده على المصدر من « نقص » بتأويل: ونقص عليك ذلك كلَّ القصص .

وقد أنكر ذلك من قوله بعض أهل العربية وقال: ذلك غير جائز ، وقال إنما نصبت « كلا » ب « نقصّ » ، لأن « كلا » بنيت على الإضافة ، كان معها إضافةٌ أو لم يكن وقال: أراد: كلَّه نقص عليك، وجعل « ما نثبت » ردًّا على « كلا » ، وقد بينت الصواب من القول في ذلك.

وأما قوله: ( وجاءك في هذه الحق ) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله:

فقال بعضهم: معناه: وجاءك في هذه السورة الحق.

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا شعبة، عن خليد بن جعفر، عن أبي إياس، عن أبي موسى: ( وجاءك في هذه الحق ) ، قال: في هذه السورة.

حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي عن شعبة، عن خليد بن جعفر، عن أبي إياس معاوية بن قرة، عن أبي موسى، مثله.

حدثنا ابن بشار قال، حدثني سعيد بن عامر قال ، حدثنا عوف، عن أبي رجاء، عن ابن عباس، في قوله: ( وجاءك في هذه الحق ) ، قال: في هذه السورة.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا يحيى بن آدم، عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن عمرو العنبري، عن ابن عباس: ( وجاءك في هذه الحق ) ، قال: في هذه السورة.

حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن رجل من بني العنبر قال: خطبنا ابن عباس فقال: ( وجاءك في هذه الحق ) ، قال: في هذه السورة.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير قال: سمعت ابن عباس قرأ هذه السورة على الناس حتى بلغ: ( وجاءك في هذه الحق ) ، قال في هذه السورة.

حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن عوف، عن مروان الأصغر، عن ابن عباس أنه قرأ على المنبر: ( وجاءك في هذه الحق ) فقال: في هذه السورة

حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي عن أبيه، عن ليث، عن مجاهد: ( وجاءك في هذه الحق ) قال: في هذه السورة.

حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:، في هذه السورة.

حدثني المثني قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي عن شريك، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، مثله.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبد الله، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قال: هذه السورة.

حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن سعيد، قال: أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، مثله.

حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا أبو رجاء، عن الحسن في قوله: ( وجاءك في هذه الحق ) ، قال: في هذه السورة.

حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن أبي رجاء، عن الحسن، بمثله.

حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي عن شعبة، عن أبي رجاء عن الحسن. مثله.

حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا عبد الرحمن، عن أبان بن تغلب، عن مجاهد، مثله.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ( وجاءك في هذه الحق ) قال: في هذه السورة.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة [ مثله ] .

حدثني المثنى قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا شعبة، عن أبي رجاء قال: سمعت الحسن البصري يقول في قول الله: ( وجاءك في هذه الحق ) ، قال: يعني في هذه السورة.

وقال آخرون: معنى ذلك: وجاءك في هذه الدنيا الحق.

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة، عن قتادة: ( وجاءك في هذه الحق ) ، قال: في هذه الدنيا.

حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي عن شعبة، عن قتادة: ( وجاءك في هذه الحق ) ، قال: كان الحسن يقول: في الدنيا .

قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب في تأويل ذلك، قول من قال: وجاءك في هذه السورة الحق ، لإجماع الحجة من أهل التأويل، على أن ذلك تأويله.

فإن قال قائل: أو لم يجيء النبي صلى الله عليه وسلم الحق من سور القرآن إلا في هذه السورة ، فيقال : وجاءك في هذه السورة الحق؟

قيل له: بلى ، قد جاءه فيها كلِّها.

فإن قال: فما وجه خصُوصه إذًا في هذه السورة بقوله: ( وجاءك في هذه الحق ) ؟ قيل: إن معنى الكلام: وجاءك في هذه السورة الحق مع ما جاءك في سائر سور القرآن أو إلى ما جاءك من الحق في سائر سور القرآن لا أن معناه: وجاءك في هذه السورة الحق دون سائر سور القرآن.

وقوله: ( وموعظة ) يقول: وجاءك موعظةٌ تعظ الجاهلين بالله ، وتبين لهم عبره ممن كفر به وكذب رسله ( وذكرى للمؤمنين ) يقول: وتذكرة تذكر المؤمنين بالله ورسله ، كي لا يغفلوا عن الواجب لله عليهم.

 

القول في تأويل قوله تعالى : وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ ( 121 ) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ( 122 )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وقل ، يا محمد ، للذين لا يصدّقونك ولا يقرُّون بوحدانية الله ( اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ ) ، يقول: على هِينَتكم وتمكنكم ما أنتم عاملوه فإنا عاملون ما نحن عاملوه من الأعمال التي أمرنا الله بها وانتظروا ما وعدكم الشيطان، فإنا منتظرون ما وعدنا الله من حربكم ونصرتنا عليكم، كما:-

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا حجاج، عن ابن جريج في قوله: ( وانتظروا إنا منتظرون ) ، قال: يقول: انتظروا مواعيد الشيطان إياكم على ما يزيّن لكم ( إنا منتظرون ) .

 

القول في تأويل قوله تعالى : وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ( 123 )

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولله ، يا محمد ، ملك كل ما غاب عنك في السموات والأرض فلم تطلع ولم تعلمه ، ولم تعلمه ، كل ذلك بيده وبعلمه، لا يخفى عليه منه شيء، وهو عالم بما يعمله مشركو قومك ، وما إليه مصير أمرهم ، من إقامة على الشرك ، أو إقلاعٍ عنه وتوبة ( وإليه يرجع الأمر كله ) ، يقول: وإلى الله مَعَادُ كل عامل وعمله، وهو مجازٍ جميعَهم بأعمالهم، كما:-

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: ( وإليه يرجع الأمر كله ) ، قال: فيقضي بينهم بحكمه بالعدل.

( فاعبده ) ، يقول: فاعبد ربك يا محمد ( وتوكل عليه ) ، يقول: وفوِّض أمرك إليه ، وثق به وبكفايته، فإنه كافي من توكل عليه.

وقوله: ( وما ربك بغافل عما تعملون ) ، يقول تعالى ذكره: وما ربك ، يا محمد ، بساه عما يعمل هؤلاء المشركون من قومك ، بل هو محيط به ، لا يعزب عنه شيء منه، وهو لهم بالمرصاد، فلا يحزنك إعراضهم عنك ، ولا تكذيبهم بما جئتهم به من الحقّ، وامض لأمر ربّك، فإنك بأعيننا.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا زيد بن الحباب، عن جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن رباح، عن كعب ، قال: خاتمة « التوراة » ، خاتمة « هود »

( آخر تفسير سورة هود ، والحمد لله وحده )

 

 

تفسير سورة يوسف

( تفسير السورة التي يذكر فيها يوسف صلى الله عليه وسلم )

( بسم الله الرحمن الرحيم )

( ربِّ يسّر )

 

القول في تأويل قوله تعالى : الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ( 1 )

قال أبو جعفر محمد بن جرير: قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في تأويل قوله: ( الر تلك آيات الكتاب ) ، والقول الذي نختاره في تأويل ذلك فيما مضى، بما أغنى عن إعادته ههنا.

وأما قوله: ( تلك آيات الكتاب المبين ) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.

فقال بعضهم: معناه: ( تلك آيات الكتاب المبين ) : بَيَّن حلاله وحرامه ، ورشده وهُداه .

ذكر من قال ذلك:

18768 حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، قال: حدثنا الوليد بن سلمة الفلسطيني ، قال: أخبرني عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه ، في قول الله تعالى: ( الر تلك آيات الكتاب المبين ) ، قال: بيَّن حلاله وحرامه.

18769 حدثنا بشر ، قال، حدثنا يزيد ، قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله: ( الر تلك آيات الكتاب المبين ) ، إي والله، لمبينٌ، بيَّن الله هداه ورشده.

18770 حدثنا الحسن بن يحيى ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله: ( الر تلك آيات الكتاب المبين ) ، قال: بين الله رشده وهداه.

وقال آخرون في ذلك ما:

18771 حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، قال: حدثنا الوليد بن سلمة ، قال: حدثنا ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ أنه قال في قول الله عز وجل: ( الكتاب المبين ) قال بيَّن الحروف التي سقطت عن ألسن الأعاجم وهي ستة أحرف.

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: معناه: هذه آيات الكتاب المبين ، لمن تلاه وتدبَّر ما فيه من حلاله وحرامه ونهيه وسائر ما حواه من صنوف معانيه ; لأن الله جل ثناؤه أخبر أنه « مبين » ، ولم يخصَّ إبانته عن بعض ما فيه دون جميعه ، فذلك على جميعه ، إذ كان جميعه مبينًا عمَّا فيه .

 

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ( 2 )

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إنا أنـزلنا هذا الكتاب المبين، قرآنًا عربيًّا على العرب ، لأن لسانهم وكلامهم عربي ، فأنـزلنا هذا الكتاب بلسانهم ليعقلوه ويفقهوا منه ، وذلك قوله: ( لعلكم تعقلون ) .

 

القول في تأويل قوله تعالى : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ( 3 )

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: « نحن نقص عليك » يا محمد، « أحسن القصص » بوحينا إليك هذا القرآن ، فنخبرك فيه عن الأخبار الماضية، وأنباء الأمم السالفة والكتب التي أنـزلناها في العصور الخالية ( وإن كنت من قبله لمن الغافلين ) ، يقول تعالى ذكره: وإن كنت يا محمد من قبل أن نوحيه إليك لمن الغافلين عن ذلك ، لا تعلمه ولا شيئا منه، كما:

18772 حدثنا بشر ، قال: حدثنا يزيد ، قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( نحن نقص عليك أحسن القصص ) من الكتب الماضية وأمور الله السالفة في الأمم ( وإن كنت من قبله لمن الغافلين ) .

وذكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لمسألة أصحابه إياه أن يقصَّ عليهم .

*ذكر الرواية بذلك:

18773 حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، قال: حدثنا حكام الرازي ، عن أيوب ، عن عمرو الملائي ، عن ابن عباس ، قال: قالوا: يا رسول الله ، لو قصصت علينا؟ قال: فنـزلت: ( نحن نقص عليك أحسن القصص ) .

18774 حدثنا ابن حميد ، قال: حدثنا حكام ، عن أيوب بن سيار أبي عبد الرحمن ، عن عمرو بن قيس ، قال: قالوا: يا نبي الله ، فذكر مثله .

18775 حدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا أبي ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله ، قال: ملَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملّةً ، فقالوا: يا رسول الله حدثنا ! فأنـزل الله عز وجل: اللَّهُ نَـزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ [ سورة الزمر:23 ] . ثم ملوا ملَّةً أخرى فقالوا: يا رسول الله حدثنا فوق الحديث ودون القرآن ! يعنون القصَص، فأنـزل الله: الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ، فأرادوا الحديث فدَّلهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصصَ فدلهم على أحسن القصص .

18776 حدثنا محمد بن سعيد العطار ، قال: حدثنا عمرو بن محمد ، قال: أخبرنا خلاد الصفار ، عن عمرو بن قيس ، [ عن عمرو بن مرة ] ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد ، قال: أنـزل على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ، قال: فتلاه عليهم زمانًا ، فقالوا: يا رسول الله ، لو قصصت علينا ! فأنـزل الله: الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ، إلى قوله: لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ، الآية . قال: ثم تلاه عليهم زمانًا ، فقالوا: يا رسول الله لو حدثتنا ! فأنـزل الله تعالى اللَّهُ نَـزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا [ سورة الزمر:23 ] ، قال خلاد: وزاد فيه رجل آخر ، قالوا: يا رسول الله أو قال أبو يحيى: ذهبت من كتابي كلمة فأنـزل الله: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ [ سورة الحديد:16 ] .

 

القول في تأويل قوله تعالى : إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ( 4 )

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإن كنت يا محمد، لمن الغافلين عن نبأ يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم إذ قال لأبيه يعقوب بن إسحاق: ( يا أبت إني رأيت أحدَ عشر كوكبًا ) ; يقول: إني رأيت في منامي أحد عشر كوكبًا .

وقيل: إن رؤيا الأنبياء كانت وحيًا .

18778 حدثنا ابن بشار ، قال: حدثنا أبو أحمد ، قال: حدثنا سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله: ( إني رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ) ، قال: كانت رؤيا الأنبياء وحيًا.

18779 وحدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس: ( إني رأيت أحد عشر كوكبًا ) ، قال: كانت الرؤيا فيهم وحيًا.

وذكر أن الأحد العشر الكوكب التي رآها في منامه ساجدةً مع الشمس والقمر ، ما:

حدثني علي بن سعيد الكندي ، قال: حدثنا الحكم بن ظهير ، عن السدي ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر ، قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ من يهود يقال له « بستانة اليهودي » ، فقال له: يا محمد، أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف ساجدةً له ، ما أسماؤها؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يجبه بشيء ، ونـزل عليه جبرئيل وأخبره بأسمائها .

قال: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، فقال: هل أنت مؤمن إن أخبرتك بأسمائها؟ قال: نعم! فقال: جربان والطارق ، والذيال ، وذو الكنفات ، وقابس ، ووثاب وعمودان ، والفليق ، والمصبح ، والضَّروح ، وذو الفرغ ، والضياء ، والنور « . فقال اليهودي: والله إنها لأسماؤها! »

وقوله: ( وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ) يقول: والشمس والقمر رأيتهم في منامي سجودا .

وقال « ساجدين » والكواكب والشمس والقمر إنما يخبر عنها ب « فاعلة » و « فاعلات » لا بالواو والنون ، [ لأن الواو والنون ] إنما هي علامة جمع أسماء ذكور بني آدم، أو الجن، أو الملائكة . وإنما قيل ذلك كذلك ، لأن « السجود » من أفعال من يُجمع أسماء ذكورهم بالياء والنون ، أو الواو والنون ، فأخرج جمع أسمائها مخرج جمع أسماء من يفعل ذلك ، كما قيل: يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ ، [ سورة النمل : 18 ] .

وقال: « رأيتهم » وقد قيل « : إني رأيت أحد عشر كوكبًا » ، فكرر الفعل ، وذلك على لغة من قال: « كلمت أخاك كلمته » ، توكيدًا للفعل بالتكرير .

وقد قيل: إن الكواكب الأحد عشر كانت إخوته ، والشمس والقمر أبويه .

ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر ، قال، حدثنا يزيد ، قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : « إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبًا ) إخوته، أحد عشر كوكبًا » وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ « ، يعني بذلك: أبويه »

حدثني الحارث ، قال: حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا شريك ، عن السدي ، في قوله : « إني رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر » ... الآية ، قال: رأى أبويه وإخوته سجودا له فإذا قيل له: عمن؟ قال إن كان حقًّا ، فإن ابن عباس فسرَّه.

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله « أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين » قال: الكواكب: إخوته ، والشمس والقمر: أبواه.

حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين ، قال: حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله: « إني رأيت أحد عشر كوكبًا » إخوته « والشمس » ، أمه « والقمر » أبوه.

حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد ، قال، قال سفيان: كان أبويه وإخوته

حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال: سمعت أبا معاذ ، قال: حدثنا عبيد بن سليمان ، قال: سمعت الضحاك ، قوله: « إني رأيت أحد عشر كوكبًا » هم إخوة يوسف « والشمس والقمر » ، هما أبواه.

حدثني يونس ، قال، أخبرنا ابن وهب ، قال، قال ابن زيد ، في قوله : « يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبًا » الآية ، قال: أبواه وإخوته . قال: فنعاه إخوته، وكانوا أنبياء ، فقالوا: ما رضي أن يسجد له إخوته حتى سجد له أبواه! حين بلغهم.

وروي عن ابن عباس أنه قال « : الكواكب » إخوته ، « والشمس والقمر » ، أبوه وخالته من وجه غير محمودٍ ، فكرهت ذكره.