القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ ( 44 )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قال الملأ الذين سألهم ملك مصر عن تعبير رؤياه: رؤياك هذه « أضغاث أحلام » ، يعنون أنها أخلاطٌ، رؤيا كاذبةٌ لا حقيقة لها .

وهي جمع « ضغث » ، و « الضغث » أصله الحزمة من الحشيش ، يشبه بها الأحلام المختلطة التي لا تأويل لها و « الأحلام » ، جمع حلم ، وهو ما لم يصدق من الرؤيا ، ومن « الأضْغَاث » قول ابن مقبل:

خَـوْدٌ كَـأَنَّ فِرَاشَـهَا وُضِعَـتْ بِـهِ أضْغَــاثُ رَيْحَــانٍ غَـدَاةَ شَـمَالٍ

ومنه قول الآخر:

يَحْــمِي ذِمَـارَ جَـنِينٍ قَـلَّ مَانِعُـهُ طَـاوٍ كَـضِغْثِ الخَلا فِي البَطْنِ مُكْتَمِن

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك:

حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله: ( أضغاث أحلام ) يقول: مشتبهة.

حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: ( أضغاث أحلام ) ، كاذبة.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال ،لما قصّ الملك رؤياه التي رأى على أصحابه ، قالوا: ( أضغاث أحلام ) ، أي فعل الأحلام.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: ( أضغاث أحلام ) ، قال: أخلاط أحلام ( وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ) .

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أبي مرزوق ، عن جويبر ، عن الضحاك قال ، « أضغاث أحلام » ، كاذبة.

... قال، حدثني المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك: « قالوا أضغاث » قال : كذب.

حدثت عن الحسين بن الفرج قال ،سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: ( أضغاث أحلام ) ، هي الأحلام الكاذبة.

وقوله: ( وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ) ، يقول: وما نحن بما تئول إليه الأحلام الكاذبة بعالمين .

والباء الأولى التي في « التأويل » من صلة « العالمين » ، والتي في « العالمين » « الباء » التي تدخل في الخبر مع « ما » التي بمعنى الجحد ورفع « أضغاث أحلام » ، لأن معنى الكلام: ليس هذه الرؤيا بشيء، إنما هي أضغاث أحلام .

 

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ( 45 ) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ( 46 )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وقال الذي نجا من القتل من صاحبي السجن اللذين استعبرا يوسف الرؤيا ( وادّكر ) ، يقول: وتذكر ما كان نسي من أمر يوسف ، وذِكْرَ حاجته للملك التي كان سأله عند تعبيره رؤياه أن يذكرها له بقوله: اذكرني عند ربك ( بعد أمة ) ، يعني بعد حين، كالذي:-

حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس: ( وادّكر بعد أمة ) ، قال: بعد حين .

حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا الحسن بن يحيى قال ،أخبرنا عبد الرزاق قال ،أخبرنا الثوري ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا أبو بكر بن عياش: ( وادّكر بعد أمة ) ، بعد حين.

حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عمرو بن محمد قال ،أخبرنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين قال: ( وادّكر بعد أمة ) ، قال: بعد حين.

حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس مثله .

....قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله: ( وادّكر بعد أمة ) ، يقول: بعد حين.

حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس: ( وادّكر بعد أمة ) ، قال: ذكر بعد حين.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن: ( وادكر بعد أمة ) بعد حين.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، مثله .

حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، مثله .

حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( وادّكر بعد أمة ) ، بعد حين.

حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال ،قال ابن كثير: ( بعد أمة ) : بعد حين قال ابن جريج : وقال ابن عباس: ( بعد أمة ) ، بعد سنين.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي: ( وادّكر بعد أمة ) ، قال: بعد حين.

حدثني المثنى قال ، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عكرمة: ( وادّكر بعد أمة ) ، أي: بعد حقبة من الدهر.

قال أبو جعفر : وهذا التأويل على قراءة من قرأ: ( بَعْدَ أُمَّةٍ ) بضم الألف وتشديد الميم ، وهي قراءة القرأة في أمصار الإسلام .

وقد روي عن جماعة من المتقدمين أنهم قرءوا ذلك: « بَعْدَ أَمَةٍ » بفتح الألف، وتخفيف الميم وفتحها بمعنى: بعد نسيان .

وذكر بعضهم أن العرب تقول من ذلك: « أمِهَ الرجل يأمَهُ أمَهًا » ، إذا نسي .

وكذلك تأوّله من قرأ ذلك كذلك .

ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ: « بَعْدَ أمَهٍ » ويفسّرها، بعد نسيان.

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا بهز بن أسد، عن همام ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قرأ: « بَعْدَ أَمَهٍ » يقول: بعد نسيان.

حدثني أبو غسان مالك بن الخليل اليحمدي قال ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن أبي هارون الغنوي ، عن عكرمة أنه قرأ: « بَعْدَ أَمَهٍ » ، و « الأمه » : النسيان.

حدثني يعقوب، وابن وكيع ، قالا حدثنا ابن علية، قال، حدثنا أبو هارون الغنوي، عن عكرمة، مثله .

حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عبد الوهاب قال، قال هارون، وحدثني أبو هارون الغنوي، عن عكرمة: « بَعْدَ أَمَهٍ » ، بعد نسيان.

... قال، حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة: « وَادَّكَرَ بَعْدَ أًمَّهٍ » : بعد نسيان.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن ابن عباس: أي بعد نسيان.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: « وادَّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ » قال: من بعد نسيانه.

حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو النعمان عارم قال ، حدثنا حماد بن زيد ، عن عبد الكريم أبي أمية المعلم ، عن مجاهد: أنه قرأ: « وادَّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ » .

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أبي مرزوق ، عن جويبر ، عن الضحاك: ( وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمَةٍ ) قال: بعد نسيان.

حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: « وادَّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ » يقول: بعد نسيان.

وقد ذكر فيها قراءة ثالثة ، وهي ما:-

حدثني به المثنى قال ،أخبرنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن حميد قال ،قرأ مجاهد: « وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمْهٍ » ، مجزومة الميم مخففة.

وكأنّ قارئ ذلك كذلك أراد به المصدرَ من قولهم: « أمه يأمَهُ أمْهًا » ، وتأويل هذه القراءة ، نظير تأويل من فتح الألف والميم .

وقوله: ( أنا أنبئكم بتأويله ) يقول: أنا أخبركم بتأويله ( فأرسلون ) يقول: فأطلقوني، أمضي لآتيكم بتأويله من عند العالم به .

وفي الكلام محذوف قد ترك ذكره استغناء بما ظهر عما ترك، وذلك: « فأرسلوه، فأتى يوسف ، فقال له » : يا يوسف، يا أيها الصديق، كما:-

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال: قال الملك للملأ حوله: إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ ، الآية ، وقالوا له ما قال ، وسمع نبو من ذلك ما سمع ومسألته عن تأويلها، ذكر يوسف وما كان عبَرَ له ولصاحبه، وما جاء من ذلك على ما قال من قوله، قال: ( أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون ) يقول الله : ( وادّكر بعد أمة ) ، أي حقبة من الدهر ، فأتاه فقال: يا يوسف، إن الملك قد رأى كذا وكذا ، فقصّ عليه الرؤيا ، فقال فيها يوسف ما ذكر الله لنا في الكتاب، فجاءهم مثلَ فلق الصبح تأويلُها ، فخرج نبوا من عند يوسف بما أفتاهم به من تأويل رؤيا الملك ، وأخبره بما قال.

وقيل: إن الذي نجا منهما إنما قال: « أرسلوني » ، لأن السجن لم يكن في المدينة .

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي: ( وقال الذي نجا منهما وادّكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون ) قال ابن عباس: لم يكن السجن في المدينة ، فانطلق الساقي إلى يوسف ، فقال: ( أفتنا في سبع بقرات سمان ) الآيات.

قوله: ( أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات ) ، فإن معناه: أفتنا في سبع بقرات سمان رُئين في المنام، يأكلهن سبعٌ منها عجاف وفي سبع سنبلات خضر رئين أيضًا ، وسبع أخر منهن يابسات . فأما « السمان من البقر » ، فإنها السنون المخصبة، كما:-

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: ( أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف ) ، قال: أما السمان فسنون منها مخصبة ، وأما السبع العجاف، فسنون مجدبة لا تنبت شيئًا.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( أفتنا في سبع بقرات سمان ) ، فالسمان المخاصيب ، والبقرات العجاف: هي السنون المحُول الجُدُوب.

قوله: ( وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات ) ، أما ( الخضر ) فهن السنون المخاصيب وأما ( اليابسات ) فهن الجدوب المحول.

و « العِجاف » جمع « عَجِف » وهي المهازيل.

وقوله: ( لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون ) ، يقول: كي أرجع إلى الناس فأخبرهم ( لعلهم يعلمون ) يقول: ليعلموا تأويل ما سألتك عنه من الرؤيا .

 

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ ( 47 )

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال يوسف لسائله عن رؤيا الملك: ( تزرعون سبع سنين دأبًا ) يقول: تزرعون هذه السبع السنين ، كما كنتم تزرعون سائر السنين قبلها على عادتكم فيما مضى .

و « الدأب » ، العادة، ومن ذلك قول امرئ القيس:

كَــدَأْبِكَ مِــنْ أُمِّ الحُـوَيْرِثِ قَبْلَهَـا وَجَارَتِهـــا أُمِّ الرَّبَــابِ بِمأْسَــلِ

يعني كعادتك منها .

وقوله: ( فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ) ، وهذا مشورة أشار بها نبي الله صلى الله عليه وسلم على القوم ، ورأيٌ رآه لهم صلاحًا، يأمرهم باستبقاء طعامهم، كما:-

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال: قال لهم نبيّ الله يوسف : ( تزرعون سبع سنين دأبًا ) الآية ، فإنما أراد نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم البقاء.

 

القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ ( 48 )

قال أبو جعفر : يقول: ثم يجيء من بعد السنين السبع التي تزرعون فيها دأبًا ، سنون سبع شداد، يقول: جدوب قحطة ( يأكلن ما قدمتم لهن ) ، يقول: يؤكل فيهنّ ما قدمتم في إعداد ما أعددتم لهن في السنين السبعة الخصبة من الطعام والأقوات .

وقال جل ثناؤه: ( يأكلن ) ، فوصف السنين بأنهن ( يأكلهن ) ، وإنما المعنى: أن أهل تلك الناحية يأكلون فيهن ، كما قيل:

نَهَـارُكَ يَـا مَغْـرُورُ سَـهْوٌ وَغَفْلَـةٌ وَلَيْلُــكَ نَــوْمٌ والـرَّدَى لَـكَ لازِمُ

فوصف النهار بالسهو والغفلة، والليل بالنوم ، وإنما يسهى في هذا ويغفل فيه، وينام في هذا ، لمعرفة المخاطبين بمعناه والمراد منه.

( إلا قليلا مما تحصنون ) ، يقول: إلا يسيرًا مما تحرزونه .

والإحصان: التصيير في الحصن، وإنما المراد منه الإحراز .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله: ( يأكلن ما قدمتم لهن ) ، يقول: يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت ( إلا قليلا مما تحصنون ) .

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد ) ، وهنّ الجدوب المحُول ( يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ) .

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد ) ، وهن الجدوب ، ( يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ) ، مما تدَّخرون.

حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله: ( إلا قليلا مما تحصنون ) ، يقول: تخزنون.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ،قال ابن عباس: ( تحصنون ) ، تحرزون.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط ، عن السدي: ( يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ) ، قال: مما تَرْفَعون.

قال أبو جعفر : وهذه الأقوال في قوله: ( تحصنون ) ، وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيه ، فإن معانيها متقاربة ، وأصل الكلمة وتأويلها على ما بيَّنت .

 

القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ( 49 )

قال أبو جعفر: وهذا خبرٌ من يوسف عليه السلام للقوم عما لم يكن في رؤيا ملكهم ، ولكنه من علم الغيب الذي آتاه الله دلالةً على نبوته وحجة على صدقة، كما:-

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال: ثم زاده الله علم سنة لم يسألوه عنها ، فقال: ( ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ) .

ويعني بقوله: ( فيه يغاث الناس ) ، بالمطر والغيث .

وبنحو ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: ( ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس ) ، قال: فيه يغاثون بالمطر.

حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك: ( فيه يغاث الناس ) ، قال: بالمطر.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ،قال ابن عباس: ( ثم يأتي من بعد ذلك عام ) ، قال: أخبرهم بشيء لم يسألوه عنه ، وكان الله قد علمه إياه، ( عام فيه يغاث الناس ) ، بالمطر.

حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( فيه يغاث الناس ) ، بالمطر.

وأما قوله: ( وفيه يعصرون ) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.

فقال بعضهم: معناه: وفيه يعصرون العنب والسمسم وما أشبه ذلك .

ذكر من قال ذلك:

حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس: ( وفيه يعصرون ) ، قال: الأعناب والدُّهْن.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ،قال ابن عباس: ( وفيه يعصرون ) ، السمسم دهنًا ، والعنب خمرًا ، والزيتون زيتًا.

حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: ( عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ) ، يقول: يصيبهم غيث ، فيعصرون فيه العنب ، ويعصرون فيه الزيت ، ويعصرون من كل الثمرات.

حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( وفيه يعصرون ) ، قال: يعصرون أعنابهم.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي: ( وفيه يعصرون ) ، قال: العنب.

حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك: ( وفيه يعصرون ) ، قال: الزيت.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة: « وفيه يعصرون » قال: كانوا يعصرون الأعناب والثمرات.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( وفيه يعصرون ) ، قال: يعصرون الأعناب والزيتون والثمار من الخصب. هذا علم آتاه الله يوسف لم يُسْأل عنه.

وقال آخرون: معنى قوله: ( وفيه يعصرون ) ، وفيه يَحْلِبون.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني فضالة ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: ( وفيه يعصرون ) ، قال: فيه يحلبون.

حدثني المثنى قال ،أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال ، حدثنا الفرج بن فضالة ، عن علي بن أبي طلحة قال: كان ابن عباس يقرأ: « وَفِيهِ تَعْصرُونَ » بالتاء ، يعني: تحتلبون.

واختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأه بعض قرأة أهل المدينة والبصرة والكوفة: ( وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ) ، بالياء ، بمعنى ما وصفت، من قول من قال: عصر الأعناب والأدهان .

وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين: « وَفِيهِ تَعْصِرُونَ » ، بالتاء .

وقرأ بعضهم: « وَفِيهِ يُعْصَرُونَ » ، بمعنى: يمطرون.

وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها، لخلافها ما عليه قرأة الأمصار .

قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك أن لقارئه الخيارَ في قراءته بأي القراءتين الأخريين شاء ، إن شاء بالياء، ردًّا على الخبر به عن « الناس » ، على معنى: فيه يُغاث الناس وفيه يَعْصرون أعنابهم وأدهانهم وإن شاء بالتاء، ردًّا على قوله: ( إلا قليلا مما تحصنون ) ، وخطابًا به لمن خاطبه بقوله: يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ لأنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار باتفاق المعنى ، وإن اختلفت الألفاظ بهما . وذلك أن المخاطبين بذلك كان لا شك أنهم إذا أغيثوا وعَصَروا، أغيث الناس الذين كانوا بناحيتهم وعصروا. وكذلك كانوا إذا أغيث الناس بناحيتهم وعصروا ، أغيث المخاطبون وعَصَروا ، فهما متفقتا المعنى ، وإن اختلفت الألفاظ بقراءة ذلك .

وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل، ممن يفسر القرآن برأيه على مَذهب كلام العرب، يوجه معنى قوله: ( وفيه يعصرون ) إلى: وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث ، ويزعم أنه من « العَصَر » و « العُصْرَة » التي بمعنى المنجاة ، من قول أبي زبيد الطائي:

صَادِيًــا يَسْــتَغِيثُ غَــيْرَ مُغَـاثٍ وَلَقَــدْ كَــانَ عُصْــرَةَ المَنْجُـودِ

أي المقهور. ومن قول لبيد:

فَبَـاتَ وَأَسْـرَى الْقَـوْمُ آخِـرَ لَيْلِهِـمْ وَمَــا كَـانَ وقافًـا بِغَـيْرِ مُعَصَّـرِ

وذلك تأويل يكفي من الشهادة على خطئه خلافه قول جميع أهل العلم من الصحابة والتابعين .

وأما القول الذي رَوَى الفرج بن فضالة، عن علي بن أبي طلحة ، فقولٌ لا معنى له ، لأنه خلاف المعروف من كلام العرب، وخلاف ما يعرف من قول ابن عباس.

 

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ( 50 )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: فلما رجع الرسول الذي أرسلوه إلى يوسف ، الذي قال: أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ فأخبرهم بتأويل رؤيا الملك عن يوسف علم الملك حقيقة ما أفتاه به من تأويل رؤياه وصحة ذلك ، وقال الملك: ائتوني بالذي عبَر رؤياي هذه . كالذي:-

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال: فخرج نبو من عند يوسف بما أفتاهم به من تأويل رؤيا الملك حتى أتى الملك ، فأخبره بما قال ، فلما أخبره بما في نفسه كمثل النهار، وعرف أن الذي قال كائن كما قال، قال: « ائتوني به » .

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال: لما أتى الملك رسوله قال: « ائتوني به » .

وقوله: ( فلما جاءه الرسول ) ، يقول: فلما جاءه رسول الملك يدعوه إلى الملك ( قال ارجع إلى ربك ) ، يقول: قال يوسف للرسول: ارجع إلى سيدك ( فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ) ؟ وأبى أن يخرج مع الرسول وإجابةَ الملك، حتى يعرف صحّة أمره عندهم مما كانوا قرفوه به من شأن النساء ، فقال للرسول: سل الملك ما شأن النسوة اللاتي قطعن أيديهن ، والمرأة التي سجنت بسببها ؟ كما:-

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: ( فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ) ، والمرأة التي سجنت بسبب أمرها، عما كان من ذلك.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السدي قال: لما أتى الملك رسوله فأخبره، قال: ( ائتوني به ) ، فلما أتاه الرسول ودعاه إلى الملك، أبى يوسف الخروجَ معه ( قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ) الآية . قال السدي ، قال ابن عباس: لو خرج يوسف يومئذ قبل أن يعلمَ الملك بشأنه ، ما زالت في نفس العزيز منه حاجَةٌ ! يقول: هذا الذي راود امرأته.

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن رجل ، عن أبي الزناد ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحم الله يوسف إن كان ذا أناة ! لو كنت أنا المحبوس ثم أرسل إليَّ لخرجت سريعًا ، إن كان لحليمًا ذا أناة!

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا محمد بن بشر قال ، حدثنا محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو لبثت في السجن ما لبث يوسف، ثم جاءني الداعي لأجبته ، إذ جاءه الرسول فقال: ( ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ) الآية .

حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال ،أخبرني سليمان بن بلال ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثله .

حدثنا زكريا بن أبان المصريّ قال ، حدثنا سعيد بن تليد قال ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم قال ، حدثني بكر بن مضر ، عن عمرو بن الحارث ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب قال، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي .

حدثني يونس قال ،أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وسعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثله .

حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عفان بن مسلم قال ، حدثنا حماد ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقرأ هذه الآية: ( ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم ) ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت أنا، لأسرعت الإجابة وما ابتغيت العُذر .

حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ومحمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قرأ: ( ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ) ، الآية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو بعث إليَّ لأسرعت في الإجابة، وما ابتغيت العذر.

حدثنا الحسن بن يحيى قال ،أخبرنا عبد الرزاق قال ،أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه ، والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم بشيء حتى أشترط أن يخرجُوني.

ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه، والله يغفر له حين أتاه الرسول ، ولو كنت مكانه لبادرتهم البابَ ، ولكنه أراد أن يكون له العذر.

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: ( ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة ) ، أراد نبيُّ الله عليه السلام أن لا يخرج حتى يكون له العذر.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله: ( ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ) ، قال: أراد يوسف العذر قبل أن يخرج من السجن.

وقوله: ( إن ربي بكيدهن عليم ) ، يقول: إن الله تعالى ذكره ذو علم بصنيعهن وأفعالهن التي فعلن، بي ويفعلن بغيري من الناس ، لا يخفى عليه ذلك كله ، وهو من ورَاء جزائهن على ذلك .

وقيل: إن معنى ذلك: إن سيدي إطفير العزيز، زوج المرأة التي راودتني عن نفسي، ذو علم ببراءتي مما قرفتني به من السوء.

 

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ( 51 )

قال أبو جعفر : وفي هذا الكلام متروك، قد استغني بدلالة ما ذكر عليه عنه ، وهو: « فرجع الرسول إلى الملك من عند يوسف برسالته ، فدعا الملك النسوة اللاتي قطعن أيديهن وامرأة العزيز » فقال لهن: ( ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه ) ، كالذي:-

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: فلما جاء الرسول الملك من عند يوسف بما أرسله إليه، جمع النسوة وقال: ( ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه ) ؟

ويعني بقوله: ( ما خطبكن ) ، ما كان أمركن ، وما كان شأنكن ( إذ راودتن يوسف عن نفسه ) فأجبنه فقلن: ( حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق ) ، تقول: الآن تبين الحق وانكشف فظهر ، ( أنا راودته عن نفسه ) وإن يوسف لمن الصادقين في قوله: هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي .

وبمثل ما قلنا في معنى: ( الآن حصحص الحق ) ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك:

حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس: ( الآن حصحص الحق ) ، قال: تبيّن.

حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله: ( الآن حصحص الحق ) ، تبيّن.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( الآن حصحص الحق ) ، الآن تبين الحق.

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا الحسن بن يحيى قال ،أخبرنا عبد الرزاق قال ،أخبرنا معمر ، عن قتادة: ( الآن حصحص الحق ) ، قال: تبيّن.

حدثنا الحسن بن محمد قال ،حدثنا عمرو بن محمد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي: ( الآن حصحص الحق ) قال: تبين.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي ، مثله .

حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا هشيم قال ،أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، مثله .

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال: قالت راعيل امرأة إطفير العزيز: ( الآن حصحص الحق ) ، أي: الآن برز الحق وتبيَّن ( أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ) ، فيما كان قال يوسف مما ادّعَت عليه.

حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال: قال الملك: ائتوني بهن! فقال: ( ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء ) ، ولكن امرأة العزيز أخبرتنا أنها راودته عن نفسه ، ودخل معها البيت وحلّ سراويله، ثم شدَّه بعد ذلك، ، فلا تدري ما بدا له .

فقالت امرأة العزيز: ( الآن حصحص الحق ) .

حدثني يونس قال ،أخبرنا ابن وهب قال ،قال ابن زيد ، في قوله: ( الآن حصحص الحق ) ، تبين.

وأصل حَصحص: « حصَّ » ، ولكن قيل: « حصحص » ، كما قيل: فَكُبْكِبُوا ، [ سورة الشعراء : 94 ] ، في « كبوا » ، وقيل: « كفكف » في « كف » ، و « ذرذر » في « ذرّ » . وأصل « الحص » : استئصال الشيء ، يقال منه: « حَصَّ شعره » ، إذا استأصله جزًّا . وإنما أريد في هذا الموضع بقوله: ( حصحص الحق ) ، ذهب الباطل والكذب فانقطع ، وتبين الحق فظهر .

 

القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ( 52 )

قال أبو جعفر: يعني بقوله: ( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ) ، هذا الفعل الذي فعلتُه، من ردّي رسول الملك إليه ، وتركي إجابته والخروج إليه ، ومسألتي إيّاه أن يسأل النسوة اللاتي قطَّعن أيديهن عن شأنهن إذ قطعن أيديهن ، إنما فعلته ليعلم أني لم أخنه في زوجته « بالغيب » ، يقول: لم أركب منها فاحشةً في حال غيبته عني . وإذا لم يركب ذلك بمغيبه ، فهو في حال مشهده إياه أحرى أن يكون بعيدًا من ركوبه ، كما:-

حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال ،يقول يوسف: ( ذلك ليعلم ) ، إطفير سيده ( أني لم أخنه بالغيب ) ، أني لم أكن لأخالفه إلى أهله من حيث لا يعلمه.

حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ) ، يوسف يقوله.

حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ) يوسف يقوله: لم أخن سيِّدي.

....قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ) ، قال يوسف يقوله.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: ( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ) ، قال: هذا قول يوسف.

حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، حدثنا هشيم ، عن إسماعيل بن سالم ، عن أبي صالح ، في قوله: ( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ) ، قال هو يوسف، لم يخن العزيز في امرأته.

حدِثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ يقول ، حدثنا عبيد قال ، سمعت الضحاك يقول في قوله : « ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب » ، هو يوسف يقول: لم أخن الملك بالغيب.

وقوله: ( وأنَّ الله لا يهدي كيد الخائنين ) ، يقول: فعلت ذلك ليعلم سيدي أني لم أخنه بالغيب ( وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ) ، يقول: وأن الله لا يسدّد صنيع من خان الأمانات ، ولا يرشد فعالهم في خيانتهموها .

واتصل قوله: ( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ) ، بقول امرأة العزيز: أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ، لمعرفة السامعين لمعناه ، كاتصال قول الله: وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ، بقول المرأة: وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ، [ سورة النمل : 34 ] وذلك أن قوله: وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ، خبر مبتدأ ، وكذلك قول فرعون لأصحابه في « سورة الأعراف » ، فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ، وهو متصل بقول الملأ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ [ سورة الأعراف : 110 ] .