القول
في تأويل قوله تعالى : وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا
فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ
( 91 )
يقول
تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر التي أحصنت فرجها ، يعني مريم
بنت عمران.
ويعني
بقوله (
أَحْصَنَتْ ) : حفظت
فرجها ومنعت فرجها مما حرم الله عليها إباحته فيه.
واختلف
في الفرج الذي عنى الله جلّ ثناؤه أنها أحصنته ، فقال بعضهم: عنى بذلك فرج نفسها
أنها حفظته من الفاحشة.
وقال
آخرون: عنى بذلك جيب درعها أنها منعت جبرائيل منه قبل أن تعلم أنه رسول ربها ،
وقبل أن تثبته معرفة، قالوا: والذي يدلّ على ذلك قوله ( فَنَفَخْنَا فِيهَا ) ويعقب ذلك قوله ( وَالَّتِي أَحْصَنَتْ
فَرْجَهَا ) قالوا:
وكان معلوما بذلك أن معنى الكلام: والتي أحصنت جيبها ( فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ
رُوحِنَا ) .
قال أبو
جعفر: والذي هو أولى القولين عندنا بتأويل ذلك قول من قال: أحصنت فرجها من الفاحشة
، لأن ذلك هو الأغلب من معنييه عليه ، والأظهر في ظاهر الكلام ، ( فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ
رُوحِنَا ) يقول:
فنفخنا في جيب درعها من روحنا ، وقد ذكرنا اختلاف المختلفين في معنى قوله ( فَنَفَخْنَا فِيهَا ) في غير هذا الموضع ، والأولى
بالصواب من القول في ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله ( وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا
آيَةً لِلْعَالَمِينَ ) يقول:
وجعلنا مريم وابنها عبرة لعالمي زمانهما يعتبرون بهما ويتفكرون في أمرهما ،
فيعلمون عظيم سلطاننا وقدرتنا على ما نشاء: وقيل آية ولم يقل آيتين وقد ذكر آيتين
، لأن معنى الكلام: جعلناهما عَلَما لنا وحجة ، فكل واحدة منهما في معنى الدلالة
على الله ، وعلى عظيم قدرته يقوم مقام الآخر إذا كان أمرهما في الدلالة على الله
واحدا.
القول
في تأويل قوله تعالى : إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ
أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ( 92 )
يقول
تعالى ذكره: إن هذه ملتكم ملة واحدة ، وأنا ربكم أيها الناس فاعبدون دون الآلهة
والأوثان وسائر ما تعبدون من دوني.
وبنحو
الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر
من قال ذلك: حدثني
عليّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال: ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( أُمَّتُكُمْ أُمَّةً
وَاحِدَةً ) يقول:
دينكم دين واحد.
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال: قال مجاهد ، في
قوله ( إِنَّ
هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ) قال: دينكم دين واحد ، ونصبت الأمة الثانية على القطع ،
وبالنصب قرأه جماعة قرّاء الأمصار ، وهو الصواب عندنا ، لأن الأمة الثانية نكرة،
والأولى معرفة .
وإذ كان
ذلك كذلك ، وكان الخبر قبل مجيء النكرة مستغنيا عنها كان وجه الكلام النصب ، هذا
مع إجماع الحجة من القراء عليه ، وقد ذكر عن عبد الله بن أبي إسحاق رفع ذلك أنه
قرأه (
أُمَّة وَاحِدَةٌ ) بنية
تكرير الكلام ، كأنه أراد: إن هذه أمتكم هذه أمة واحدة.
القول
في تأويل قوله تعالى : وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ
بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ( 93 )
يقول
تعالى ذكره: وتفرّق الناس في دينهم الذي أمرهم الله به ودعاهم إليه ، فصاروا فيه
أحزابا ، فَهَودت اليهود ، وتنصَّرت النصارى وعُبدت الأوثان ، ثم أخبر جلّ ثناؤه
عما هم إليه صائرون ، وأن مرجع جميع أهل الأديان إليه ، متوعدا بذلك أهل الزيغ
منهم والضلال ، ومعلمهم أنه لهم بالمرصاد ، وأنه مجاز جميعهم جزاء المحسن بإحسانه،
والمسيء بإساءته.
وبنحو
الذي قلنا في تأويل قوله (
وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ ) قال أهل التأويل.
ذكر
من قال ذلك: حدثني
يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله ( وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ
بَيْنَهُمْ ) قال:
تقطَّعوا: اختلفوا ، في الدين.
القول
في تأويل قوله تعالى : فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ
الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ
كَاتِبُونَ ( 94 )
يقول
تعالى ذكره: فمن عمل من هؤلاء الذين تفرقوا في دينهم بما أمره الله به من العمل
الصالح ، وأطاعه في أمره ونهيه ، وهو مقرّ بوحدانية الله ؛ مصدّق بوعده ووعيده
متبرّئ من الأنداد والآلهة ( فَلا
كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ ) يقول:
فإن الله يشكر عمله الذي عمل له مطيعا له ، وهو به مؤمن ، فيثيبه في الآخرة ثوابه
الذي وعد أهل طاعته أن يثيبهموه ، ولا يكفر ذلك له فيجحده ، ويحرمه ثوابه على عمله
الصالح (
وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ) يقول :
ونحن نكتب أعماله الصالحة كلها ، فلا نترك منها شيئا لنجزيه على صغير ذلك وكبيره
وقليله وكثيره .
قال أبو
جعفر: والكفران مصدر من قول القائل: كفرت فلانا نعمته فأنا أكفُره كُفْرا
وكُفْرانا ومنه قوله الشاعر:
مِـنَ
النَّـاسِ نـاسٌ مـا تَنامُ خُدُودهُم وخَــدّي وَلا كُفْــرَانَ للــه نـائِمُ
القول
في تأويل قوله تعالى : وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ
أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ( 95 )
اختلفت
القرّاء في قراءة قوله (
وَحَرَامٌ ) فقرأته
عامة قرّاء أهل الكوفة (
وَحِرْمٌ ) بكسر
الحاء ، وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة ( وَحَرَامٌ ) بفتح الحاء والألف.
والصواب
من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متفقتا المعنى غير مختلفتيه ، وذلك أن
الحِرْم هو الحرام ، والحرام هو الحِرْم ، كما الحلّ هو الحلال والحلال هو الحل ،
فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، وكان ابن عباس يقرؤه: ( وَحِرم ) بتأويل: وعزم.
حدثني
يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا بن علية ، عن أبي المعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن
عباس ، كان يقرؤها (
وَحِرْمَ على قرية ) قال:
فقلت ، لسعيد: أيّ شيء حرم؟ قال: عزم.
حدثنا
محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي المعلى ، عن
سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، كان يقرؤها ( وحِرْمٌ عَلى قَرْيةٍ ) قلت لأبي المعلى: ما الحرم؟ قال: عزم عليها.
حدثنا
ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس:
أنه كان يقرأ هذه الآية (
وَحِرْمٌ عَلى قَرْيَة أهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) فلا يرجع منهم راجع ، ولا
يتوب منهم تائب.
حدثنا
ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الوهاب ، قال : ثنا داود عن عكرمة ، قال ( وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ
أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) قال: لم يكن ليرجع منهم راجع ، حرام عليهم ذلك.
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا عيسى بن فرقد ، قال : ثنا جابر الجعفي ، قال: سألت أبا جعفر
عن الرجعة ، فقرأ هذه الآية (
وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) .
فكأن أبا
جعفر وجه تأويل ذلك إلى أنه: وحرام على أهل قرية أمتناهم أن يرجعوا إلى الدنيا ،
والقول الذي قاله عكرمة في ذلك أولى عندي بالصواب ، وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر
عن تفريق الناس دينهم الذي بُعث به إليهم الرسل ، ثم أخبر عن صنيعه بمن عم بما
دعته إليه رسله من الإيمان به والعمل بطاعته ، ثم أتبع ذلك قوله ( وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ
أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) فلأن يكون ذلك خبرا عن صنيعه بمن أبى إجابة رسله وعمل بمعصيته
، وكفر به ، أحرى ، ليكون بيانا عن حال القرية الأخرى التي لم تعمل الصالحات وكفرت
به.
فإذا كان
ذلك كذلك ، فتأويل الكلام: حرام على أهل قرية أهلكناهم بطبعنا على قلوبهم وختمنا
على أسماعهم وأبصارهم ، إذ صدّوا عن سبيلنا وكفروا بآياتنا ، أن يتوبوا ويراجعوا
الإيمان بنا واتباع أمرنا والعمل بطاعتنا ، وإذ كان ذلك تأويل قوله الله ( وَحِرْمٌ ) وعزم ، على ما قال سعيد ، لم
تكن « لا » في قوله ( أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) صلة ، بل تكون بمعنى النفي ،
ويكون معنى الكلام: وعزم منا على قرية أهلكناها أن لا يرجعوا عن كفرهم ، وكذلك إذا
كان معنى قوله (
وَحَرَمٌ. نوجبه ، وقد زعم بعضهم أنها في هذا الموضع صلة ، فإن معنى الكلام: وحرام
على قرية أهلكناها أن يرجعوا ، وأهل التأويل الذين ذكرناهم كانوا أعلم بمعنى ذلك
منه.
القول
في تأويل قوله تعالى :
حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ
يَنْسِلُونَ ( 96 )
يقول
تعالى ذكره: حتى إذا فُتح عن يأجوج ومأجوج ، وهما أمَّتان من الأمم ردُمهما .
كما
حدثني عصام بن داود بن الجراح ، قال: ثني أبي ، قال : ثنا سفيان بن سعيد الثوري ،
قال : ثنا منصور بن المعتمر ، عن رِبْعِيّ بن حِرَاش ، قال: سمعت حُذيفة بن اليمان
يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أَوَّلُ الآياتِ: الدَّجاَّلُ ، وَنـزولُ عِيسَى ، وَنارٌ
تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنِ أَبْيَنَ ، تَسُوقُ النَّاسَ إِلى المَحْشَرِ ،
تُقِيلُ مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا ، وَالدُّخانُ ، والدَّابَّةُ ، ثُمّ يَأْجُوجُ
وَمأْجُوجُ. قال حُذيفة: قلت: يا رسول الله ، وما يأجوج ومأجوج؟ قال: يَأْجُوجُ
وَمأْجُوجُ أُمَمٌ كُلُّ أُمَّةِ أَرْبَعَ مِائَةِ أَلْفٍ ، لا يَمُوتُ الرَّجُلُ
مِنْهُمْ حتى يَرَى أَلْفَ عَيْنٍ تَطْرِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ صُلْبِهِ ،
وَهُمْ وَلَدُ آدَمَ ، فَيَسِيرُونَ إِلَى خَرَابِ الدُّنْيَا ، يَكُونُ
مُقَدِّمَتُهُمْ بِالشَّامِ وَسَاقَتُهُمْ بِالعِرَاقِ ، فَيَمُرُّونَ بِأَنْهَارِ
الدُّنْيا ، فَيَشْرَبونَ الفُراتَ والدَّجْلَةَ وَبُحَيْرَةَ الطَّبَرِيَّةِ
حَتَّى يَأْتُوا بَيْتَ المَقْدِسِ ، فَيَقُولُونَ قَدْ قَتَلْنَا أَهْلَ
الدُّنْيَا فَقَاتِلُوا مَنْ فِي السَّماءِ ، فَيَرْمُونَ بالنَّشابِ إلى
السَّماءِ ، فَتَرْجِعُ نُشَابُهُمْ مُخَضَّبَةً بِالدَّمِ ، فَيَقُولُونَ قَدْ
قَتَلْنَا مَنْ فِي السَّماءِ ، وَعِيسَى وَالمُسْلِمُونَ بِجَبَلِ طُورِ سِينِينَ
، فَيُوحِي اللهُ جَلَّ جَلالُهُ إِلَى عِيسَى: أَنْ أَحْرِزْ عِبَادِي بِالطُّورِ
وَمَا يَلِي أَيْلَةَ، ثُمّ إِنَّ عِيسَى يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّماءِ
وَيَؤَمِّنُ المَسْلِمُونَ ، فَيَبْعَثُ اللهُ عَلَيْهِمْ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا
النَّغَفُ ، تَدْخُلُ مِنْ مَنَاخِرِهِمْ فَيُصْبِحُونَ مَوْتَى مِنْ حاقِ
الشَّامِ إلى حاقِ العِرَاقِ ، حتى تَنْتِنَ الأرْضُ مِنْ جِيَفِهِمْ ، وَيَأْمُرُ
الله السَّماءَ فَتُمْطِرُ كأفْواهِ القِرَبِ ، فَتَغْسِلُ الأرْضَ مِنْ
جِيَفِهِمْ وَنَتَنْهِمْ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ طُلُوع الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا » .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال: إن
يأجوج ومأجوج يزيدون على سائر الإنس الضِّعف ، وإن الجنّ يزيدون على الإنس الضعف ،
وإن يأجوج ومأجوج رجلان اسمهما يأجوج ومأجوج.
حدثنا
ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال: سمعت
وهب بن جابر يحدث ، عن عبد الله بن عمرو أنه قال: إن يأجوج ومأجوج يمر أولهم بنهر
مثل دجلة ، ويمرّ آخرهم فيقول: قد كان في هذا مرّة ماء ، لا يموت رجل منهم إلا ترك
من ذريته ألفا فصاعدا ، وقال: مِن بعدهم ثلاثُ أمم لا يعلم عددهم إلا الله: تأويل
، وتاريس ، وناسك أو منسك ، شكّ شعبة.
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن وهب بن جابر
الخيواني ، قال: سألت عبد الله بن عمرو ، عن يأجوج ومأجوج ، أمن بني آدم هم؟ قال:
نعم ، ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله، تاريس ، وتأويل ، ومنسك.
حدثنا
ابن المثنى ، قال : ثنا سهل بن حماد أبو عتاب ، قال : ثنا شعبة ، عن النعمان بن
سالم ، قالا سمعت نافع بن جبير بن مطعم يقول: قال عبد الله بن عمرو: يأجوج ومأجوج
لهم أنهار يَلْقَمون ما شاءوا ، ونساء يجامعون ما شاءوا ، وشجر يلقمون ما شاءوا ،
ولا يموت رجل إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا.
حدثنا
محمد بن عمارة ، قال : ثنا عبد الله بن موسى ، قال: أخبرنا زكريا ، عن عامر ، عن
عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن سلام ، قال: ما مات أحد من يأجوج ومأجوج إلا ترك
ألف ذرء فصاعدا.
حدثني
يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : ثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن
عطية ، قال: قال أبو سعيد: يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدا إلا قتلوه ، إلا أهل
الحصون ، فيمرّون على البحيرة فيشربونها ، فيمرّ المارُّ فيقول: كأنه كان ههنا ماء
، قال: فبعث الله عليهم النغف حتى يكسر أعناقهم فيصيروا خبالا فتقول أهل الحصون:
لقد هلك أعداء الله ، فيدلون رجلا لينظر ، ويشترط عليهم إن وجدهم أحياء أن يرفعوه
، فيجدهم قد هلكوا ، قال: فينـزل الله ماء من السماء فيقذفهم في البحر ، فتطهر
الأرض منهم ، ويغرس الناس بعدهم الشجر والنخل ، وتخرج الأرض ثمرتها كما كانت تخرج
في زمن يأجوج ومأجوج.
حدثنا
محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن عبيد الله بن أبي
يزيد ، قال: رأى ابن عباس صبيانا ينـزو بعضهم على بعض يلعبون ، فقال ابن عباس:
هكذا يخرج يأجوج ومأجوج.
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا الحكم ، قال : ثنا عمرو بن قيس ، قال: بلغنا أن ملكا دون
الردم يبعث خيلا كل يوم يحرسون الردم لا يأمن يأجوج ومأجوج أن تخرج عليهم ، قال:
فيسمعون جلبة وأمرا شديدا.
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، أن عبد الله بن
عمرو ، قال: ما يموت الرجل من يأجوج ومأجوج حتى يولد له من صلبه ألف ، وإن من
ورائهم لثلاث أمم ما يعلم عددهم إلا الله: منسك ، وتأويل ، وتاريس.
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة ، عن عمرو البكالي ،
قال: إن الله جزأ الملائكة والإنس والجنّ عشرة أجزاء فتسعة منهم الكروبيون وهم
الملائكة الذي يحملون العرش ، ثم هم أيضا الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون ،
قال: ومن بقي من الملائكة لأمر الله ووحيه ورسالته ، ثم جزّأ الإنس والجنّ عشرة
أجزاء ، فتسعة منهم الجن ، لا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة ، ثم جزأ
الإنس على عشرة أجزاء ، فتسعة منهم يأجوج ومأجوج ، وسائر الإنس جزء.
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله ( حَتَّى إِذَا
فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ) قال: أمَّتانِ من وراء ردم ذي القرنين.
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن غير واحد ، عن حميد بن هلال ،
عن أبي الصيف ، قال: قال كعب: إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذين
يلونهم قرع فئوسهم ، فإذا كان الليل قالوا: نجيء غدا فنخرج ، فيعيدها الله كما
كانت ، فيجيئون من الغد فيجدونه قد أعاده الله كما كان ، فيحفرونه حتى يسمع الذين
يلونهم قرع فئوسهم ، فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم يقول: نجيء غدا
فنخرج إن شاء الله ، فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه ، فيحفرون ثم يخرجون ، فتمرّ
الزمرة الأولى بالبحيرة فيشربون ماءها ، ثم تمرّ الزمرة الثانية فيلحسون طينها ،
ثم تمرّ الزمرة الثالثة فيقولون: قد كان ههنا مرّة ماء - وتفرّ الناس منهم ، فلا
يقوم لهم شيء ، يرمون بسهامهم إلى السماء ، فترجع مخضبة بالدماء ، فيقولون: غلبْنا
أهل الأرض وأهل السماء ، فيدعو عليهم عيسى ابن مريم ، فيقول: اللهمّ لا طاقة ولا
يدين لنا بهم ، فاكفناهم بما شئت ، فيسلط الله عليهم دودا يقال له النغفُ ، فتفرس
رقابهم ، ويبعث الله عليهم طيرا فتأخذهم بمناقرها فتلقيهم في البحر ، ويبعث الله
عينا يقال لها الحياة تطهر الأرض منهم وتنبتها ، حتى إن الرمانة ليشبع منها السكن
، قيل: وما السكن يا كعب؟ قال: أهل البيت ، قال: فبينا الناس كذلك ، إذ أتاهم
الصريخ أن ذا السويقتين يريده ، فيبعث عيسى طليعة سبع مائة ، أو بين السبع مائة
والثمان مائة ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله ريحا يمانية طيبة ، فيقبض الله
فيها روح كل مؤمن ، ثم يبقى عجاج من الناس يتسافدون كما تتسافد البهائم ، فمثَل
الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينتظرها متى تضع ، فمن تكلف بعد قولي هذا شيئا أو
على هذا شيئا فهو المتلكف.
حدثنا
العباس بن الوليد البيروتي ، قال: أخبرني أبي ، قال: سمعت ابن جابر ، قال: ثني
محمد بن جابر الطائي، ثم الحمصي ، ثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي ، قال:
ثني أبي أنه سمع النّواس بن سمعان الكلابي يقول: « ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ، وذكر أمره ، وأن
عيسى ابن مريم يقتله ، ثم قال: فبينا هو كذلك ، أوحى الله إليه: يا عيسى ، إني قد
أخرجت عبادا لي لا يَد لأحد بقتالهم ، فحرّز عبادي إلى الطور، فيبعث الله يأجوج
ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيمرّ أحدهم على بحيرة طبرية ، فيشربون ما فيها ،
ثم ينـزل آخرهم ، ثم يقول: لقد كان بهذه ماء مرّة ، فيحاصر نبيّ الله عيسى وأصحابه
، حتى يكون رأس الثور يومئذ خيرا لأحدهم من مائة دينار لأحدكم ، فيرغب نبيّ الله
عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم ، فيصبحون فرسى موت نفس
واحدة ، فيهبط نبيّ الله عيسى وأصحابه ، فلا يجدون موضعا إلا قد ملأه زهمهم ونتنهم
ودماؤهم ، فيرغب نبيّ الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل عليهم طيرا كأعناق
البُخت ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ، ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر
ولا وبر ، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة. »
وأما
قوله ( وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ) فإن أهل التأويل اختلفوا في
المعنيّ به ، فقال بعضهم: عني بذلك بنو آدم أنهم يخرجون من كل موضع كانوا دفنوا
فيه من الأرض ، وإنما عني بذلك الحشر إلى موقف الناس يوم القيامة.
ذكر من
قال ذلك:
حدثني محمد
بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن
، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله ( مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ) قال:
جمع الناس من كل مكان جاءوا منه يوم القيامة ، فهو حدب.
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال: ثنى حجاج ، عن ابن جُرَيح ( وَهُمْ مِنْ كُلِّ
حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ) ، قال ابن جُرَيج: قال مجاهد: جمع الناس من كلّ حدب من مكان
جاءوا منه يوم القيامة فهو حدب.
وقال
آخرون: بل عني بذلك يأجوج ، ومأجوج وقوله: وهم كناية أسمائهم .
ذكر من
قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن سلمة
بن كهيل ، قال : ثنا أبو الزعراء ، عن عبد الله أنه قال: يخرج يأجوج ومأجوج
فيمرحون في الأرض ، فيُفسدون فيها ، ثم قرأ عبد الله ( وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ
يَنْسِلُونَ ) قال: ثم يبعث الله عليهم دابّة مثل النغف ، فتلج في أسماعهم
ومناخرهم فيموتون منها فتنتن الأرض منهم ، فيرسل الله عز وجل ماء فيطهر الأرض
منهم.
والصواب
من القول في ذلك ما قاله الذين قالوا: عني بذلك يأجوج ومأجوج ، وأن قوله ( وَهُمْ
) كناية عن أسمائهم ، للخبر الذي حدثنا به ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن محمد بن
إسحاق ، عن عاصم بن عمر ، عن قتادة الأنصاري ، ثم الظفري ، عن محمود بن لبيد أخي
بني عبد الأشهل ، عن أبي سعيد الخدريّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: «
يُفْتَحُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ يَخْرجُونَ عَلَى النَّاسِ كَما قَالَ الله ( مِنْ كُلِّ حَدَبٍ
يَنْسِلُونَ )
فَيُغّشُّونَ الأرْضَ » .
حدثني
أحمد بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم بن بشير ، قال: أخبرنا العوّام بن حوشب ، عن
جبلة بن سحيم ، عن مؤثر ، وهو ابن عفازة العبدي ، عن عبد الله بن مسعود ، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يُذكر عن عيسى ابن مريم ، قال: قال عيسى:
عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي أَنَّ الدَّجَّالَ خَارِجٌ ، وَأَنَّهُ مُهْبِطِي إِلَيْهِ
، فَذَكَرَ أَنَّ مَعَهُ قَضِيبَيْنِ ، فَإِذَا رَآنِي أَهْلَكَهُ اللهُ ، قَالَ:
فَيَذُوبُ الرُّصاصُ ، حتى إنَّ الشَّجَرَ والحَجَر لَيَقُولُ: يَا مُسْلِم هَذَا
كَافِرٌ فاقْتُلْهُ، فَيُهْلِكُهُمُ اللهُ تَبَارَكَ وتَعالى ، وَيَرْجِعُ
النَّاسُ إلى بِلادِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ ، فَيَسْتَقْبِلُهُمْ يَأْجُوجُ
وَمَأْجُوجُ مِنْ كُلّ حَدْبٍ يَنْسِلُونَ ، لا يَأْتُونَ عَلَى شَيْءٍ إِلا
أَهْلَكُوهُ ، وَلا يَمُرُّونَ عَلَى مَاءٍ إِلا شَرِبُوهُ.
حدثني
عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : ثنا المحاربي ، عن أصبغ بن زيد ، عن العوام بن
حوشب ، عن جبلة بن سحيم ، عن موثر بن عفازة ، عن عبد الله بن مسعود ، عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم بنحوه.
وأما
قوله ( مِنْ كُلِّ حَدَبٍ ) فإنه يعني من كل شرف ونشَز وأكمة.
وبنحو
الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من
قال ذلك: حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن
عباس ، قوله ( مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ) يقول: من كلّ شرف يُقبلون.
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر عن قتادة ( مِنْ كُلِّ حَدَبٍ
يَنْسِلُونَ ) قال: من كلّ أكمة.
حدثني
يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله ( وَهُمْ مِنْ كُلِّ
حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ) قال: الحدب: الشيء المشرف ، وقال الشاعر:
عَلى
الحِدَابِ تَمُورُ
حدثني
يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله ( حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ
يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ) قال: هذا مبتدأ يوم
القيامة.
وأما
قوله ( يَنْسِلُونَ ) فإنه يعنى: أنهم يخرجون مشاة مسرعين في مشيهم كنسلان الذئب ،
كما قال الشاعر:
عَسَــلانَ
الــذئْبِ أمْسَــى قارِبـا بَـــرَدَ اللَّيْـــلُ عَلَيْــهِ فَنَسَــلْ
القول
في تأويل قوله تعالى :
وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ
كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا
ظَالِمِينَ ( 97 )
يقول
تعالى ذكره: حتى إذا فُتحت يأجوج ومأجوج ، اقترب الوعد الحقّ ، وذلك وعد الله الذي
وعد عباده أنه يبعثهم من قبورهم للجزاء والثواب والعقاب ، وهو لا شك حق كما قال
جلّ ثناؤه.
وبنحو
الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من
قال ذلك: حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الحكم بن بشير ، قال : ثنا عمرو ، يعني ابن
قيس ، قال : ثنا حذيفة: لو أن رجلا افتلى فَلوّا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه
حتى تقوم القيامة.
حدثني
يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله ( وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ
الْحَقُّ ) قال: اقترب يوم القيامة منهم، والواو في قوله ( وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ
الْحَقُّ ) مقحمة ، ومعنى الكلام: حتى إذا فُتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحقّ ،
وذلك نظير قوله فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ معناه:
نادينا، بغير واو ، كما قال امرؤ القيس:
فَلَمَّـا
أجَزْنـا سـاحَة الحَـيّ وَانْتَحَـى بِنـا بَطْـنُ خَـبْتٍ ذي حِقـافٍ عَقَنْقَلِ
يريد:
فلما أجزنا ساحة الحي انتحى بنا.
وقوله
( فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ففي هي التي في قوله
فإذا هي وجهان: أحدهما أن تكون كناية عن الأبصار ، وتكون الأبصار الظاهرة بيانا
عنها ، كما قال الشاعر:
لَعَمْــرو
أَبِيهَــا لا تَقُـولُ ظَعِينَتـي ألا فَـرّ عَنِّـي مـالكُ بـن أبي كَعْبِ
فكنى
عن الظعينة في: لعمرو أبيها ، ثم أظهرها ، فيكون تأويل الكلام حينئذ: فإذا الأبصار
شاخصة أبصار الذين كفروا.
والثاني:
أن تكون عمادا كما قال جلّ ثناؤه فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وكقول الشاعر:
فَهَلْ
هُوَ مَرْفُوعٌ بِما هَهُنا رأْسْ
وقوله
( يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا ) يقول تعالى ذكره: فإذا أبصار
الذين كفروا قد شخصت عند مجيء الوعد الحقّ بأهواله وقيام الساعة بحقائقها ، وهم
يقولون: يا ويلنا قد كنا قبل هذا الوقت في الدنيا في غفلة من هذا الذي نرى ونعاين
ونـزل بنا من عظيم البلاء ، وفي الكلام متروك تُرِك ذكره استغناء بدلالة ما ذُكر
عليه عنه ، وذلك يقولون من قوله ( فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ
كَفَرُوا ) يقولون يا ويلنا، وقوله ( بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ) يقول مخبرا عن قيل
الذين كفروا بالله يومئذ: ما كنا نعمل لهذا اليوم ما ينجينا من شدائده ، بل كنا
ظالمين بمعصيتنا ربنا وطاعتنا إبليس وجنده في عبادة غير الله عزّ وجلّ.
القول
في تأويل قوله تعالى :
إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا
وَارِدُونَ ( 98 )
يقول
تعالى ذكره: إنكم أيها المشركون بالله ، العابدون من دونه الأوثان والأصنام ، وما
تعبدون من دون الله من الآلهة .
كما
حُدثت عن الحسين ، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد ، قال: سمعت الضحاك يقول
في قوله ( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) يعني الآلهة ومن
يعبدها ، ( حصب جهنم ) وأما حصب جهنم ، فقال بعضهم: معناه: وقود جهنم وشجرها.
ذكر
من قال ذلك:
حدثني عليّ ، قال : ثنا عبد الله ، قال: ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ،
قوله ( حَصَبُ جَهَنَّمَ ) : شجر جهنم.
حدثني
محمد بن سعد ، قال: ثني أبى ، قال: ثني عمي ، قال: ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن
عباس ، قوله ( إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ )
يقول: وقودها.
وقال
آخرون: بل معناه: حطب جهنم.
ذكر من
قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، عن ابن أبي
نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله ( حَصَبُ جَهَنَّمَ ) قال: حطبها.
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، ( مثله ) !
وزاد فيه: وفى بعض القراءة ( حَطَبُ جَهَنَّمَ ) يعني في قراءة عائشة.
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( حَصَبُ
جَهَنَّمَ ) قال: حطب جهنم يقذفون فيها.
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن الحر ، عن عكرمة ،
قوله ( حَصَبُ جَهَنَّمَ ) قال: حطب جهنم.
وقال
آخرون: بل معنى ذلك أنهم يرمى بهم في جهنم.
ذكر من
قال ذلك: حُدثت عن الحسين ، قال: سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال: سمعت
الضحاك يقول في قوله ( حَصَبُ جَهَنَّمَ ) يقول: إن جهنم إنما تحصب بهم ، وهو
الرمي ، يقول: يرمي بهم فيها.
واختلف
في قراءة ذلك ، فقرأته قراء الأمصار ( حَصَبُ جَهَنَّمَ ) بالصاد ، وكذلك القراءة
عندنا لإجماع الحجة عليه.
ورُوي
عن عليّ وعائشة أنهما كانا يقرآن ذلك ( حَطَبُ جَهَنَّمَ ) بالطاء.
ورُوي
عن ابن عباس أنه قرأه ( حَضَبُ ) بالضاد.
حدثنا
بذلك أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا إبراهيم بن محمد ، عن عثمان بن
عبد الله ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه قرأها كذلك.
وكأن
ابن عباس إن كان قرأ ذلك كذلك ، أراد أنهم الذين تسجر بهم جهنم ، ويوقد بهم فيها
النار ، وذلك أن كل ما هيجت به النار وأوقدت به ، فهو عند العرب حضب لها . فإذا
كان الصواب من القراءة في ذلك ما ذكرنا ، وكان المعروف من معنى الحصب عند العرب:
الرمي ، من قولهم: حصبت الرجل: إذا رميته ، كما قال جلّ ثناؤه إِنَّا أَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمْ حَاصِبًا كان الأولى بتأويل ذلك قول من قال: معناه أنهم تقذف جهنم بهم
ويرمى بهم فيها ، وقد ذكر أن الحصب في لغة أهل اليمين: الحطب ، فإن يكن ذلك كذلك
فهو أيضا وجه صحيح ، وأما ما قلنا من أن معناه الرمي فإنه في لغة أهل نجد. وأما
قوله ( أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ) فإن معناه: أنتم عليها أيها الناس أو إليها
واردون ، يقول: داخلون ، وقد بينت معنى الورود فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته في
هذا الموضع.
القول
في تأويل قوله تعالى : لَوْ
كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ( 99 )
يقول
تعالى ذكره لهؤلاء المشركين الذين وصف صفتهم أنهم مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ
مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ، وهم مشركو قريش:
أنتم أيها المشركون ، وما تعبدون من دون الله واردو جهنم ، ولو كان ما تعبدون من
دون الله آلهة ما وردوها ، بل كانت تمنع من أراد أن يوردكموها إذ كنتم لها في
الدنيا عابدين ، ولكنها إذ كانت لا نفع عندها لأنفسها ولا عندها دفع ضر عنها ، فهي
من أن يكون ذلك عندها لغيرها أبعد ، ومن كان كذلك كان بينا بعده من الألوهة ، وأن
الإله هو الذي يقدر على ما يشاء ولا يقدر عليه شيء ، فأما من كان مقدورا عليه فغير
جائز أن يكون إلها. وقوله ( وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ) يعني الآلهة ومن عبدها
أنهم ماكثون في النار أبدا بغير نهاية ، وإنما معنى الكلام: كلكم فيها خالدون.
وبنحو
الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من
قال ذلك: حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله ( لَوْ
كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ) قال: الآلهة
التي عبد القوم ، قال: العابد والمعبود.
القول
في تأويل قوله تعالى :
لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ ( 100 ) إِنَّ الَّذِينَ
سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ( 101 )
يعني
تعالى ذكره بقوله ( لَهُمْ ) المشركين وآلهتهم ، والهاء ، والميم في قوله ( لَهُمْ
) من ذكر كل التي في قوله ( وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ) ، يقول تعالى ذكره: لكلهم
في جهنم زفير ، ( وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ ) يقول: وهم في النار لا يسمعون.
وكان
ابن مسعود يتأوّل في قوله ( وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ ) ما حدثنا القاسم ، قال
: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن المسعودي ، عن يونس بن خباب ، قال: قرأ ابن
مسعود هذه الآية ( لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ ) قال: إذا
ألقي في النار من يخلد فيها جعلوا في توابيت من نار ، ثم جعلت تلك التوابيت في
توابيت أخرى ، ثم جعلت التوابيت في توابيت أخرى فيها مسامير من نار ، فلا يرى أحد
منهم أن في النار أحدا يعذّب غيره ، ثم قرأ ( لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا
لا يَسْمَعُونَ ) .
وأما
قوله ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا
مُبْعَدُونَ ) فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنيّ به ، فقال بعضهم: عني به كل من
سبقت له من الله السعادة من خلقه أنه عن النار مُبعد.
ذكر
من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن
يوسف بن سعد وليس بابن ماهَك عن محمد بن حاطب ، قال: سمعت عليا يخطب فقرأ هذه
الآية ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا
مُبْعَدُونَ ) ، قال: عثمان رضي الله عنه منهم.
وقال
آخرون: بل عني: منْ عبد مِن دون الله ، وهو لله طائع ولعبادة من يَعبد كاره.
ذكر من
قال ذلك:
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله (
أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ) قال: عيسى ، وعزير ، والملائكة.
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جُرَيح ، عن مجاهد ، مثله.
قال
ابن جريج: قوله إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ثم استثنى فقال (
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى ) .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، عن الحسين ، عن يزيد ، عن عكرمة ، والحسن
البصري قالا قال في سورة الأنبياء إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا
وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ * لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا
يَسْمَعُونَ ثم استثنى فقال ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى
أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ) فقد عُبدت الملائكة من دون الله ، وعُزَيرٌ وعيسى
من دون الله.
حدثنا
أبو كُرَيب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ( أُولَئِكَ
عَنْهَا مُبْعَدُونَ ) قال: عيسى.
حدثني
إسماعيل بن سيف ، قال : ثنا علي بن مسهر ، قال : ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي
صالح في قوله ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى ) قال: عيسى ،
وأمه ، وعُزَير ، والملائكة.
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال: جلس رسول الله صلى الله عليه
وسلم فيما بلغني يوما مع الوليد بن المغيرة ، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم
وفي المجلس غير واحد من رجال قريش ، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعرض له
النضر بن الحارث ، وكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه ، ثم تلا عليه
وعليهم إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ
لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا
خَالِدُونَ . . . إلى قوله ( وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ ) ، ثم قام رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وأقبل عبد الله بن الزّبَعْرى بن قيس بن عديّ السهمي حتى جلس
، فقال الوليد بن المغيرة لعبد الله بن الزّبَعْرى : والله ما قام النضر بن الحارث
لابن عبد المطلب آنفا وما قعد ، وقد زعم أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم،
فقال عبد الله بن الزبعري: أما والله لو وجدته لخصمته ، فسلوا محمدا: أكلّ من عبد
من دون الله في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة ، واليهود تعبد عُزَيرا ،
والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم ، فعجب الوليد بن المغيرة ومن كان في المجلس
من قول عبد الله بن الزّبَعْرى ، ورأوا أنه قد احتج وخاصم ، فذكر ذلك لرسول الله
صلى الله عليه وسلم من قول ابن الزّبَعْرى، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: « نعم كل من أحب أن يعبد من دون
الله فهو مع من عبد ، إنما يعبدون الشياطين ومن أمرهم بعبادته » ، فأنـزل الله عليه ( إِنَّ
الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ) . .
. . إلى خَالِدُونَ أي عيسى ابن مريم ، وعُزير ، ومن عبدوا من الأحبار والرهبان
الذي مضوا على طاعة الله ، فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله ،
فأنـزل الله فيما ذكروا أنهم يعبدون الملائكة وأنها بنات الله وَقَالُوا اتَّخَذَ
الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ . . . إلى قوله نَجْزِي
الظَّالِمِينَ .
حُدثت
عن الحسين ، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد ، قال: سمعت الضحاك ، قال: يقول
ناس من الناس ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ) يعني من الناس
أجمعين ، فليس كذلك ، إنما يعني من يعبد الآلهة وهو لله مطيع مثل عيسى وأمه
وعُزَير والملائكة ، واستثنى الله هؤلاء الآلهة المعبودة التي هي ومن يعبدها في
النار.
حدثنا
ابن سنان القزاز ، قال : ثنا الحسن بن الحسين الأشقر ، قال : ثنا أبو كدينة ، عن
عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: لما نـزلت إِنَّكُمْ وَمَا
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ قال
المشركون: فإن عيسى يُعبد وعُزَير والشمس والقمر يُعبدون، فأنـزل الله ( إِنَّ
الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ )
لعيسى وغيره.
وأولى
الأقوال في تأويل ذلك بالصواب قول من قال: عني بقوله ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ
لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ) ما كان من معبود ، كان
المشركون يعبدونه والمعبود لله مطيع وعابدوه بعبادتهم إياه بالله كفّار ، لأن قوله
تعالى ذكره ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى ) ابتداء كلام
محقق لأمر كان ينكره قوم ، على نحو الذي ذكرنا في الخبر عن ابن عباس ، فكأن
المشركين قالوا لنبيّ الله صلى الله عليه وسلم إذ قال لهم إِنَّكُمْ وَمَا
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ : ما الأمر كما تقول ، لأنا نعبد
الملائكة ، ويعبد آخرون المسيح وعُزَيرا ، فقال عزّ وجلّ ردا عليهم قولهم: بل ذلك
كذلك ، وليس الذي سبقت لهم منا الحسنى هم عنها مبعدون ، لأنهم غير معنيين بقولنا
إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ، فأما قول
الذين قالوا ذلك استثناء من قوله إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
حَصَبُ جَهَنَّمَ فقول لا معنى له ، لأن الاستثناء إنما هو إخراج المستثنى من
المستثنى منه ، ولا شك أن الذين سبقت لهم منا الحسنى إنما هم إما ملائكة وإما إنس
أو جانٌ ، وكلّ هؤلاء إذا ذكرتها العرب فإن أكثر ما تذكرها بمن ، لا بما ، والله
تعالى ذكره إنما ذكر المعبودين الذين أخبر أنهم حَصَب جهنم بما ، قال إِنَّكُمْ
وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ إنما أريد به ما كانوا
يعبدونه من الأصنام والآلهة من الحجارة والخشب ، لا من كان من الملائكة والإنس ،
فإذا كان ذلك كذلك لما وصفنا ، فقوله ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا
الْحُسْنَى ) جواب من الله للقائلين ما ذكرنا من المشركين مبتدأ ، وأما الحُسنى
فإنها الفُعلى من الحسن ، وإنما عني بها السعادة السابقة من الله لهم .
كما
حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله ( إِنَّ الَّذِينَ
سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى ) قال: الحسنى: السعادة ، وقال: سبقت السعادة
لأهلها من الله ، وسبق الشقاء لأهله من الله.