القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ( 78 )

يقول تعالى ذكره: قال قارون لقومه الذين وعظوه: إنما أوتيتُ هذه الكنوز على فضل علم عندي, علمه الله مني, فرضي بذلك عني, وفضلني بهذا المال عليكم, لعلمه بفضلي عليكم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة ( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ) قال: على خُبْرٍ عندي.

قال: حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ) قال: لولا رضا الله عني ومعرفته بفضلي ما أعطاني هذا, وقرأ: ( أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ) ... الآية.

وقد قيل: إن معنى قوله: ( عِنْدِي ) بمعنى: أرى, كأنه قال: إنما أوتيته لفضل علمي, فيما أرى.

وقوله: ( أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ) يقول جل ثناؤه: أو لم يعلم قارون حين زعم أنه أوتي الكنوز لفضل علم عنده علمته أنا منه, فاستحقّ بذلك أن يُؤتى ما أُوتي من الكنوز, أن الله قد أهلك من قبله من الأمم من هو أشد منه بطشا, وأكثر جمعا للأموال ; ولو كان الله يؤتي الأموال من يؤتيه لفضل فيه وخير عنده, ولرضاه عنه, لم يكن يهلك من اهلك من أرباب الأموال الذين كانوا أكثر منه مالا لأن من كان الله عنه راضيا, فمحال أن يهلكه الله, وهو عنه راضٍ, وإنما يهلك من كان عليه ساخطا.

وقوله: ( وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ) قيل: إن معنى ذلك أنهم يدخلون النار بغير حساب.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا سفيان, عن عمر, عن قَتادة ( وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ) قال: يُدْخلون النار بغير حساب.

وقيل: معنى ذلك: أن الملائكة لا تسأل عنهم, لأنهم يعرفونهم بسيماهم.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ) كقوله: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ زرقا سود الوجوه, والملائكة لا تسأل عنهم قد عرفتهم.

وقيل معنى ذلك: ولا يسأل عن ذنوب هؤلاء الذين أهلكهم الله من الأمم الماضية المجرمون فيم أهلكوا.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا موسى بن عبيدة, عن محمد بن كعب ( وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ) قال: عن ذنوب الذين مضوا فيم أهلكوا؟ فالهاء والميم في قوله: ( عَنْ ذُنُوبِهِمُ ) على هذا التأويل لمن الذي في قوله: ( أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً ) وعلى التأويل الأول الذي قاله مجاهد وقَتادة للمجرمين, وهي بأن تكون من ذكر المجرمين أولى؛ لأن الله تعالى ذكره غير سائل عن ذنوب مذنب غير من أذنب, لا مؤمن ولا كافر. فإذ كان ذلك كذلك, فمعلوم أنه لا معنى لخصوص المجرمين, لو كانت الهاء والميم اللتان في قوله: ( عَنْ ذُنُوبِهِمُ ) لمن الذي في قوله: ( مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً ) من دون المؤمنين, يعني لأنه غير مسئول عن ذلك مؤمن ولا كافر, إلا الذين ركبوه واكتسبوه.

 

القول في تأويل قوله تعالى : فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ( 79 )

يقول تعالى ذكره: فخرج قارون على قومه في زينته, وهي فيما ذكر ثياب الأرجوان.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا طلحة بن عمرو, عن أبي الزبير, عن جابر ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) قال: في القرمز.

قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عثمان بن الأسود, عن مجاهد ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) قال: في ثياب حمر.

حدثنا ابن وكيع, قال ثنا أبو خالد الأحمر, عن عثمان بن الأسود, عن مجاهد ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) قال: على براذين بيض, عليها سروج الأرجوان, عليهم المعصفرات.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) قال: عليه ثوبان معصفران.

وقال ابن جُرَيج: على بغلة شهباء عليها الأرجوان, وثلاث مائة جارية على البغال الشهب, عليهن ثياب حمر.

حدثنا ابن وكيع, قال: ثني أبي ويحيى بن يمان, عن مبارك, عن الحسن ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) قال: في ثياب حمر وصفر.

حدثنا ابن المثني, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن سماك, أنه سمع إبراهيم النخعي, قال في هذه الآية ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) قال: في ثياب حمر.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا شعبة, عن سماك, عن إبراهيم النخعيّ, مثله.

حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا غندر, قال: ثنا شعبة, عن سماك, عن إبراهيم مثله.

حدثنا محمد بن عمرو بن علي المقدمي, قال: ثنا إسماعيل بن حكيم, قال: دخلنا على مالك بن دينار عشية, وإذا هو في ذكر قارون, قال: وإذا رجل من جيرانه عليه ثياب معصفرة, قال: فقال مالك: ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) قال: في ثياب مثل ثياب هذا.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) : ذكر لنا أنهم خرجوا على أربعة آلاف دابة, عليهم وعلى دوابهم الأرجوان.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ) قال: خرج في سبعين ألفا, عليهم المعصفرات, فيما كان أبي يذكر لنا.

( قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ ) يقول تعالى ذكره: قال الذين يريدون زينة الحياة الدنيا من قوم قارون: يا ليتنا أُعطينا مثل ما أعطي قارون من زينتها ( إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) يقول: إن قارون لذو نصيب من الدنيا.

 

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ ( 80 )

يقول تعالى ذكره: وقال الذين أوتوا العلم بالله, حين رأوا قارون خارجا عليهم في زينته, للذين قالوا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون: ويلكم اتقوا الله وأطيعوه, فثواب الله وجزاؤه لمن آمن به وبرسله, وعمل بما جاءت به رسله من صالحات الأعمال في الآخرة, خير مما أوتي قارون من زينته وماله لقارون. وقوله: ( وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ ) يقول: ولا يلقاها: أي ولا يوفَّق لقيل هذه الكلمة, وهي قوله: ( ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ) والهاء والألف كناية عن الكلمة. وقال: ( إِلا الصَّابِرُونَ ) يعني بذلك: الذين صبروا عن طلب زينة الحياة الدنيا, وآثروا ما عند الله من جزيل ثوابه على صالحات الأعمال على لذّات الدنيا وشهواتها, فجدّوا في طاعة الله, ورفضوا الحياة الدنيا.

 

القول في تأويل قوله تعالى : فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ( 81 )

يقول تعالى ذكره: فخسفنا بقارون وأهل داره. وقيل: وبداره, لأنه ذكر أن موسى إذ أمر الأرض أن تأخذه أمرها بأخذه, وأخذ من كان معه من جلسائه في داره, وكانوا جماعة جلوسا معه, وهم على مثل الذي هو عليه من النفاق والمؤازرة على أذى موسى.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا جابر بن نوح, قال: أخبرنا الأعمش, عن المنهال بن عمرو, عن عبد الله بن الحارث, عن ابن عباس, قال: لما نـزلت الزكاة أتى قارون موسى, فصالحه على كلّ ألف دينار دينارا, وكلّ ألف شيء شيئا, أو قال: وكلّ ألف شاة شاة « الطبريّ يشكّ » قال: ثم أتى بيته فحسبه فوجده كثيرا, فجمع بني إسرائيل, فقال: يا بني إسرائيل، إن موسى قد أمركم بكلّ شيء فأطعتموه, وهو الآن يريد أن يأخذ من أموالكم, فقالوا: أنت كبيرنا وأنت سيدنا, فمرنا بما شئت, فقال: آمركم أن تجيئوا بفلانة البغي, فتجعلوا لها جعلا فتقذفه بنفسها, فدعوها فجعل لها جعلا على أن تقذفه بنفسها, ثم أتى موسى, فقال لموسى: إن بني إسرائيل قد اجتمعوا لتأمرهم ولتنهاهم, فخرج إليهم وهم في براح من الأرض, فقال: يا بني إسرائيل من سرق قطعنا يده, ومن افترى جلدناه, ومن زنى وليس له امرأة جلدناه مائة, ومن زنى وله امرأة جلدناه حتى يموت, أو رجمناه حتى يموت « الطبري يشكّ » فقال له قارون: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا، قال: فإن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة. قال: ادعوها, فإن قالت, فهو كما قالت; فلما جاءت قال لها موسى: يا فلانة, قالت: يا لبيك, قال: أنا فعلت بك ما يقول هؤلاء؟ قالت: لا وكذبوا, ولكن جعلوا لي جعلا على أن أقذفك بنفسي; فوثب, فسجد وهو بينهم, فأوحى الله إليه: مُر الأرض بما شئت, قال: يا أرض خذيهم! فأخذتهم إلى أقدامهم. ثم قال: يا أرض خذيهم, فأخذتهم إلى ركبهم. ثم قال: يا أرض خذيهم, فأخذتهم إلى حقيهم ثم قال: يا أرض خذيهم, فأخذتهم إلى أعناقهم؛ قال: فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى, ويتضرّعون إليه. قال: يا أرض خذيهم, فانطبقت عليهم, فأوحى الله إليه: يا موسى, يقول لك عبادي: يا موسى, يا موسى فلا ترحمهم؟ أما لو إياي دعوا, لوجدوني قريبا مجيبا; قال: فذلك قول الله: فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ وكانت زينته أنه خرج على دوابّ شقر عليها سروج حمر, عليهم ثياب مصبغة بالبهرمان .

قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ ... إلى قوله: وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ يا محمد تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ .

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا يحيى بن عيسى, عن الأعمش, عن المنهال, عن رجل, عن ابن عباس قال: لما أمر الله موسى بالزكاة, قال: رموه بالزنا, فجزع من ذلك, فأرسلوا إلى امرأة كانت قد أعطوها حكمها, على أن ترميه بنفسها; فلما جاءت عظم عليها, وسألها بالذي فلق البحر لبني إسرائيل, وأنـزل التوراة على موسى إلا صدقتِ. قالت: إذ قد استحلفتني, فإني أشهد أنك بريء, وأنك رسول الله, فخرّ ساجدا يبكي, فأوحى الله تبارك وتعالى: ما يبكيك؟ قد سلطناك على الأرض, فمُرها بما شئت, فقال: خذيهم, فأخذتهم إلى ما شاء الله, فقالوا: يا موسى, يا موسى، فقال: خذيهم, فأخذتهم إلى ما شاء الله, فقالوا: يا موسى, يا موسى، فخسفتهم. قال: وأصاب بني إسرائيل بعد ذلك شدة وجوع شديد, فأتوا موسى, فقالوا: ادع لنا ربك; قال: فدعا لهم, فأوحى الله إليه: يا موسى, أتكلمني في قوم قد أظلم ما بيني وبينهم خطاياهم, وقد دعوك فلم تجبهم, أما إياي لو دعوا لأجبتهم.

حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا أبي, عن الأعمش, عن المنهال, عن سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ ) قال: قيل للأرض خذيهم, فأخذتهم إلى أعقابهم; ثم قيل لها: خذيهم, فأخذتهم إلى ركبهم; ثم قيل لها: خذيهم, فأخذتهم إلى أحقائهم; ثم قيل لها: خذيهم, فأخذتهم إلى أعناقهم ; ثم قيل لها: خذيهم, فخسف بهم, فذلك قوله: ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ ) .

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا علي بن هاشم بن البريد, عن الأعمش, عن المنهال, عن سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس, في قوله: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى قال: كان ابن عمه, وكان موسى يقضي في ناحية بني إسرائيل, وقارون في ناحية, قال: فدعا بغية كانت في بني إسرائيل, فجعل لها جعلا على أن ترمي موسى بنفسها, فتركته إذا كان يوم تجتمع فيه بنو إسرائيل إلى موسى, أتاه قارون فقال: يا موسى ما حد من سرق؟ قال: أن تنقطع يده, قال: وإن كنت أنت؟ قال: نعم ; قال. فما حد من زنى؟ قال: أن يرجم, قال: وإن كنت أنت؟ قال: نعم; قال: فإنك قد فعلت, قال: ويلك بمن؟ قال: بفلانة، فدعاها موسى, فقال: أنشدك بالذي أنـزل التوراة, أصدق قارون؟ قالت: اللهمّ إذ نشدتني, فإني أشهد أنك برئ, وانك رسول الله, وأن عدو الله قارون جعل لي جعلا على أن أرميك بنفسي; قال: فوثب موسى, فخر ساجدا لله, فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك, فقد أمرت الأرض أن تطيعك, فقال موسى: يا أرض خذيهم, فأخذتهم حتى بلغوا الحقو, قال: يا موسى; قال: خذيهم, فأخذتهم حتى بلغوا الصدور, قال: يا موسى, قال: خذيهم, قال: فذهبوا. قال: فأوحى الله إليه يا موسى: استغاث بك فلم تغثه, أما لو استغاث بي لأجبته ولأغثته.

حدثنا بشر بن هلال الصوّاف, قال: ثنا جعفر بن سليمان الضبعيّ, قال: ثنا عليّ بن زيد بن جدعان, قال: خرج عبد الله بن الحارث من الدار, ودخل المقصورة; فلما خرج منها,جلس وتساند عليها, وجلسنا إليه, فذكر سليمان بن داود قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ... إلى قوله: فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ثم سكت عن ذكر سليمان, فقال: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وكان قد أوتي من الكنوز ما ذكر الله في كتابه مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ , ( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي قال: وعادى موسى, وكان مؤذيا له, وكان موسى يصفح عنه ويعفو, للقرابة, حتى بنى دارا, وجعل باب داره من ذهب, وضرب على جدرانه صفائح الذهب, وكان الملأ من بني إسرائيل يغدون عليه ويروحون, فيطعمهم الطعام, ويحدّثونه ويضحكونه, فلم تدعه شقوته والبلاء, حتى أرسل إلى امرأة من بني إسرائيل مشهورة بالخنا, مشهورة بالسب, فأرسل إليها فجاءته, فقال لها: هل لك أن أموّلك وأعطيك, وأخلطك في نسائي, على أن تأتيني والملأ من بني إسرائيل عندي, فتقولي: يا قارون, ألا تنهى عني موسى، قالت: بلى. فلما جلس قارون, وجاء الملأ من بني إسرائيل, أرسل إليها, فجاءت فقامت بين يديه, فقلب الله قلبها, وأحدث لها توبة, فقالت في نفسها: لأن أحدث اليوم توبة, أفضل من أن أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأكذّب عدو الله له. فقالت: إن قارون قال لي: هل لك أن أموّلك وأعطيك, وأخلطك بنسائي, على أن تأتيني والملأ من بني إسرائيل عندي, فتقولي: يا قارون ألا تنهى عني موسى, فلم أجد توبة أفضل من أن لا أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأكذب عدو الله; فلما تكلمت بهذا الكلام, سقط في يدي قارون, ونكس رأسه, وسكت الملأ وعرف أنه قد وقع في هلكة, وشاع كلامها في الناس, حتى بلغ موسى; فلما بلغ موسى اشتدّ غضبه, فتوضأ من الماء, وصلى وبكى, وقال: يا ربّ عدوك لي مؤذ, أراد فضيحتي وشيني, يا ربّ سلطني عليه. فأوحى الله إليه أن مر الأرض بما شئت تطعك. فجاء موسى إلى قارون; فلما دخل عليه, عرف الشرّ في وجه موسى له, فقال: يا موسى ارحمني; قال: يا أرض خذيهم, قال: فاضطربت داره, وساخت بقارون وأصحابه إلى الكعبين, وجعل يقول: يا موسى, فأخذتهم إلى ركبهم, وهو يتضرّع إلى موسى: يا موسى ارحمني; قال: يا أرض خذيهم, قال فاضطربت داره وساخت وخُسف بقارون وأصحابه إلى سررهم, وهو يتضرّع إلى موسى: يا موسى ارحمني; قال: يا أرض خذيهم, فخسف به وبداره وأصحابه. قال: وقيل لموسى صلى الله عليه وسلم: يا موسى ما أفظك، أما وعزّتي لو إياي نادى لأجبته.

حدثني بشر بن هلال, قال: ثنا جعفر بن سليمان, عن أبي عمران الجوني, قال: بلغني أنه قيل لموسى: لا أعبد الأرض لأحد بعدك أبدا.

حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي, وعبد الحميد الحماني, عن سفيان, عن الأغر بن الصباح, عن خليفة بن حصين, قال عبد الحميد, عن أبي نصر, عن ابن عباس, ولم يذكر ابن مهدي أبا نصر ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ ) قال: الأرض السابعة.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: بلغنا أنه يخسف به كلّ يوم مائة قامة, ولا يبلغ أسفل الأرض إلى يوم القيامة, فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.

حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا زيد بن حبان, عن جعفر بن سليمان, قال: سمعت مالك بن دينار, قال: بلغني أن قارون يخسف به كلّ يوم مائة قامة.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ ) ذكر لما أنه يخسف به كلّ يوم قامة, وأنه يتجلجل فيها, لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة.

وقوله: ( فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) يقول: فلم يكن له جند يرجع إليهم, ولا فئة ينصرونه لما نـزل به من سخطه, بل تبرءوا منه.

( وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ) يقول: ولا كان هو ممن ينتصر من الله إذا أحل به نقمته، فيمتنع لقوته منها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة: ( فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ ) أي جند ينصرونه, وما عنده منعة يمتنع بها من الله.

وقد بيَّنا معنى الفئة فيما مضى وأنها الجماعة من الناس, وأصلها الجماعة التي يفيء إليها الرجل عند الحاجة إليهم, للعون على العدوّ, ثم تستعمل ذلك العرب في كل جماعة كانت عونا للرجل, وظهرا له; ومنه قول خفاف:

فَلَـــمْ أَرَ مِثْلَهُــمْ حَيًّــا لَقَاحًــا وَجَــدّكَ بيــنَ نَاضِحَــةٍ وَحَجْـرِ

أشَــدَّ عــلى صُـرُوفِ الدَّهْـرِ آدًا وأكـــبرَ منهُــمُ فِئَــةً بِصَــبْرِ

 

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ( 82 )

يقول تعالى ذكره: وأصبح الذين تمنَّوا مكانه بالأمس من الدنيا, وغناه وكثرة ماله, وما بسط له منها بالأمس, يعني قبل أن ينـزل به ما نـزل من سخط الله وعقابه, يقولون: ويكأنّ الله ...

اختلف في معنى ( وَيْكَأَنَّ اللَّهَ ) فأما قَتادة, فإنه رُوي عنه في ذلك قولان: أحدهما ما:

حدثنا به ابن بشار, قال: ثنا محمد بن خالد بن عثمة, قال: ثنا سعيد بن بشير, عن قَتادة, قال في قوله: ( وَيْكَأَنَّهُ ) قال: ألم تر أنه.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( وَيْكَأَنَّهُ ) أولا ترى أنه.

وحدثني إسماعيل بن المتوكل الأشجعي, قال: ثنا محمد بن كثير, قال: ثني معمر, عن قَتادة ( وَيْكَأَنَّهُ ) قال: ألم تر أنه.

والقول الآخر: ما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة, في قوله: ( وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ ) قال: أو لم يعلم أن الله ( وَيْكَأَنَّهُ ) أو لا يعلم أنه.

وتأول هذا التأويل الذي ذكرناه عن قَتادة في ذلك أيضا بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة, واستشهد لصحة تأويله ذلك كذلك, بقول الشاعر:

ســـألَتانِي الطَّــلاقَ أنْ رأتــانِي قَــلَّ مــالي, قَــدْ جِئْتُمـا بِنُكْـرِ

وَيْكـأن مَـنْ يَكُـنْ لَـهُ نشـب يُـحْ بَـبْ وَمـن يَفْتَقِـرْ يعِش عَيْشَ ضَـرّ

وقال بعض نحويي الكوفة: « ويكأنّ » في كلام العرب: تقرير, كقول الرجل: أما ترى إلى صُنع الله وإحسانه، وذكر أنه أخبره من سمع أعرابية تقول لزوجها: أين ابننا؟ فقال: ويكأنه وراء البيت. معناه: أما ترينه وراء البيت؟ قال: وقد يذهب بها بعض النحويين إلى أنها كلمتان, يريد: ويك أنه, كأنه أراد: ويلك, فحذف اللام, فتجعل « أن » مفتوحة بفعل مضمر, كأنه قال: ويلك اعلم أنه وراء البيت, فأضمر « اعلم » .

قال: ولم نجد العرب تعمل الظن مضمرا, ولا العلم وأشباهه في « أن » , وذلك أنه يبطل إذا كان بين الكلمتين, أو في آخر الكلمة, فلما أضمر جرى مجرى المتأخر; ألا ترى أنه لا يجوز في الابتداء أن يقول: يا هذا أنك قائم, ويا هذا أن قمت, يريد: علمت, أو أعلم, أو ظننت, أو أظنّ، وأما حذف اللام من قولك: ويلك حتى تصير: ويك, فقد تقوله:العرب, لكثرتها في الكلام, قال عنترة:

وَلَقَـدْ شَـفَى نَفْسِـي وَأَبْـرَأَ سُـقْمَها قَـوْلُ الفَـوَارِسِ وَيْـكَ عَنْـتَرَ أَقْـدِمِ

قال: وقال آخرون: إن معنى قوله: ( وَيْكَأَنَّ ) : « وي » منفصلة من كأنّ, كقولك للرجل: وَيْ أما ترى ما بين يديك؟ فقال: « وي » ثم استأنف, كأن الله يبسط الرزق, وهي تعجب, وكأنّ في معنى الظنّ والعلم, فهذا وجه يستقيم. قال: ولم تكتبها العرب منفصلة, ولو كانت على هذا لكتبوها منفصلة, وقد يجوز أن تكون كَثُر بها الكلام, فوصلت بما ليست منه .

وقال آخر منهم: إن « ويْ » : تنبيه, وكأنّ حرفٌ آخر غيره, بمعنى: لعل الأمر كذا, وأظنّ الأمر كذا, لأن كأنّ بمنـزلة أظنّ وأحسب وأعلم.

وأولى الأقوال في ذلك بالصحة: القول الذي ذكرنا عن قَتادة, من أن معناه: ألم تر, ألم تعلم, للشاهد الذي ذكرنا فيه من قول الشاعر, والرواية عن العرب; وأن « ويكأنّ » في خطّ المصحف حرف واحد. ومتى وجه ذلك إلى غير التأويل الذي ذكرنا عن قَتادة, فإنه يصير حرفين, وذلك أنه إن وجه إلى قول من تأوّله بمعنى: ويلك اعلم أن الله؛ وجب أن يفصل « ويك » من « أن » , وذلك خلاف خط جميع المصاحف, مع فساده في العربية, لما ذكرنا. وإن وجه إلى قول من يقول: « وي » بمعنى التنبيه, ثم استأنف الكلام بكأن, وجب أن يفصل « وي » من « كأن » , وذلك أيضا خلاف خطوط المصاحف كلها .

فإذا كان ذلك حرفا واحدا, فالصواب من التأويل: ما قاله قَتادة, وإذ كان ذلك هو الصواب, فتأويل الكلام: وأصبح الذين تمنوا مكان قارون وموضعه من الدنيا بالأمس, يقولون لما عاينوا ما أحلّ الله به من نقمته: ألم تريا هذا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده, فيوسع عليه, لا لفضل منـزلته عنده, ولا لكرامته عليه, كما كان بسط من ذلك لقارون, لا لفضله ولا لكرامته عليه ( وَيَقْدِرُ ) يقول: ويضيق على من يشاء من خلقه ذلك, ويقتر عليه, لا لهوانه, ولا لسخطه عمله.

وقوله: ( لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ) يقول: لولا أن تفضل علينا, فصرف عنا ما كنا نتمناه بالأمس ( لَخَسَفَ بِنَا ) .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى شيبة: « لخُسِفَ بِنَا » بضم الخاء, وكسر السين وذُكر عن شيبة والحسن: ( لَخَسَفَ بِنَا ) بفتح الخاء والسين, بمعنى: لخسف الله بنا.

وقوله: ( وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) يقول: ألم تعلم أنه لا يفلح الكافرون, فَتُنجِح طلباتهم.

 

القول في تأويل قوله تعالى : تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ( 83 )

يقول تعالى ذكره: تلك الدار الآخرة نجعل نعيمها للذين لا يريدون تكبرا عن الحقّ في الأرض وتجبرا عنه ولا فسادا. يقول: ولا ظلم الناس بغير حقّ, وعملا بمعاصي الله فيها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا عبد الله بن المبارك, عن زياد بن أبي زياد, قال: سمعت عكرمة يقول: ( لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا ) قال: العلو: التجبر.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن مسلم البطين ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا ) قال: العلو: التكبر في الحقّ, والفساد: الأخذ بغير الحق.

حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا أبي, عن سفيان, عن منصور, عن مسلم البطين: ( لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ ) قال: التكبر في الأرض بغير الحقّ ( وَلا فَسَادًا ) أخذ المال بغير حق.

قال: ثنا ابن يمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد بن حُبَير: ( لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ ) قال: البغي.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قوله: ( لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ ) قال: تعظُّما وتجبرا ( وَلا فَسَادًا ) : عملا بالمعاصي.

حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا أبي, عن أشعث السمان, عن أبي سلمان الأعرج, عن عليّ رضي الله عنه قال: إن الرجل ليعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك صاحبه, فيدخل في قوله: ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) .

وقوله: ( وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) يقول تعالى ذكره: والجنة للمتقين, وهم الذين اتقوا معاصي الله, وأدّوا فرائضه.

وبنحو الذي قلنا في معنى العاقبة قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة: ( وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) أي الجنة للمتقين.

 

القول في تأويل قوله تعالى : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( 84 )

يقول تعالى ذكره: من جاء الله يوم القيامة بإخلاص التوحيد, فله خير, وذلك الخير هو الجنة والنعيم الدائم, ومن جاء بالسيئة, وهى الشرك بالله.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد قال ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ) أي: له منها حظّ خير, والحسنة: الإخلاص, والسيئة: الشرك.

وقد بيَّنا ذلك باختلاف المختلفين, ودللنا على الصواب من القول فيه.

وقوله: ( فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ) يقول: فلا يثاب الذين عملوا السيئات على أعمالهم السيئة ( إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) يقول: إلا جزاء ما كانوا يعملون.