القول في تأويل قوله تعالى : رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ( 17 ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 18 ) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ( 19 ) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ( 20 ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 21 )

يقول تعالى ذكره: ذلكم أيها الثقلان ( رَبُّ المَشْرقَينِ ) ، يعني بالمشرقين: مشرق الشمس في الشتاء، ومشرقها في الصيف.

وقوله: ( وَرَبُّ المَغْرِبَينِ ) يعني: وربّ مغرب الشمس في الشتاء، ومغربها في الصيف.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن ابن أبزى، قوله: ( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ) قال: مشارق الصيف ومغارب الصيف، مشرقان تجري فيهما الشمس ستون وثلاث مئة في ستين وثلاث مئة بُرْج، لكلّ برج مطلع، لا تطلع يومين من مكان واحد. وفي المغرب ستون وثلاث مئة برج، لكل برج مغيب، لا تغيب يومين في برج.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ) قال: مشرق الشتاء ومغربه، ومشرق الصيف ومغربه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ) فمشرقها في الشتاء، ومشرقها في الصيف.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة قوله: ( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ) قال: مشرق الشتاء ومغربه، ومشرق الصيف ومغربه.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال: ابن زيد، في قوله: ( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ) قال: أقصر مشرق في السنة، وأطول مشرق في السنة، وأقصر مغرب في السنة، وأطول مغرب في السنة.

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول: فبأيّ نعم ربكما معشر الجنّ والإنس من هذه النعم التي أنعم بها عليكم من تسخيره الشمس لكم في هذين المشرقين والمغربين تجري لكما دائبة بمرافقكما، ومصالح دنياكما ومعايشكما تكذّبان.

وقوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) يقول تعالى ذكره: مرج ربّ المشرقين وربّ المغربين البحرين يلتقيان، يعني بقوله: ( مَرَجَ ) : أرسل وخلى، من قولهم: مرج فلان دابته: إذا خلاها وتركها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ) يقول: أرسل.

واختلف أهل العلم في البحرين اللذين ذكرهما الله جلّ ثناؤه في هذه الآية، أيّ البحرين هما؟ فقال: بعضهم: هما بحران: أحدهما في السماء، والآخر في الأرض.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن ابن أبزى ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) قال: بحر في السماء، وبحر في الأرض.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر عن سعيد، في قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال: بحر في السماء، وبحر في الأرض.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال: بحر في السماء والأرض يلتقيان كل عام.

وقال آخرون : عني بذلك بحر فارس وبحر الروم.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن زياد مولى مصعب، عن الحسن ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال: بحر الروم، وبحر فارس واليمن.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) فالبحران: بحر فارس، وبحر الروم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال: بحر فارس وبحر الروم.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عُني به بحر السماء، وبحر الأرض، وذلك أن الله قال يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ، واللؤلؤ والمرجان إنما يخرج من أصداف بحر الأرض عن قطَرْ ماء السماء، فمعلوم أن ذلك بحر الأرض وبحر السماء.

وقوله: ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) ، يقول تعالى ذكره: بينهما حاجز وبعدٌ، لا يُفسد أحدهما صاحبه فيبغي بذلك عليه، وكل شيء كان بين شيئين فهو برزخ عند العرب، وما بين الدنيا والآخرة برزخ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن ابن أبزى ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) : لا يبغي أحدهما على صاحبه.

قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا فطر، عن مجاهد، قوله: ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) قال: بينهما حاجز من الله، لا يبغي أحدهما على الآخر.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) يقول: حاجز.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) ، والبرزخ : هذه الجزيرة، هذا اليبَس.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: البرزخ الذي بينهما: الأرض التي بينهما.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) قال: حُجِز المالح عن العذب، والعذب عن المالح، والماء عن اليبس، واليبس عن الماء، فلا يبغي بعضه على بعض بقوتّه ولطفه وقُدرته.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) قال: منعهما أن يلتقيا بالبرزخ الذي جعل بينهما من الأرض. قال: والبرزخ بعد الأرض الذي جعل بينهما.

واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( لا يَبْغِيانِ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: لا يبغي أحدهما على صاحبه.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عَن جعفر، عن ابن أبزى ( لا يَبْغِيانِ ) : لا يبغي أحدهما على صاحبه.

قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا فطر، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة مثله.

وقال آخرون : بل معنى ذلك: أنهما لا يختلطان.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( لا يَبْغِيانِ ) قال: لا يختلطان.

وقال آخرون : بل معنى ذلك: لا يبغيان على اليَبَس.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( لا يَبْغِيانِ ) : على اليبس، وما أخذ أحدهما من صاحبه فهو بغي، فحجز أحدهما عن صاحبه بقدرته ولطفه وجلاله تبارك وتعالى.

وقال آخرون : بل معناه: لا يبغيان أن يلتقيا.

ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( لا يَبْغِيانِ ) قال: لا يبغي أحدهما أن يلتقي مع صاحبه.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله وصف البحرين اللذين ذكرهما في هذه الآية أنهما لا يبغيان، ولم يخصص وصفهما في شيء دون شيء، بل عمّ الخبر عنهما بذلك، فالصواب أن يُعَمَّ كما عمّ جلّ ثناؤه، فيقال: إنهما لا يبغيان على شيء، ولا يبغي أحدهما على صاحبه، ولا يتجاوزان حدّ الله الذي حدّه لهما.

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ، يقول تعالى ذكره: فبأيّ نعم الله ربكما معشر الجنّ والإنس تكذّبان من هذه النعم التي أنعم عليكم من مَرْجه البحرين، حتى جعل لكم بذلك حلية تلبسونها كذلك.

 

القول في تأويل قوله تعالى : يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ( 22 ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 23 ) وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ ( 24 ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 25 )

يقول تعالى ذكره: يخرج من هذين البحرين اللذين مرجهما الله، وجعل بينهما برزخا اللؤلؤ والمرجان. واختلف أهل التأويل في صفة اللؤلؤ والمرجان، فقال بعضهم: اللؤلؤ : ما عظم من الدر، والمرجان : ما صغُر منه.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد، عن ابن عباس ( اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) قال: اللؤلؤ : العظام.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) ، أما اللؤلؤ فعظامه، وأما المرجان فصغاره، وإن لله فيهما خزانة دلّ عليها عامة بني آدم، فأخرجوا متاعا ومنفعة وزينة، ويُبلغه إلى أجل.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) قال: اللؤلؤ الكبار من اللؤلؤ، والمرجان: الصغار منه.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) ، أما المرجان: فاللؤلؤ الصغار، وأما اللؤلؤ: فما عظُم منه.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) ، قال: اللؤلؤ: ما عظُم منه، والمرجان: اللؤلؤ والصغار.

وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: المرجان: هو اللؤلؤ الصغار.

وحدثنا عمرو بن سعيد بن بشار القرشي، قال: ثنا أبو قتيبة، قال: ثنا عبد الله بن ميسرة الحراني، قال: ثني شيخ بمكة من أهل الشأم، أنه سمع كعب الأحبار يُسأل عن المرجان، فقال: هو البسذ.

قال أبو جعفر: البسذ له شُعَب، وهو أحسن من اللؤلؤ.

وقال آخرون: المرجان من اللؤلؤ : الكبار، واللؤلؤ منها : الصغار.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، أو قيس بن وهب، عن مرّة، قال: المرجان: اللؤلؤ العظام.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: المرجان، قال: ما عظم من اللؤلؤ.

حدثني محمد بن سنان القزاز، قال: ثنا الحسين بن الحسن الأشقر، قال: ثنا زُهير، عن جابر، عن عبد الله بن يحيى، عن عليّ وعن عكرِمة، عن ابن عباس، قال: المرجان: عظيم اللؤلؤ.

وقال آخرون : المرجان: جيد اللؤلؤ.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا شريك، عن موسى بن أبي عائشة، قال: سألت مرّة عن اللؤلؤ والمرجان قال: المرجان: جيد اللؤلؤ.

وقال آخرون : المرجان: حجر.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون الأودي عن ابن مسعود، ( اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) قال: المرجان حجر.

والصواب من القول في اللؤلؤ، أنه هو الذي عرفه الناس مما يخرج من أصداف البحر من الحبّ، وأما المرجان، فإني رأيت أهل المعرفة بكلام العرب لا يتدافعونه أنه جمع مرجانة، وأنه الصغار من اللؤلؤ. قد ذكرنا ما فيه من الاختلاف بين متقدمي أهل العلم، والله أعلم بصواب ذلك.

وقد زعم بعض أهل العربية، أن اللؤلؤ والمرجان يخرج من أحد البحرين، ولكن قيل: يخرج منهما، كما يقال أكلت خبزا ولبنا، وكما قيل:

وَرأيْــتُ زَوْجَــكِ فِــي الـوَغَى مُتَقَلِّــــدًا سَــــيْفا وَرُمْحـــا

وليس ذلك كما ذهب إليه، بل ذلك كما وصفت من قبل من أن ذلك يخرج من أصداف البحر، عن قطر السماء، فلذلك قيل: ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ ) يعني بهما: البحران.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن سفيان بن جبير، عن ابن عباس، قال: إن السماء إذا أمطرت، فتحت الأصداف أفواهها، فمنها اللؤلؤ.

حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال: ثنا أبو يحيى الحماني، قال: ثنا الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: إذا نـزل القطر من السماء، تفتَّحت الأصداف فكان لؤلؤا.

حدثني عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي، قال: ثنا الفريابي، قال: ذكر سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن سعيد بن جَبُيْر، عن ابن عباس، قال: إن السماء إذا أمطرت تفتحت لها الأصداف، فما وقع فيها من مطر فهو لؤلؤ.

حدثنا محمد بن إسماعيل الفزاري، قال: أخبرنا محمد بن سوار، قال: ثنا محمد بن سليمان الكرخي ابن أخي عبد الرحمن بن الأصبهاني، عن عبد الرحمن الأصبهاني، عن عكرِمة، قال: ما نـزلت قطرة من السماء في البحر إلا كانت بها لؤلؤة أو نبتت بها عنبرة. فيما يحسب الطبري.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: ( يَخْرُجُ ) على وجه ما لم يسمّ فاعله . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة وبعض المكيين بفتح الياء.

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب، لتقارب معنييهما.

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ، يقول تعالى ذكره: فبأيّ نِعم ربكما معشر الثقلين التي أنعم بها عليكم فيما أخرج لكم من منافع هذين البحرين تكذّبان.

وقوله: ( وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ ) ، يقول تعالى ذكره: ولربّ المشرقين والمغربين الجواري، وهي السفن الجارية في البحار.

وقوله: ( الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة ( المُنْشِئاتُ ) بكسر الشين، بمعنى: الظاهرات السير اللاتي يقبلن ويدبرن. وقرأ ذلك عامة قرّاء البصرة والمدينة وبعض الكوفيين ( المُنْشَئاتُ ) ، بفتح الشين، بمعنى المرفوعات القلاع اللاتي تقبل بهنّ وتدبر.

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى متقاربتاه، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب.

* ذكر من قال في تأويل ذلك ما ذكرناه فيه:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ ) قال: ما رفع قلعه من السفن فهي منشئات، وإذا لم يرفع قلعها فليست بمنشأة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ ) يعني: السفن.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ ) : يعني: السفن.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قَال ابن زيد، في قوله: ( وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ ) قال: السفن.

وقوله: ( كالأعْلام ) يقول : كالجبال، شبَّه السفن بالجبال، والعرب تسمي كل جبل طويل علما، ومنه قول جرير:

إذا قَطَعْنـــا عَلَمــا بَــدَا عَلَــمُ ...................

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول تعالى ذكره : فبأيّ نعم ربكما معشر الجنّ والإنس التي أنعمها عليكم، بإجرائه الجواري المنشئات في البحر جارية بمنافعكم- تكذّبان.

 

القول في تأويل قوله تعالى : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ( 26 ) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ( 27 ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 28 ) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ( 29 ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 30 )

يقول تعالى ذكره: كلّ من على ظهر الأرض من جنّ وإنس فإنه هالك، ويبقى وجه ربك يا محمد ذو الجلال والإكرام; وذو الجلال والإكرام من نعت الوجه فلذلك رفع ذو. وقد ذُكر أنها في قراءة عبد الله بالياء، ( ذي الجَلال والإكْرام ) على أنه من نعت الربّ وصفته.

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ نِعَم ربكما معشر الثقلين من هذه النعم تكذّبان.

وقوله: ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) يقول تعالى ذكره: إليه يَفْزع بمسألة الحاجات كلّ من في السموات والأرض، من مَلَك وإنس وجنّ وغيرهم، لا غنى بأحد منهم عنه.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) ، لا يستغني عنه أهل السماء ولا أهل الأرض، يُحْيي حَيا، ويُمِيت ميتا، ويربي صغيرا، ويذلّ كبيرًا، وهو مَسْأل حاجات الصالحين، ومنتهى شكواهم، وصريخ الأخيار.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: يعني مسألة عباده إياه الرزق والموت والحياة، كلّ يوم هو في ذلك.

وقوله ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) ، يقول تعالى ذكره: هو كلّ يوم في شأن خلقه، فيفرج كرب ذي كرب، ويرفع قوما، ويخفض آخرين، وغير ذلك من شئون خلقه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن يونس بن خباب، والأعمش عن مجاهد، عن عبيد بن عمير، ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: يجيب داعيا، ويعطي سائلا أو يفكّ عانيا، أو يشفي سقيما.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير في قوله: ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: يفكّ عانيا، ويشفي سقيما، ويجيب داعيا.

وحدثني إسماعيل بن إسرائيل اللآل، قال: ثنا أيوب بن سويد، عن سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، في قوله: ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: من شأنه أن يعطي سائلا ويفك عانيا، ويجيب داعيا، ويشفي سقيما.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: كلّ يوم هو يجيب داعيا، ويكشف كربا، ويجيب مضطرًا، ويغفر ذنبا.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) يجيب داعيا، ويعطي سائلا ويفك عانيا، ويتوب على قوم، ويغفر.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: يخلق مخلقا، ويميت ميتا، ويحدث أمرا.

حدثني عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي، قال: ثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، قال: ثنا عمرو بن بكر السكسكي، قال: ثنا الحارث بن عبدة بن رباح الغساني، عن أبيه عبدة بن رباح، عن منيب بن عبد الله الأزدي، عن أبيه قال: تلا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم هذه الآية ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) فقلنا: يا رسول الله، وما ذلك الشأن؟ قال: « يَغْفِرُ ذَنْبَا، ويُفَرّجُ كَرْبا، ويَرْفَعُ أقْوَاما، وَيَضَعُ آخَرِينَ . »

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، عن أبي حمزة الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: إن الله خلق لوحا محفوظا من درّة بيضاء، دفتاه ياقوتة حمراء، قلمه نور، وكتابه نور، عرضه ما بين السماء والأرض، ينظر فيه كلّ يوم ثلاث مئة وستين نظرة، يخلق بكل نظرة، ويُحيي ويميت، ويُعزّ ويُذلّ، ويفعل ما يشاء.

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ، يقول تعالى ذكره: فبأيّ نِعَم ربكما معشر الجنّ والإنس، التي أنعم عليكم من صرفه إياكم في مصالحكم، وما هو أعلم به منكم من تقليبه إياكم، فيما هو أنفع لكم تكذّبان.

 

القول في تأويل قوله تعالى : سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ( 31 ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 32 ) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ( 33 ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 34 )

اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض المكيين ( سَنَفَرغُ لَكُمْ ) بالنون. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ( سَيَفرغ لَكُمْ ) بالياء، وفتحها ردّا على قوله: يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، ولم يقل : يسألنا من في السموات، فأتبعوا الخبر الخبر.

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب.

وأما تأويله : فإنه وعيد من الله لعباده وتهدد، كقول القائل الذي يتهدّد غيره ويتوعده، ولا شغل له يشغله عن عقابه، لأتفرغنّ لك، وسأتفرّغ لك، بمعنى: سأجدّ في أمرك وأعاقبك، وقد يقول القائل للذي لا شغل له: قد فرغت لي، وقد فرغت لشتمي: أي أخذت فيه، وأقبلت عليه، وكذلك قوله جلّ ثناؤه: ( سَنَفْرغُ لَكُمْ ) : سنحاسبكم، ونأخذ في أمركم أيها الإنس والجنّ، فنعاقب أهل المعاصي، ونثيب أهل الطاعة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) ، قال: وَعيد من الله للعباد، وليس بالله شغل، وهو فارغ.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة أنه تلا ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) قال: دنا من الله فراغ لخلقه.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جُويبر، عن الضحاك ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) ، قال: وعيد، وقد يحتمل أن يوجه معنى ذلك إلى: سنفرغ لكم من وعدناكم ما وعدناكم من الثواب والعقاب.

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) : فبأيّ نعم ربكما معشر الثقلين التي أنعمها عليكم، من ثوابه أهل طاعته، وعقابه أهل معصيته تكذّبان؟.

وقوله: ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا ) : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا ) ، فقال بعضهم: معنى ذلك : إن استطعتم أن تجوزوا أطراف السموات والأرض، فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم؛ فجوزوا ذلك، فإنكم لا تجوزونه إلا بسلطان من ربكم. قالوا : وإنما هذا قول يقال لهم يوم القيامة. قالوا: ومعنى الكلام: سنفرغ لكم أيها الثقلان، فيقال لهم ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا ) .

ذكر من قال ذلك:

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقيّ، قال: ثنا أبو أسامة، عن الأجلح، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم، قال: « إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشقَّقت بأهلها، ونـزل من فيها من الملائكة، فأحاطوا بالأرض ومن عليها بالثانية، ثم بالثالثة، ثم بالرابعة، ثم بالخامسة، ثم بالسادسة، ثم بالسابعة، فصفوا صفا دون صف، ثم ينـزل الملك الأعلى على مجنبِّته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهل الأرض ندوّا، فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قول الله إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ، وذلك قوله: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ، وقوله: ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ) ، وذلك قوله: وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا . »

وقال آخرون : بل معنى ذلك : أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض، فانفذوا هاربين من الموت، فإن الموت مُدرككم، ولا ينفعكم هربكم منه.

ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ ) .... الآية، يعني بذلك أنه لا يجيرهم أحد من الموت، وأنهم ميتون لا يستطيعون فرارا منه، ولا محيصا، لو نفذوا أقطار السموات والأرض كانوا في سُلطان الله، ولأخذهم الله بالموت.

وقال آخرون : بل معنى ذلك: إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموا.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ) يقول: إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموه، لن تعلموه إلا بسلطان، يعني البينة من الله جلّ ثناؤه.

وقال آخرون : معنى قوله: ( لا تَنْفُذُونَ ) : لا تخرجون من سلطاني.

ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ) : يقول: لا تخرجون من سلطاني .

وأما الأقطار فهي جمع قُطْر، وهي: الأطراف.

كماحدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) قال: من أطرافها.

وقوله جلّ ثناؤه وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا يقول: من أطرافها.

وأما قوله: ( إلا بسُلْطانٍ ) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه، فقال بعضهم معناه : إلا ببينة وقد ذكرنا ذلك قبل.

وقال آخرون: معناه: إلا بحجة.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن رجل، عن عكرِمة ( لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ) قال: كلّ شيء في القرآن سلطان فهو حجة.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( بسُلْطانٍ ) قال: بحجة.

وقال آخرون : بل معنى ذلك: إلا بملك وليس لكم ملك.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة ( فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ) قال: لا تنفذون إلا بملك، وليس لكم ملك.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ) قال: إلا بسلطان من الله، إلا بملكة منه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ) ، يقول: إلا بملكة من الله.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: إلا بحجة وبينة، لأن ذلك هو معنى السلطان في كلام العرب، وقد يدخل الملك في ذلك، لأن الملك حجة.

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ، يقول تعالى ذكره: فبأيّ نعم ربكما تكذّبان معشر الثقلين التي أنعمت عليكم - من التسوية بين جميعكم، لا يقدرون على خلاف أمر أراده بكم- تكذّبان.

 

القول في تأويل قوله تعالى : يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ ( 35 ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 36 ) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ( 37 ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 38 )

يقول تعالى ذكره ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا ) أيها الثقلان يوم القيامة ( شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) ، وهو لهبها من حيث تشتعل وتؤجَّج بغير دخان كان فيه ومنه قول رُؤْبة بن العجَّاج:

إنَّ لَهُــمْ مِــنْ وَقْعِنــا أقْياظــا ونــارُ حَــرْب تُسْــعِرُ الشُّـوَاظا

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) ، يقول: لَهَب النار.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) يقول: لهب النار.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: لهب النار.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد الزُّبيري، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: اللهب المتقطع.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن منصور، عن مجاهد ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: الشُّواظ: الأخضر المتقطع من النار.

قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد في قوله: ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: الشواظ : هذا اللهب الأخضر المتقطع من النار.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، في قوله: ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: الشواظ: اللهب الأخضر المتقطع من النار.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الضحاك: ( الشُّوََاظُ ) : اللهب.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) : أي لهب من نار.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: لهب من نار.

وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: الشواظ: اللهب، وأما النحاس فالله أعلم بما أراد به.

ذكر من قال ذلك:

وقال آخرون : الشُّواظ : هو الدخان الذي يخرج من اللهب.

ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) : الدخان الذي يخرج من اللهب ليس بدخان الحطب.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( شُوَاظٌ ) ، فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة والبصرة، غير ابن أبي إسحاق ( شُوَاظٌ ) بضم الشين، وقرأ ذلك ابن أبي إسحاق، وعبد الله بن كثير ( شِوَاظٌ مِنْ نارٍ ) بكسر الشين، وهما لغتان، مثل الصوار من البقر، والصّوار بكسر الصاد وضمها. وأعجب القراءتين إليّ ضمّ الشين، لأنها اللغة المعروفة، وهي مع ذلك قراءة القرّاء من أهل الأمصار.

وأما قوله: ( ونُحاسٌ ) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنيّ به، فقال بعضهم: عُنِي به الدخان.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: ثنا موسى بن عمير، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله: ( وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ ) قال: النحاس: الدخان.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: ( ونُحاسٌ ) : دخان النار.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ( ونُحاسٌ ) : قال: دخان.

وقال آخرون : عني بالنحاس في هذا الموضع: الصُّفر.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( ونُحاسٌ ) قال: النحاس: الصفر يعذّبون به.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( ونُحاسٌ ) قال: يذاب الصفر من فوق رءوسهم.

قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد ( ونُحاسٌ ) قال: يذاب الصفر فيصبّ على رأسه.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، ( ونُحاسٌ ) : يذاب الصفر فيصبّ على رءوسهم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، ( ونُحاسٌ ) قال: توعدهما بالصُّفر كما تسمعون أن يعذّبهما به.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ ) قال: يخوّفهم بالنار وبالنحاس.

وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عُنِي بالنحاس: الدخان، وذلك أنه جلّ ثناؤه ذكر أنه يرسل على هذين الحيَّين شواظ من نار، وهو النار المحضة التي لا يخلطها دخان. والذي هو أولى بالكلام أنه توعدهم بنار هذه صفتها أن يُتبع ذلك الوعد بما هو خلافها من نوعها من العذاب، دون ما هو من غير جنسها، وذلك هو الدخان، والعرب تسمي الدخان نُحاسا بضم النون، ونحاسا بكسرها، والقرّاء مجمعة على ضمها، ومن النُّحاس بمعنى الدخان، قول نابغة بني ذُبيان:

يَضُــوءُ كَضَــوْء سِـرَاج السَّـلي ط لْــم يجْــعَل اللــهُ فيـهِ نُحاسـا

يعني : دخانا.

وقوله: ( فَلا تَنْتَصِرَانِ ) يقول تعالى ذكره: فلا تنتصران أيها الجنّ والإنس منه، إذا هو عاقبكما هذه العقوبة، ولا تُستنقذان منه.

كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( فَلا تَنْتَصِرَانِ ) قال: يعني الجنّ والإنس.

قال: وقوله: ( فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) يقول تعالى ذكره: فإذا انشقَّت السماء وتفطَّرت، وذلك يوم القيامة، فكان لونها لون البرذون الورد الأحمر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا محمد بن الصلت، قال: ثنا أبو كدينة، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس ( فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) قال: كالفرس الورد.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ( فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) يقول: تغير لونها.

حدثنا عبد الله بن أحمد بن حيوية، قال: ثنا شهاب بن عباد، قال: ثنا إبراهيم بن حميد، عن إسماعيل ابن أبي خالد عن أبي صالح في قوله: ( وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) قال: كلون البرذون الورد، ثم كانت بعد كالدهان.

حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) يقول: تتغير السماء فيصير لونها كلون الدابة الوردة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) : هي اليوم خضراء كما ترون، ولونها يوم القيامة لون آخر.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا ابن العوّام، عن قتادة، في قوله: ( فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) قال: هي اليوم خضراء، ولونها يومئذ الحمرة.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) قال: إنها اليوم خضراء، وسيكون لها يومئذ لون آخر.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، فى قوله: ( فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) ، قال: مشرقة كالدهان.

واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( كالدّهانِ ) ، فقال بعضهم: معناه كالدهن صافية الحمرة مشرقة.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) قال: كالدهن.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( كالدّهانِ ) يعني: خالصة.

وقال آخرون : عني بذلك: فكانت وردة كالأديم، وقالوا: الدهان: جماع، واحدها دهن.

وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عني به الدهن في إشراق لونه، لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب.

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ قدرة ربكما معشر الجنّ والإنس - على ما أخبركم بأنه فاعل بكم- تكذّبان.

 

القول في تأويل قوله تعالى : فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ( 39 ) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( 40 )

يقول تعالى ذكره : فيومئذ لا يسأل الملائكة المجرمين عن ذنوبهم، لأن الله قد حفظها عليهم، ولا يسأل بعضهم عن ذنوب بعض، ربهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ) يقول تعالى ذكره: لا يسألهم عن أعمالهم، ولا يسأل بعضهم عن بعض وهو مثل قوله: وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ، ومثل قوله لمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ .

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله: ( لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ) قال: حفظ الله عزّ وجلّ عليهم أعمالهم.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ) قال: كان مجاهد يقول: لا يسأل الملائكة عن المجرم يعرفون بسيماهم.

حدثنا محمد بن بشار، وقال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام عن قتادة ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ) قال: قد كانت مسألة ثم ختم على ألسنة القوم، فتتكلم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ نعم ربكما معشر الثقلين، - التي أنعم عليكم من عدله فيكم، أنه لم يعاقب منكم إلا مجرما- .