حكم من ارتكبت الفاحشة، هل تخبر زوجها؟

محمد الحسن الددو الشنقيطي

السؤال: ما حكم امرأة متزوجة ارتكبت الفاحشة نعوذ بالله مع رجل، سواء كان ذلك الرجل متزوجاً أم لا؟ وسواء كانت الفاحشة كبرى أو صغرى مثل أن يباشرها، فهل تخبر الزوج بذلك أم لا؟
الإجابة: إن هذا -نعوذ بالله- من أعظم أنواع الكبائر ومن أفحشها عقوبة شرعاً، فإن الله سبحانه وتعالى أغناها عن ارتكاب الفاحشة، وهي محصنة وجزاؤها الدنيوي هو الرجم حتى تموت، فلذلك هذا النوع من الخيانة هو أعظمها كما بين النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله أبو ذر عن أكبر الكبائر قال: "أن تتخذ لله نِدَّاً وهو خلقك"، قال: ثم ماذا؟ قال: "أن تزاني حليلة جارك"، قلت: ثم ماذا؟ قال: "أن تقتل ولدك خشية أن يشركك في معاشك"، فهذا من أكبر الكبائر وأغلظها عند الله سبحانه وتعالى وأشدها عقوبة.

والنبي صلى الله عليه وسلم بيَّن كذلك الذين يخاصمهم الله يوم القيامة كما في الحديث القدسي: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته: ملك كذاب، وأشيمط زان، وعائل مستكبر" ملكٌ كذاب، فالرئيس العام أو الملك كذبه على الناس هذا من أغلظ الكذب وأفحشه، لأنه سيكون تضليلاً للعامة، وكذلك كل أفعاله التي لا يستطيع أحد ردها، لأنه إذا كذب على الناس لن يستطيع أحد القيام في وجهه وتكذيبه، فسينتشر الكذب حينئذ ويشيع، ومثل ذلك كل أعماله الفاحشة الكبيرة، فإذا فعلها كان الأصل إذا فعلها غيره أن يشكى إليه هو فيغير، فإذا فعلها هو فشكايته إلى الله وحده فقط، فلذلك كان الله خصمه يوم القيامة، ومثل ذلك الأشيمط الزاني، معناه من كان كبيراً وكان زانياً نعوذ بالله، فهذا خصمه الله يوم القيامة، وكذلك العائل المستكبر أي الفقير المتكبر الذي لا يعمل ولا يكتسب تكبراً، فهو متكبر وليس له وسيلة للتكبر أصلاً، فهذا خصمه الله يوم القيامة.

لكن ليس عليها أن تصرح بما ذكرت لزوجها إلا إذا كانت تخاف أن تكون قد حملت من الزنا، فإن استطاعت أن تستتر بستر الله وأن لا تخبر زوجها بذلك فذلك أولى، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم في حق من أصاب من هذه القاذورات شيئاً، فإنه إن استتر بستر الله كان صائراً إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، وإن عوقب بشيء منها في الدنيا كان له كفارة.

فلذلك عليها أن تستتر بستر الله وأن تتوب إلى الله وأن تكثر التوبة والإنابة إلى الله، وتبتعد عن مثل هذا النوع من الفواحش، وتعلم ما فيه من الضرر الماحق في الدنيا والآخرة.

وبالنسبة للاستبراء: فإن استطاعت أن تمتنع عن زوجها بالأعذار كأن تخرج لحاجة أو تسافر حتى تحيض ثم تطهر فذلك أولى استبراءً، وإن لم تستطع واستطاعت الكشف الطبي للفحص هل حصل حمل أم لا فذلك أيضاً مما يُعتمد عليه.

وأما إن حصل حملٌ فلابد أن تخبره، إن حصل الحمل من ذلك الوطء المحرم فلابد أن تخبر زوجها بأن هذا الحمل ليس منه وتبين له الحال، فإن ذكرت أنها اغتصبت ونحو ذلك فذلك أولى، لا بالنسبة للكشف لا يقوم مقام العدد، لكنه قرينة تعتمد هي عليها فقط في مثل هذا النوع فقط، فالكشف مطلقاً لا يقوم مقام العدة، بل العدة هي الأصل وهي التي شرعها الله في كتابه، وهي التي يستطيعها كل أحد، والكشف من الأمور المتعذرة على كثير من الناس وليس كل أحد يطيقه فلذلك لم يكلف الشارع به ولم يرتب عليه الأحكام المترتبة على العدة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.