كيف يقضي الله كوناً ما لا يحب؟

الشيخ محمد بن صالح العثيمين

السؤال: كيف يقضي الله كوناً ما لا يحب؟
الإجابة: المحبوب قسمان:
الأول: محبوب لذاته.
الثاني: محبوب لغيره.

فالمحبوب لغيره قد يكون مكروهاً لذاته، ولكن يحب لما فيه من الحكمة والمصلحة، فيكون حينئذ محبوباً من وجه، مكروهاً من وجه آخر، مثال ذلك قوله تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً}، فالفساد في الأرض في حد ذاته مكروه إلى الله تعالى؛ لأن الله تعالى لا يحب الفساد ولا المفسدين، ولكن للحكم التي يتضمنها يكون محبوباً إلى الله عز وجل من وجه آخر، وكذلك العلو في الأرض، ومن ذلك القحط، والجدب، والمرض، والفقر يقدره الله تعالى على عباده مع أنه ليس محبوباً إليه في حد ذاته، لأن الله لا يحب أن يؤذي عباده بشيء من ذلك،بل يريد بعباده اليسر، لكن يقدره للحكم المترتبه عليه، فيكون محبوباً إلى الله من وجه، مكروهاً من وجه آخر، قال الله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}.

فإن قيل: كيف يتصور أن يكون الشيء محبوباً من وجه ومكروهاً من وجه آخر؟

أجيب: بأن هذا أمر واقع لا ينكره العقل، ولا يرفضه الحس فها هو الإنسان المريض يعطى جرعة من الدواء مرة كريهة الرائحة، واللون، فيشربها وهو يكرهها لما فيها من المرارة، وكراهة اللون، والرائحة، ويحبها لما يحصل فيها من الفشاء، وكذا الطبيب يكوي المريض بالحديدة المحماة على النار، ويتألم منها فهذا الألم مكروه له من وجه، محبوب له من وجه آخر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - المجلد الثاني - باب القضاء والقدر.