ما حكم السلام على من يصلي؟

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال: ما حكم أداء السلام عند الدخول إلى المسجد والإمام يقرأ القرآن؟ لدينا: يُحبذون عدم أدائها، ويفسرون أن الناس في هذا الوقت يكونون في موضع عبادة يستحسن عدم التشويش عليهم. جزاكم الله خيراً.
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:



فإنه يشرع للمسلم أن يبدأ أخاه المسلم بالسلام وهو يصلي وكان في المسجد، ولكن لا يرد المصلي السلامَ إلا بالإشارة محافظة على صلاته وهو مذهب الحنابلة وقد دلت عليه أدلة كثيرة:

منها: ما رواه أبو داود والنسائي والترمذي عن صهيب رضي الله عنه قال: "مرَرْت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلِّي، فسلَّمتُ عليه، فردَّ إِليَّ إشارة، وقال: لا أعلم إلا أنه قال: إشارة بإصبعه"؛ وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"، ورُوِي مثله عن بلال وأبي هريرة وأنس وعائشة.

ومنها: ما رواه أحمد والنسائي وغيرهما عن عبد الله بن مسعود قال: "كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فيرد علينا السلام، حتى قدمنا من أرض الحبشة فسلمت عليه فلم يرد علي، فأخذني ما قرب وما بعد، فجلست حتى إذا قضى الصلاة قال: "إن الله عز وجل يحدث من أمره ما يشاء وإنه قد أحدث من أمره أن لا يتكلم في الصلاة"، فأقرَّه صلى الله عليه وسلم على إلقاء السلام.

ومنها: ما رواه أحمد وأصحاب السنن عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت لبلال: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو في الصلاة؟ قال: "يشير بيده".

قال الإمام الشوكاني: "الأحاديث المذكورة تدل على أنه لا بأس أن يسلم غير المصلي على المصلي لتقريره صلى الله عليه وآله وسلم من سلم عليه على ذلك، وأنه يستحب الرد بالإشارة والمانعين من ذلك".

وقال البهوتي -الحنبلي- في كشاف القناع: "والمذهب لا يكره السلام على المصلي، نص عليه وفعله ابن عمر، لقوله تعالى: {فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم} أي أهل دينكم، ولأنه صلى الله عليه وسلم حين سلم عليه أصحابه لم ينكر ذلك".

وكره جمهور أهل العلم إلقاء السلام على المشتغل بالصلاة، لما يترتب عليه من التشويش عليهم وشغل قلوبهم عن الاستماع لقراءة الإمام.

والراجح -والعلم عند الله- هو مذهب الحنابلة لقوة أدلته، إلا أنه ينبغي مراعاة أحوال الناس وتأليفهم وترك كل ما يؤدي إلى التنازع والفرقة؛ فلو أدى إلقاء السلام على من في الصلاة إلى التنازع فإنه يترك لأنه مباح فقط وليس بمستحب، ولأن النبي ترك بعض الواجبات لتأليف الناس، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من فتاوى زوار موقع هدى الاسلام.