حكم الزيادة في ثمن السلعة مقابل التقسيط

الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي

-->
السؤال: أنا عندي محل أبيع فيه ثلاجات وغسالات وتلفزيونات وكل الأجهزة؛ فهل يجوز لي زيادة ثمن السلعة مقابل بيعها بالتقسيط؟ أفيدونا أكرمكم الله.
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه يجوز البيع بالتقسيط إلى أجل معلوم، ولو مع زيادة الثمن، إذا وقع البيع مستوفيا الشروط؛ ومنها: أن تكون العين المباعة مباحة، وأن تكون من مالكها أو وكيله، وأن تكون الأقساط معلومة والأجل مسمى؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:281].

ومن الشروط اتفاق الطرفين على الثمن، وعلى طريقة الدفع؛ وهل هي بالتقسيط، أم بالدفع حالاً قبل إبرام العقد؟

ومنها أن تكون الزيادة على السعر واقعة قبل العقد لا بعده؛ بحيث يقع العقد على سعر محدد ومعلوم لطرفي التعاقد، وغير قابل للزيادة عند التأخر في سداد الأقساط.

ومن المعلوم أن للزمن حصة في الثمن، فزيادة الثمن في مقابلة الوقت جائز في البيوع وهو مما تقتضيه قواعد الشرع وتتحقق به مصالح الناس وإن كان في الديون محرماً وربا؛ لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} [البقرة:275]، وهو مذهب الأئمة الأربعة وأهل الظاهر.

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى المنع، واحتجوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا" (رواه أبو داود والترمذي).

وأجيب بأنه "حديث ضعيف" تكلم فيه غير واحد من أهل العلم؛ قال المنذري: وقد فسره سماك والشافعي بأن يقول : "بعتك بألف نقداً أو ألفين إلى سنة، فخذ أيهما شئت أنت وشئت أنا"، قال الشوكاني : "ولا حجة في الحديث على المنع؛ لأن غاية ما فيه الدلالة على المنع من البيع، إذا وقع على عدم استقرار الثمن في صورة بيع الشيء الواحد بثمنين، فلو قال: اخترت النسيئة أو الناجز؛ لصح البيع.

قال القاضي : إن المسألة مفروضة على أنه قبل على الإبهام، أما لو قال: قبلت بألف نقداً وبألفين بالنسيئة؛ صح ذلك؛ لأن عدم الجزم بأحدهما مع تخيير المشتري بين الطريقتين يوقع البيع على الجهالة وهو باطل شرعاً" بتصرف، وأيضاً قد يقال: "إن بيع التقسيط بأكثر من سعر اليوم ليس بيعتين في بيعة؛ وإنما هي بيعة واحدة لها أكثر من ثمن".

واعلم أن البيع بالتقسيط يختلف عن الربا -وإن وجد تشابه بينهما في كون سعر الآجل أو التقسيط في مقابل الأجل- ووجه الفرق أن بيع سلعة قيمتها الآن ألف، وألف ومائة بعد أشهر مثلاً؛ هو نوع من التسامح في البيع؛ لأن المشتري أخذ سلعةً لا دراهم، ولم يعط زيادة من جنس ما أعطى، أما الربا فالزيادة موجودة للأجل، ومن المعلوم أن دفع القيمة في الحال أفضل وأكثر من المؤجل الذي يدفع في المستقبل. والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موقع الألوكة