السفر إلى بلاد المشركين

عبد الله بن عبد العزيز العقيل

السؤال: ما حكم السفر إلى بلاد المشركين ؟
الإجابة: نرى لزاماً علينا بيان حكم السفر إلى بلاد المشركين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى، وأن ذلك حرام لمن لم يقدر على إظهار دينه.

▪ وليس إظهار الدين أنه يستطيع أن يتلفظ بالشهادتين ويصلي الصلوات ولا يُرَد عن المساجد ولا يشرب الخمر ولا يأكل لحم الخنزير ونحو ذلك، بل إظهار الدين أمر وراء ذلك، وهو تبيين الرجل عقيدته الإسلامية عند كل مناسبة، وتكفير كل من خالفها، وعيبهم والتحفظ من مودتهم والركون إليهم واعتزالهم، والبراءة منهم.

كما قال تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام: {إِنَّا بُرَءَاءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُواْ بِالله وَحْدَهُ} (1).

والنصوص في هذا كثيرة من الكتاب والسنة، وكلام محققي العلماء من أئمة الدعوة، وغيرهم. فمن ذلك ما ورد في آيات الهجرة، وقوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (2)، {لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ الله عَلَيْهِمْ} (3)، {وَلَا تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} (4)، {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ} (5)، {لَا تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} (6) وغيرها من الآيات. وكلام المفسرين في هذه الآيات الكريمات ظاهر لا إشكال فيه.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ البيعة على أصحابه: أن لا ترى نارُك نارَ المشركين إلا أن تكون حرباً لهم (7). وغير ذلك من الأحاديث الواردة في الباب.

▪ وهنا مسألة مهمة لا يستهان بها، وهي أن سفر الإنسان لبلادهم لأجل العلاج أو للتجارة أو للسياحة أيسر وأخف من سفره ليكون تلميذاً لهم، يتلقى عنهم العلوم، ويأتمر بما يأمرونه به، وينتهي عما ينهونه عنه، فإن هذا أعظم جُرماً وأشد خطراً، قال الله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (8). وليس المقصود استيفاء ما ورد في هذا الباب، فنكتفي منه بهذه العجالة. والله الموفق.

___________________________________________

1 - سورة الممتحنة: الآية (4).
2 - سورة المائدة: الآية (51).
3 - سورة الممتحنة: الآية (13).
4 - سورة هود: الآية (113).
5 - سورة المجادلة: الآية (22).
6 - سورة المائدة: الآية (51).
7 - أخرجه أبو داود (2645)، والترمذي (1604) من حديث أبي معاوية عن إسماعيل عن قيس عن جرير به. قال أبو داود: رواه هشيم ومعمر وخالد الواسطي وجماعة، لم يذكروا جريراً، ورواه الترمذي (1605) مرسلا، وقال: وأكثر أصحاب إسماعيل عن قيس بن أبي حازم، أن رسول الله... ولم يذكروا فيه عن جرير، وسمعت البخاري يقول: الصحيح حديث قيس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل.
8 - سورة البقرة: الآية (120).