في طريقها للالتزام

الشيخ حامد بن عبد الله العلي

السؤال: تحية إسلامية إلى كل عربية غيورة على إسلامها؛
أنا بكل بساطة فتاة عربية 'عمري 27 سنة التزمت مند 15 عشرة سنة أحب ديني وأتألم لمجرد إبحاري في مشاكلي العائلية واهتمامي بها لدرجة لا توصف رغم علمي أن لا شيء في الدنيا يستحق المعاناة ما دامت قدرات رب العزة فوق؛ إنني مند سنتين و أكتر وأنا أبحت عن أخوات ملتزمات لإرشادي ومنحي أرائهم في حل مشاكلي والأهم جعل كل همي الدين والصلاة والعبادة............
فلله الحمد أصلي مند صغري ' تربيت وسط عائلة جد محافظة لدرجة أني لاأستطئع مناقشة والدي في أمر زواجي الذي فرضه علي رغم اقتناعه مند البداية أنه زواج فاشل بكل بساطة لأنه على دراية بأن تلك الأسرة ليست متدينة وأن أبناءها يتعاطوا كل أنواع المحرمات "الفساد/ التدخين/الخمر......." لكن لاأعرف ماالدي جرى أكان إمتحان من الله أن أمر بهذه التجربة كي تصبح شخصيتي قوية أم هو خطأ أبي أدفع تمنه بسبب جمودي أمام قراراته'

أختي في الإسلام أعلم أني قد أطيل في الحديث لكن والله العظيم أني في حاجة ماسة لكل رأي قد ينفعني في تجاوز المحن ' فبعد زواجي ب 3 سنوات وصبر من الله طلقت وذلك بقرار من حماتي ببساطة بسبب وفاة الجنين الذي شاء الله أن يبقى على قيد الحياة 3 أيام فقط' هنا جاء الفرج فبعدها عن الإيمان جعلها تضن أني حتى لو رزقت طفلا آخر سيموت رغم مرورها بنفس التجربة مرارا لاأعرف انقلابها و لاأستطيع فهمها لكنه درس جيد إكتشفت خلاله ضعف شخصية زوجي الدي تركني وهو يبكي قائلا ما باليد حيلة فالأمر ليس فقط من والدتي بل أيضا من والدي الذي لا أستطيع رفض طلب له المهم هو أني الآن مطلقة وأعاني من نظرات أسرتي وشكوكها المستمر أني قد أخرج طاعة الله سبحانه وتعالى خصوصا أني بعد صدمت طلاقي لم أحتمل الجلوس المستمر في البيت والتجأت إلى الدراسة للحصول على شهادة للعمل والحمد لله تفوقت في هدا المجال' وأصبحت قوية الشخصية شيئا ما لكن أسرتي تتألم لاتستطيع للأن إستيعاب الموقف وأنا بطبع جد حساسة وكلامها بالمعاني يؤلمني خصوصا والدتي التي لاتنتهي من موال دكر زوجي وهي للأن تتبع أخباره ولاتفكر للحظة في مشاعري دائما نفس الكلام" إنه مازال يحبك ولم يشأ الزواج لأمه بعدك إحساسي قوي أنه سيعود لك" فهدا الكلام يعيدني دائما للحزن والبكاء المستمر' إدا صرخت وتألمت وقلت "كفى أمي إنني اتألم لاأريد سماع أي أخبار عنه" حينها فقط تدلي بما في داخلها قائلة "كنت متأكدة أن حلاوة الشارع ستعجبك ومن يعلم كم عشيق أو حبيب أصبح لديك' فشكوك والدك في محلها" أجبتها ماهي: يقول أخاف يوما أن تأتي إبنتك حاملا بطفل غير شرعي"

أختي المسلمة مادا سيكون إحساسك إدا كان أقرب الناس إلى قلبك يراقبونك ويشكون بك؟
فالله وحده يعلم مدى احترامي لأسرتي ولديني ولم أفكر يوما الخروج على طاعتهم.
أختي في الإسلام أعلم أن رسالتي قد تكون بعيدة كل البعد عن المواضيع التي تناقشونها لكن حبي الشديد وارتياحي لارائكم جعلني أقص جزء من الامي لأسمع آراءكم التي أنا في حاجة ضرورية لها لصبر وإيمان قوي ليس خوفا من تغييري نحو الأسوء بل لتجنب التفكير في ما هو خارج عن إرادتي.
جزاكم الله كل خير وبركة لاتبخلوا على أختكم في الإسلام بنصائح دينية تساهم في تغيير شك أسرتي وفي حماية من شر الدنيا وشر النفس الأمارة بسوء.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الإجابة: قصة مؤثرة حقا ، ولكن يجب أن تنظري دائما إلى جانب التفاؤل في كل حدث مكروه في الحياة ، هنا يكمن الحل ، ولكن أكثر الناس عن هذا غافلون .ـ

والنبي صلى الله عليه وسلم علمنا ذلك قال ( عجبا لامر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا فأمره كله خير وليس ذلك لاحد إلا المؤمن )

الامتحانات التي يمر بها الإنسان ، يجب أن يرى فيها تدبير الله تعالى له ، وأن الله تعالى يريد ان يكمله ، فيبتليه ، ليصبر وتكمل شخصيته الايمانية ، تماما مثل القائد العسكري إذا أراد أن يرقي بعض الجنود ، بعث بهم إلى المعارك ، ليحاربوا فيتعرضوا للأخطار ويسجلوا النصر
ثم تأتيهم الترقية ، وإذا أراد أن يهمل بعض الجنود تركهم في المعسكر

كذلك المؤمن مع الله ، يعرضه الله للمعارك مع الحياة ومع الشيطان ، فيصيبه الهم والغم وأذى الناس والمصائب ، فيصبر ويصبر ، فيحصل على ترقية إيمانية عند الله ، الله اختاره ولو شاء الله لتركه ، لكن الله تعالى اختاره ، ليدخل المعركة ، وإذا نظر العبد إلى أحداث الحياة من هذه
الزاوية ، يجد فيها تحد مثير جدا ، وتنبعث في نفسه روح التحدي والاصرار ، ويشعر بتشويق العلاقة مع الله تعالى ، وأن ثمة اختصاص ما ، جعل الله تعالى يمتحنه ، ولم يتركه هملا ، هذه النظرة هي سر النجاح في الحياة كلها ولكن اكثر الناس لايعلمون

اقرأي في جو إيماني وصافٍ في جنح الليل ، قصة مريم عليه السلام من سورة مريم ، اقرئيها بتدبر وترتيل واجمعي قلبك، تأملي كيف أن فتاة عذراء قليلة الحيلة ، قليلة التدبير ، من بيت صالح ، تحمل فجأة حملا من غير زواج ، وتذهب تواجه الناس كلهم ، كل الناس ، وهي وحيدة ضعيفة فتاة صغيرة ، لا حول لها ولاقوة ، وفي تجمهر عليها تشير إليها كل الاصابع بالاتهام ، وهي واقفة واجمة صابرة ، لاتستطيع الكلام ، فتشير بإصبعها في خوف وارتباك ، إلى الطفل في مهده ، وهنا تنجح في الامتحان ، ويكمل الله تعالى عنها بقية المعركة ، ويفتح عليها فتحا ، ويرفعها على نساء العالمين ـ

الله تعالى جعل لكل مبتلى مثلا في القرآن ، جعل لمن يبتلى الاعداء مثل نوح ومحمد ، ومن يبتلى بالطواغيت موسى ، ومن يبتلى بالحساد يوسف ، ومن يبتلى بالعشق يوسف أيضا ، ومن يبتلى بالمرض ايوب ، ومن يبتلى باتهام الناس مريم عليها السلام وهكذا

إذا تعلق قلب العبد بالله تعالى ، واتخذ من الله تعالى وكيلا ، وفوض أمره كله إليه ، فلن يبالي بكلام الناس ، لان الله تعالى سيملأ قلبه ثقة بالله ، واطمئنانا إليه ، ويجعل الناس في عينه كالتراب : كما قالت السيدة الصالحة رابعة العدوية رحمها الله : ـ

فليت الذي بيني وبينك عامر ** وبيني وبين العالمين تراب
إذا صح منك الود فالكل هين ** وكل الذي فوق التراب تراب

أسأل الله تعالى أن ينقلك بهذه المحنة إلى درجات أعلى ، فترين في ملكوت الإيمان عوضا عن كل مصيبة ، وفي رحاب التقوى بدلا صالحا عن كل أذى
والله أعلم