حكم التعصب للفروع وعكسه

الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي

السؤال: نرى أن كثيراً من أسباب الخلاف بين الناس هو التعصب للفروع أو العكس أي الإعراض عنها بالكلية.
الإجابة: نبه الإمام حفظه الله إلى مسألة مهمة من مهمات الدين وهي أنه لا إفراط ولا تفريط في دين الله، فإن كثيراً من الناس من أسباب الخلاف بينهم التعصب لبعض المسائل الفرعية أو الإعراض عن المسائل الفرعية الفقهية بالكلية، وكلا الطائفتين صاحب شطط وغلو، فدين الله سبحانه وتعالى فيه أدلة وفيه فروع مأخوذة من تلك الأدلة، ولا يمكن أن يستقيم الدين إلا هكذا فمن نبذ أفهام أهل العلم في الدين فقد رد على الله قوله: {لعلمه الذين يستنبطونه منهم}، ورد عليه قوله: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، ومن لم يعتمد كذلك على الدليل ولم يأخذ من الكتاب والسنة قد رد قول الله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}، فلابد من الجمع بين الأمرين والتوسط والاعتدال وعدم الغلو فلا إفراط ولا تفريط.

ولهذا فعلى الذين يزعمون أن الفقه ينبغي أن يحارب وأن ينبذ أن يتذكروا أن هذا الفقه ما هو إلا اجتهاد أئمة الدين من أدلة الكتاب والسنة الصحيحة، وأن هذا الاجتهاد غير معصوم فيه خطأ وفيه صواب، وأن الأئمة قطعاً معذورون فيما وقعوا فيه من الخطأ، فلكل واحد منهم أجر من أصاب له أجران ومن أخطأ فله أجر.

ولكن على الذين يدرسونه أن يدرسوا كذلك أدلته وأن يعرفوا مآخذه، وليس كل إنسان صالحاً للاستنباط أبداً، بل قد قال الله تعالى:{ {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}، ولم يقل: "لعلموه جميعاً".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.